رئيس التحرير
عصام كامل

حقيقة إسرائيل

تاريخ التضامن الأفروآسيوي ( 10 )

تبلور التعاون الإفريقي الآسيوي بصورة شديدة الوضوح عبر منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية التي ظهرت للوجود بعد فترة وجيزة من مؤتمر باندونج. فحين تعرضت مصر للعدوان الثلاثي (حرب 1956) انعقد المؤتمر الاشتراكي الآسيوي في "يومي" بالهند في نوفمبر 1956، وأعلن مندوبو 23 دولة آسيوية حضرت هذا المؤتمر استنكارهم للعدوان. ثم اجتمعت اللجنة العامة للتضامن الأسيوي، لتتحول إلى حركة تضامن أسيوي إفريقي.. إنعقد أول مؤتمر لحركة التضامن الأسيوي الإفريقي بجامعة القاهرة في الفترة من 26/ 12/ 1957 إلى 1/ 1/ 1958. وحضر هذا المؤتمر 150 مندوبًا يمثلون 48 شعبًا من شعوب القارتين. 

 

القضية الفلسطينية

 

اهتم المؤتمر بالتقرير الذي قدمه الوفد الفلسطيني، وعرضت فيه نواحي القضية الفلسطينية، وأبرز فيه بوضوح حقيقة إسرائيل وطبيعتها الإستعمارية العدوانية العنصرية، ودورها الذي تلعبه في مقاومة التحرر والتقدم وفي تهديد الأمن والسلام في المنطقة. وأعلن المؤتمر تبنيه للتقرير المقدم من الوفد الفلسطيني، وأكد حقوق العرب في فلسطين، وأعلن عطفه على اللاجئين، وأيد جميع حقوقهم، وطالب بعودتهم إلى وطنهم.  وعقد في القاهرة مؤتمر الشباب الإفريقي الآسيوي بين 2 و8 فبراير 1958. 

 

وناشد المؤتمر شباب إفريقيا وآسيا أن يطالب الحكومات الإفريقية والآسيوية وغيرها بمساعدة حركات الكفاح الوطني في أقطار القارتين بمختلف الوسائل والطرق، وعلى رأس هذه الأقطار فلسطين.

 

المؤتمر الثاني

 

إنعقد المؤتمر الثاني لمنظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية في كوناكري عاصمة غينيا بين 11 و15 إبريل 1960، وحضر هذا المؤتمر 70 وفدًا يمثلون شعوب القارتين. وشكل المؤتمر لجنة خاصة لدراسة القضية الفلسطينية لأنها – كما ذكر المؤتمر في قراراته– قضية فريدة في نوعها، ومأساة من أكبر المآسي الإنسانية. وأشار المؤتمر في قراره بشأن فلسطين إلى أن إسرائيل خلقت في هذا المكان لتكون نقطة ارتكاز لمهاجمة حركات التحرر لاخضاعها من جديد. 

 

 

ولذلك اتخذ المؤتمر قرارات قوية بتأييد جميع الحقوق الثابتة لشعب فلسطين، وفي مقدمتها حقه الكامل في العودة إلى وطنه كما أمرت بذلك منظمة الأمم المتحدة. وأوصى المؤتمر شعوب العالم كلها بالاعتراف بكيان شعب فلسطين على أنه الممثل الوحيد لفلسطين. وأكد القرارات التي اتخذها المؤتمر الأول للتضامن الإفريقي – الآسيوي بخصوص فلسطين. وطالب المؤتمر الأمم المتحدة بتنفيذ قراراتها بشأن فلسطين، وإرغام إسرائيل على الانصياع لهذه القرارات.

 

المؤتمر الثالث للتضامن

 

عقد المؤتمر الثالث لمنظمة تضامن الشعوب الإفريقية – الآسيوية في تنزانيا (1963). وحضره 60 وفدًا من الأعضاء في منظمة التضامن الآسيوي – الإفريقي، ونحو 40 وفدًا بصفة مراقب. وإتخذ المؤتمر قرارًا خاصًا بقضية فلسطين ورد فيه: “وفلسطين التي أوجد فيها الاستعمار رأس حربة استعمارية أسماها إسرائيل”.

 

 تحركات عام 1964

 

وإذا كان عام 1964 قد تميز منذ بدايته بتحرك القضية الفلسطينية على المستوى الجماعي العربي لأول مرة منذ نكبة 1948، وذلك من خلال مقررات مؤتمر القمة العربي الأول الصادرة في 17 يناير 1964، فإن هذه القرارات قد أكدت لأول مرة اتفاق الرأي لدى رؤساء الدول العربية وملوكها على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه دول القارتين آسيا وإفريقيا، سلبًا أو إيجابيًا، بالنسبة إلى الصراع العربي- الإسرائيلي. 

 

وإذا كانت هذه القرارات قد ذهبت إلى أن العرب في موقفهم الدفاعي العادل سينظمون علاقاتهم السياسية والاقتصادية بمختلف الدول “على أساس مواقفها من كفاح العرب المشروع ضد المطامع الصهيونية في العالم العربي” فإن المقررات المذكورة قد توجهت إلى الدول الإفريقية والأسيوية، وهي التي “آمنت بمبادئ باندونج، وارتبطت الإفريقية منها بميثاق أديس أبابا، وضحت الكثير في محاربة الاستعمار وكافحت التمييز العنصري، وتعرضت ولا تزال تتعرض للأخطار والمطامع الاستعمارية والصهيونية وخاصة في إفريقيا”، توجهت إليها بالأمل في أن “تقدم صادق التأييد والعون للعرب في نضالهم العادل”.

 

وقد تضمنت تلك المقررات ترحيب الرؤساء والملوك العرب بميثاق الوحدة الإفريقية الذي وجدوا فيه “أملًا جديدًا للسلام والحرية والمساواة في إفريقيا والعالم. كما أكدوا تصميمهم على دعم التعاون الآسيوي – الإفريقي الذي بدأ خاصة منذ مؤتمر باندونج سنة 1955”.

 

وقد كان مجلس منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية أول من استجاب لهذا النداء، فوجه من مكان انعقاده في الجزائر في27 مارس 1964 نداء إلى شعوب القارتين وإلى عمال العالم أجمع “لتأييد شعب فلسطين في قضيته الكبرى ونضاله الباسل من أجل حقوقه المشروعة”.  وأعلن المجلس أنه أصبح من المؤكد لدى جميع شعوب أسيا وإفريقيا، وعلى كافة المستويات، “أن إسرائيل هي قاعدة للاستعمار بشتى أنواعه، وأنه من الواجب اتخاذ اجراءات حاسمة للحد من نشاطها”.

الجريدة الرسمية