رئيس التحرير
عصام كامل

5 سنين جونة.. مهرجان ولد كبيرًا.. نجاح عالمي منذ النسخة الأولى.. وتكريم لرموز الفن العربي

سلفستر ستالوني أثناء
سلفستر ستالوني أثناء تكريمه في مهرجان الجونة

تنطلق الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائى، في الفترة ما بين 14 حتى 22 أكتوبر الجاري، وقد استعدت مدينة الجونة في قلب الغردقة لاستقبال المهرجان وضيوفه وفاعلياته. 

 

وعلى الرغم من أن المهرجان لا يزال فى سنواته الأولى إلا أنه في خلال أربع سنوات فقط نجح في تكوين سمعة كبيرة وصلت به إلى العالمية.

 

مهرجان الجونة السينمائي ولد كبيرًا، وظل عامًا بعد الآخر يحقق نجاحات مدهشة على جميع المستويات: فنيًا وجماهيريًا وإنسانيًا، وحتى على مستوى صناعة المحتوى، وهو ما جعله محط أنظار نجوم العالم.

 

وتكتسب النسخة الجديدة من المهرجان أهمية كبيرة، من حيث عدد الأفلام المشاركة وتصل إلى 75 فيلمًا من 44 دولة، وهو ما يعكس الثقة العالمية التي يحظى بها المهرجان الذي صار منافسًا للمهرجانات العالمية، ويحتل رقمًا مهمًا في صناعة السينما.. وفيما يلي إطلالة سريعة على الدورات الأربع الماضية، وملامح الدورة الخامسة، وحوار مهم  مع رئيس العمليات بالمهرجان  الفنانة بشرى.

 

الدورة الأولى.. سينما من أجل الإنسانية

في الدورة الأولى من مهرجان الجونة التي انطلقت في العام 2017 كان هناك سؤال يتردد كثيرًا ما بين محبى السينما وفى أروقة عالم الفن، وهو "ما الذى سيضيفه المهرجان؟ وما الذي سيقدمه مختلفًا عن كل مهرجانات السينما التى ستقام فى مصر؟"، ولكن بمجرد إقامة الدورة الأولى تلاشت كل تلك الأسئلة، ووجد كل سائل إجابة لسؤاله من خلال أحداث المهرجان.


الجونة نجح منذ البداية فى استقطاب أبرز الشخصيات الفنية فى مصر، فيكفى أنه نجح فى دورته الأولى فى تكريم الفنان عادل إمام الذى لم ينجح أي مهرجان مصرى آخر فى تكريمه، وحتى على المستوى العربى لم يذهب عادل إمام لمهرجانات كثيرة، ربما مرة أو مرتين فقط، ومنح المهرجان جائزة الإنجاز الإبداعى للزعيم، وأتاح للجمهور مشاهدته فى حدث فنى، وهو أمر نادر جدًّا بالنسبة لفنان مثل عادل إمام.


لم يقف الأمر عند عادل إمام فقط، بل نجح المهرجان فى استضافة الفنان العالمى "فورست ويتكر" الحاصل على جائزة أوسكار أفضل ممثل عام 2007، وتم منحه جائزة الإنجاز الإبداعي، وأقيم له مؤتمر صحفى حضره عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين، وقد رفع مهرجان الجونة شعار "سينما من أجل الإنسانية" منذ دورته الأولى، وذلك ما تجسد من خلال مؤتمر «فورست ويتكر» الذى تم الإعلان خلاله عن خطة للتعاون المشترك مع الفنان العالمى فى جنوب السودان التى تعانى من أزمة إنسانية، حيث تم إنشاء مبادرة حملت عنوان "مبادرة ويتكر للسلام والتنمية"، وكان هدفها الأول تمكين الشباب فى جنوب السودان لدعم جهود نشر السلام والتنمية فى مجتمعاتهم المحلية.


وشهدت الدورة الأولى أيضا تواجد نجوم السينما المصرية والعربية بشكل كامل، وهو أمر لم يتكرر فى مهرجانات مصرية أو عربية بشكل كامل، حيث كان يحضر بعض نجوم الصف الأول، ولم يجمعهم مهرجان واحد مثل الدورة الأولى من الجونة، كما تفاعلوا مع الجمهور فى العروض السينمائية، وكان الأمر أشبه بمجتمع صغير داخل المدينة الساحلية، ما نتج عنه أجواء احتفالية سينمائية خاصة أسعدت جميع الحضور.


وبالطبع لن ننسى أغنية "3 دقات" التى كانت نتاج الدورة الأولى من مهرجان الجونة، وهى ليست مجرد أغنية عادية، ولكنها حالة خاصة لخصت الدورة الأولى من المهرجان وفعالياته، وصورت للجمهور الأجواء داخل الدورة الأولى، كما أنها حققت نجاحًا كبيرًا جدًّا، وشهدت ميلاد فنان جديد وهو "أبو"، الذى حقق نجاحًا كبيرًا خلال الأغنية لم يتحقق فى أي أعمال أخرى، حيث إن الأغنية تمت ترجمتها لعدة لغات أخرى، وانتشرت حول العالم.

