رئيس التحرير
عصام كامل

متى تتوب طالبان.. لو عاد إبليس وسجد لأدم

انحسرت، وانحصرت أخبار الدنيا كلها حاليا على أفغانستان، وبعدها في الأهمية، فيروس كورونا المتحور بإسم دلتا. عيون الإعلام العالمي مسددة على عواقب ما وصفه الاتحاد الأوربي بإنتصار طالبان، وهو التعبير المراوغ لتعبير أدق هو هزيمة أمريكا في أفغانستان. أقر الإتحاد الأوروبي إذن بما لم يعترف به الحليف الأمريكي التقليدي.. ومنذ دخول الجماعة الإرهابية القصر الرئاسي في كابول، يمكنك أن تستمتع بلعبة التحورات والتحولات، ربما أسرع مما يفعل الفيروس الإلهي. 

 

بدأت أولى التحورات من بكين، فأعلنت عدم ممانعتها بناء علاقة صداقة مع طالبان. أعقب التمهيد الصيني، دخول الانتهازي العثمانلي على الخط، فاعتبر كل الإشارات الطالبانية إيجابية. ثم جاءت أقوى الإشارات من أوروبا التي أقرت بضرورة الحوار مع المنتصر. تلت ذلك جملة تصريحات تبريرية لبايدن أبرزها أن أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات.. إقرار بأنه تلقى الهزيمة وقبر مثلما قبر السوفيت والبريطانيين.. ثم المفاجأة المربكة لرئيس أركان الجيش البريطاني: علينا إعطاء الفرصة لطالبان لتشكل حكومة. ومن واشنطن: نتابع الأفعال..

كل هذه الإشارات من العواصم الكبرى، حتى موسكو، تأتي متلازمة للوجه الميكيافللي الذي تخاطب به الجماعة الإرهابية الإعلام العالمي، لتبدو رشيدة وعاقلة ومتفهمة وراغبة في الاندماج داخل الجماعة الدولية. أكدت احترام حرية التعبير، وعدم الرغبة في الإنتقام، وحقوق المرأة، وحقوق الإنسان، وفق الشريعة الإسلامية. تعبير فضفاض يتسع لهمجيتها التقليدية، رغم حرصها على العفو عن أعداء قدامى. أو موظفي الدولة.

وجوه كاذبة

الوجوه الطالبانية التي تواجه الكاميرات حاليا تعتبر في حالة تقية بالغة القسوة على ذواتهم. رغم كل الإشارات فإنهم أطلقوا الرصاص علي ثلاثة أشخاص في جلال أباد شرقي البلاد. وخلت الشوارع تماما من جنس النساء. اعتكفن خشية أن يوزعن غنائم حرب !

لا يجب على الإطلاق تصديق هذه الوجوه الكاذبة.. إنها عقول محشوة بفكر فاسد مؤسس على قياسات فاسدة، ولا يوجد أبدا حكم ديني على الأرض يخلو من الإنحراف، تلك طبيعة البشر. وقعت أوروبا في هذا المأزق المخزى قرونا، واتهمت الكنيسة في روما بالفساد، ودخلت معترك السياسة، وأريقت الدماء في القارة الأوروبية. وفي تاريخنا الإسلامي خلط بين الدعوة والدولة، نتج عنه اغتيالات لخلفاء وصحابة وأمراء وزعماء وقادة.

أن تحكم متسلطا بفكرة أنك تطيع كلام الله تفسره على هواك.. فذاك هو الجحيم لمن تحكمهم.. وعليك إذ يعلو فوقك بتخريجات والهامات وهلاوس !

تراقب الدنيا كلها المسرحية العبثية التى تعرضها جماعة طالبان.. والحق أن الغرب والعرب يعلمون أن هذه الجماعة هي رحم الإرهاب وبطنه العفنة.. ومع ذلك فإن متابعة التحولات في الخطاب السياسي لطالبان، بقدر ما هو مرهق في التفسير، بقدر ما سيوفر مبررات قوية للاستهزاء بالنفوس والعقليات التي سمحت لنفسها الإيمان بأن إبليس عاد ليسجد لأدم !

الجريدة الرسمية