رئيس التحرير
عصام كامل

الفدائي جلال عبده هاشم: رجال الشرطة البواسل كسروا غرور العدو الإنجليزي بالصمود والإرادة

البطل الفدائى جلال
البطل الفدائى جلال عبده هاشم

البطل الفدائى جلال عبده هاشم، اسم لا يزال محفورًا فى ذاكرة «المقاومة الشعبية»،  لا سيما أنه كان شاهد عيان على العديد من الأحداث التى مرت بـ«المدينة الباسلة»، بدءً من أيام الاحتلال الإنجليزى ومعركة «الشرطة» الشهيرة فى بداية عام 1952.

رؤية الفدائيين

أكد البطل جلال إلى أن كلمة «فدائي» اكتسبتها من حبى لبلدى ورؤية الفدائيين العظماء الذين تصدوا للاستعمار دون خوف، فأنا من مواليد 25 يناير 1941 بمدينة الإسماعيلية كان والدى تاجر أثاث معروف ولديه محال فى وسط المدينة، وهو أول شخص تعلمت على يديه معنى الوطنية فكان محلاته ومنزله مكان لتجمع الفدائيين الذين يدافعون عن مدينة الإسماعيلية ويقومون بعمليات انتحارية ضد الاستعمار الإنجليزى، وكنت أجلس مع والدى واستمع إلى القصص التى يقولونها عن مقاومة الاحتلال، كما أن والدى كان يساهم هو وبقية أصدقائه من تجار المدينة فى إمداد الفدائيين بالسلاح والذخيرة واحتياجاتهم كافة.

قناة السويس

وأضاف البطل الإسماعيلية منذ لحظة ميلادها بعد حفر قناة السويس وهى مطمع لكل محتل لوجود مبنى الهيئة، وأيضا لعبور المجرى المائى فيها، ومنذ طفولتى لدى ميول وطنية، وعندما كنت أشاهد أحد الفدائيين يمر حاملًا سلاحه من أمام المدرسة كنت أقفز من على السور وأمشى وراءه وأحاول لمس البندقية؛ لأنها بالنسبة لى رمز، فهى قتلت أحد جنود الإنجليز الذين يحتلون بلدى، ومن أهم الفدائيين الذين أتذكرهم حتى الآن وكانوا بمثابة المثل الأعلى لى: غريب تومى، ومحمود الكينج، والباشا، وعبد الحكيم، هذه أسماء أعظم فدائيين رأيتهم وسمعت منهم عندما كنت صغيرًا.

معركة الشرطة

وعن معركة الشرطة بالإسماعيلية يقول البطل هذا التاريخ محفور فى ذاكرتى، فقبله كانت مدينة الإسماعيلية شبه هادئة سوى من بعض العمليات البسيطة مثل قتل الفدائيين لأحد الضباط أو الجنود الإنجليز، أو الاستيلاء على بعض الأسلحة منهم، أو السلع التموينية، وكان المدينة تضم العديد من الجنسيات مثل اليونانيين والإنجليز والفرنسيين، وتحديدا فى 16 أكتوبر 1951 بدأ التصعيد والمشكلات عندما اندلعت مظاهرة كبرى لعمال السكة الحديد وبعض الطلاب فى الشوارع، وأحرقوا على إثرها مبنى «النافي» وهو مخزن السلع التموينية لجنود الاحتلال الإنجليزى الموجودين بمنطقة القناة، وبدأت المناوشات تزيد حتى طلب الإنجليز من الشرطة إخلاء مبنى المحافظة والأقسام.
وهذا اليوم محفور فى ذاكرتى لأنه ذكرى عيد ميلادى الحادى عشر، وفى هذا اليوم رأينا الدبابات الإنجليزية وكثير من الجنود متجهين إلى مبنى المحافظة وحاولوا إخلاء المبنى بمكبرات الصوت والتهديد، لكن الجنود المصريين دافعوا بكل قوة عن المبنى ورفضوا إخلاءه، بعدها سمعنا إطلاق النار، وبعد ساعات ذهبنا لنرى المجزرة التى قام بها الإنجليز تجاه الجنود والضباط الذين كانوا متواجدين وقتها داخل المكان، وكانت المعركة غير متكافئة فالقوات البريطانية كان عددها 7000 آلاف جندى ضد 880 مصرى، استشهد منهم 50 شهيدًا 80 جريحًا، و13 قتيلًا من الإنجليز و22 جريحًا فقط.

محررة فيتو مع البطل الفدائى جلال عبده هاشم

مشاهد البطولة

وكشف جلال أن الشرطة المصرية  جسدت خلال المعركة أروع مشاهد البطولة فى التاريخ للدفاع عن الأرض، وأذكر أنني ذهبت مع أشقائي ووالدي إلى هناك للمساعدة فى عمليات الإنقاذ، وكانت سيارات الإسعاف تنقل الجرحى والجثث ملقاة، ولا أستطيع وصف المشهد، لكن كل ما يمكننى قوله إنه كان يكشف وحشية الاستعمار أمام فدائية أبناء الشرطة البواسل المخلصين للأرض، وحافظوا عنها بكل قوتهم رغم تسليحهم البدائي أمام المدافع الإنجليزية.
بعد أشهر قليلة من هذه المعركة اندلعت ثورة 23 يوليو 1952، لتبدأ الإسماعيلية مرحلة جديدة من العمليات الفدائية، والتحقت مع أشقائي بمنظمة الشباب بالإسماعيلية لنعاون فى مقاومة الاحتلال البريطانى وجلائه عن مصر.
ويضيف البطل الفدائي جلال يمكن القول إن الفدائيين كانوا صداعًا فى رأس الاستعمار البريطانى حتى أن البريطانيين كانوا يخترعون أشياء مضادة، فمثلا كان يستهدف الفدائيين بعض جنود الاحتلال وضربهم لأخذ السلاح منهم على الدراجات، فاخترعوا مقدمة للدرجات تمنع الفدائيين من الإيقاع بهم، بالإضافة إلى المشى فى جماعات سواء فى تنقلاتهم الداخلية أو من خلال الانتقال من معسكر إلى معسكر ثانى، وكان الفدائيون ينصبون كمائن للجنود خارج المناطق السكنية والحصول منهم على الذخيرة والسلاح وتعطيل الأرتال العسكرية، لكن فى الصباح كان جيش الاحتلال يبحث عنهم فى كل مكان دون جدوى، فكنا نخبئهم فى أماكن لا تخطر على عقل جنود الاحتلال، وكنا ننظم ورديات حراسة فى الشوارع وأمام المبانى المهمة ونحمل السلاح خوفا من تعدى جنود الاحتلال على الممتلكات حتى تم جلاؤهم عن الإسماعيلية، والتى تركوها وراءهم خرابًا.

الجريدة الرسمية