 

الدورة الثانية.. هنا نجوم هوليود

نجح المهرجان في دورته الثانية في استقطاب مجموعة من نجوم هوليوود، فقد نجح  في جلب النجم الأمريكي «باتريك ديمبسي» الذي كان ضيف شرف هذه الدورة، وتم تكريمه خلالها، وكذلك النجم البريطانى «كليف أوين»، وكانت مفاجأة كبيرة خلال المهرجان حينما وصل إلى الجونة نجم هوليود الكوميدى «أوين ويلسون» الذي أقيمت له ندوة خاصة، وكذلك هو الذى افتتح الحفل الختامى للمهرجان، وكانت المفاجأة الأكبر تكريم الفنان العالمى «سلفستر ستالون» خلال الحفل من المهندس نجيب ساويرس، فقد كانت الدورة مليئة بالنجوم من أوروبا وأمريكا والعالم أجمع.


لم يتوقف الأمر عند استضافة نجوم هوليود، فقد استمر مهرجان الجونة فى الشراكات الدولية التى عقدها فى دورته الأولى، بل أضاف عليها شراكات أكبر مع "فاراتي" و"فيستيفال سكوب" و"آسيا باسيفك أوورد"، بالإضافة لتعاون آخر مع مؤسسة "يونيفراس" الفرنسية، وهي مؤسسة معنية بتوزيع الفيلم الفرنسى حول العالم، وتسهيل عروضها فى المهرجانات الدولية، وخلف جسر للتواصل بين المهرجانات وكبرى شركات توزيع الأفلام فى فرنسا.


واستمر المهرجان فى سياسته بتكريم كبار صناع السينما فى مصر والعالم العربى، والتى كان قد بدأها مع الزعيم عادل إمام فى دورته الأولى، حيث منح جائزة الإنجاز الإبداعي خلال هذه الدورة إلى المخرج المصري الكبير داود عبد السيد، والمنتجة التونسية درة بوشوشة، بالإضافة لتكريم باتريك ديمبسي.


واحتفى المهرجان بالمخرج المصرى العالمى الراحل يوسف شاهين بمناسبة إتمام 10 أعوام على رحيله، وذلك من خلال برنامج سينمائى خاص، تم إعداده للاحتفاء بثلاثة من أهم صناع السينما، كما أقيم معرض خاص للمخرج الإيطالي العبقري فيدريكو فيلليني بمناسبة 25 عامًا على رحيله، بالإضافة لبرنامج خاص عن المخرج السويدي الكبير إنجمار برجمان الذي صادف هذا العام مئويته، بالتعاون مع سفارة السويد ومؤسسة السينما السويدية.



الدورة الثالثة.. الصعود إلى القمة

في الدورة الثالثة من مهرجان الجونة كان واضحًا للعيان أن المهرجان فرض نفسه على المنطقة العربية والشرق الأوسط، خاصة فى ظل عدم إقامة مهرجان دبى فى الفترة الأخيرة، وتراجع مهرجان القاهرة السينمائى قليلًا خلال السنوات الماضية قبل أن يستعيد عافيته فى نفس العام، ليؤكد الجونة تنصيب نفسه كأكبر مهرجان سينمائي في السنوات الحالية فى العالم العربى والشرق الأوسط.


لم يتراجع المهرجان عن إظهار قوته فى جلب أهم نجوم العالم، ولم يكتف بنجوم هوليوود الذين استضافهم فى أول دورتين، وقدم أولى مفاجآته خلال الأيام الأولى من المهرجان باستضافة الفنان المصرى العالمى مينا مسعود بطل فيلم "علاء الدين" الذى شاركه بطولته نجم هوليوود ويل سميث، وحقق وقتها نجاحًا كبيرًا وإيرادات تاريخية تخطت المليار دولار، كما نجحت إدارة المهرجان فى إقناع نجم الأكشن الأمريكى ستيفين سيجال لحفل الختام، حيث تم تكريمه خلال الحفل، وكتأكيد قدرة المهرجان على استمراره فى استقطاب أهم نجوم السينما العالميين، وزادت عدد القنوات العالمية التي حضرت فعاليات المهرجان عن الأعوام السابقة، وذلك لما لمسوه من نجاح في الدورتين الأولى والثانية ورغبتهم في نقل أحداث المهرجان الوليد والضخم خلال تلك الدورة.


وعلى المستوى الإقليمي والعربي كان هناك نجاح كبير فى تكريم واحد من أهم نجوم الكوميديا في مصر والوطن العربي خلال العشرين عامًا الأخيرة، وهو الفنان محمد هنيدي، الذي كان مهرجان الجونة أول مهرجان مصري وعربي يهتم بفناني جيله لتكريمهم، ليتبع خطاه بعد ذلك بعض المهرجانات المصرية والعربية، حيث تم تكريم محمد هنيدي خلال تلك الدورة ومنحه جائزة الإنجاز الإبداعي، كما تم تكريم المخرجة الفلسطينية مي المصري خلال نفس الدورة.


وقد أولى المهرجان خلال هذه الدورة اهتمامًا خاصًّا بدعم صناعة السينما من خلال منح فرص أكبر للمشروعات المشاركة فى منصة الجونة ودعمها فى مراحل الإنتاج المختلفة، سواء فى مرحلة التطوير أو فى مرحلة ما بعد الإنتاج.


واستمرارًا للسير على نهج المهرجان وتأكيد رسالته التي حمل شعارها من أول دورة، وهي: "سينما من أجل الإنسانية"، أعلنت الفنانة منى زكي سفيرة اليونيسيف، خلال تلك الدورة عن عقد اتفاقية خاصة بين المنظمة ومهرجان الجونة السينمائى لمدة 5 سنوات لمساعدة الأطفال، وذلك من خلال إبراز مشكلاتهم فى الأعمال السينمائية، حيث إن الهدف الأساسى من تلك الاتفاقية مساعدة الأطفال من خلال المهرجان الذى أكد على دعمه للقضايا الإنسانية منذ أول انطلاقه في دورته الأولى.


وكانت الدورة الثالثة من المهرجان هي أكثر الدورات التي نجحت إدارة المهرجان من خلالها فى جلب أهم الأفلام التي شاركت في أهم المهرجانات السينمائية العالمية والدولية وعلى رأسها الأفلام التي عُرضت وحصلت على جوائز في مهرجان "كان"، "فينيسيا"، "برلين"، "كارلوفي فاري" و"إدفا"، وتم عرض 80 فيلمًا من أحدث إنتاجات السينما العالمية من مختلف دول العالم، وشملت لجان تحكيم المهرجان أهم أسماء صناع السينما فى تلك الدورة، إذ كانت تمثل نقطة الوصول للقمة فى تاريخ المهرجان القليل والذي لم يتوقف قطاره منذ بدأ أول دوراته.



الدورة الرابعة.. نجاح استثائي رغم كورونا

تأكيدا على قوة مهرجان الجونة السينمائي وعلى جدية إداراته والمؤسسات التى تدعمه، وفي ظل تفشي وباء كورونا خلال العام الماضي، وفي ظل إلغاء دورات العام الماضى من بعض مهرجانات السينما، خرجت إدارة مهرجان الجونة بقرار جرئ جدًا بإقامة الدورة الرابعة من المهرجان، وهو القرار الذي هاجمها بسببه البعض في حين رآها آخرون قرارًا شجاعًا ويعبر عن قوة إرادة وتحد في دعم صناعة السينما التي تأثرت بشدة خلال هذا العام بسبب تفشي هذا الوباء، ولكن فى النهاية وبعد إقامة الدورة أشاد الطرفان بصناع المهرجان.


واجهت إدارة مهرجان الجونة مجموعة من التحديات خلال هذه الدورة بسبب كورونا، فالتنقل بين الدول كان فى غاية الصعوبة بسبب إغلاق عدد كبير من الدول الأوروبية لحدودها ومن دخول وخروج الأفراد للحد من انتشار الفيروس، وهو ما جعل جلب ضيوف للمهرجان فى هذه الدورة أمرا صعبا للغاية، سواء كمكرمين أو ضيوف شرف أو حتى صناع الأفلام، ولكن صناع المهرجان أصروا على إقامة المهرجان، ووفروا كل وسائل الأمان والحماية لجميع الضيوف سواء فنانين أو أهل الصحافة والإعلام أو الجمهور.


وخلال هذا العام تم افتتاح مركز الجونة للمؤتمرات والثقافة، والذي تم بناؤه خصيصًا لحفلات افتتاح وختام مهرجان الجونة، كما أن بوستر تلك الدورة كان مستوحى من شكل مركز الجونة، واستمر المهرجان فى دعمه للسينما العربية من خلال مشروعاته المشتركة مع المهرجانات العالمية، حيث استمر تعاونه مع مهرجان مالمو فى دورته العاشرة، كما كانت هناك ورشة "فاينال كت" في مهرجان فينيسيا بالتعاون مع الجونة، وتم تقديم جوائز نقدية خلالها لمشروعات عربية.


وعلى مستوى التكريم، فقد استمر الجونة على نهجه المعتاد في تكريم كبار نجوم السينما المصرية، ووقع الاختيار فى هذه الدورة على الفنان خالد الصاوي، الذي اعتبره النقاد جوكر السينما المصرية في الوقت الحالى، وكذلك مصمم المناظر العبقرى أنسي أبو سيف لإسهاماته الكبيرة في صناعة السينما المصرية، حيث أقام له المهرجان معرضًا لبعض أعماله تضمن بوسترات لأفلامه واسكتشات وتخطيطات الديكور والأزياء في بعض أعماله.


واستمر في دعمه للسينما من خلال منصة الجونة، ومساعدة بعض الأعمال على الظهور للنور من خلال دعمها المادي لاستكمال مراحل إنتاجها، سواء فى مرحلة التطوير أو مرحلة ما بعد الإنتاج من خلال منصة الجونة السينمائية.

 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية