رئيس التحرير
عصام كامل

«النوستاليجيا».. سر خلود أغاني رمضان.. وحوي يا وحوي.. ومرحب شهر الصوم الأشهر.. ونجوم الألفية الثانية يصنعون تاريخا جديدا

عبد العزيز محمود
عبد العزيز محمود
«رمضان جانا – مرحب شهر الصوم مرحب – أهلا أهلا يا رمضان - هاتوا الفوانيس يا ولاد - أهو جه يا ولاد - حالو يا حالو - والله بعودة يا رمضان».

سجل فنى طويل وحافل بالأغانى والأناشيد المرتبطة بشهر رمضان المبارك، التى بمجرد تردد نغماتها على الآذان تعود بك إلى ذكريات الشهر الكريم، فأصبحت تلك الأغانى مقترنة برؤية هلال الشهر المبارك، حتى صارت ملمحا خاصا بشهر الصوم، منذ تأكد رؤية الهلال إيذانا ببدء أيامه الكريمة، وصولا إلى الاقتراب من نهاية الشهر الكريم، والتى تنتهى فى أواخر الأيام بـ«والله لسه بدرى والله يا شهر الصيام».


سر الخلود
ومهما مرت الأعوام تظل تلك الأغانى التى يصل عمرها لأكثر من 80 عامًا هى الرابط بين المصريين وبين شهر رمضان، مهما أنتج من أعمال فنية وغنائية جديدة تتناول فى كلماتها الشهر الكريم، وذلك لأن الأغانى الرمضانية القديمة أصبحت بمثابة العادات والتقاليد الرمضانية التى لا تنفصل عن تلك الطقوس المبشرة بحلول الشهر المعظم.

علاوة إلى افتقاد الأغانى الرمضانية الجديدة لبريق أغانى زمن الفن الجميل، السبب فيه الشعراء والملحنون، فعليهم أن يقدموا أعمالا فنية بها الصفاء الروحى والوجدانى الذى يجب أن يتواجد فى الأغانى التى تتحدث عن المناسبات الروحانية مثل شهر رمضان.




وفى هذا الصدد يقول الملحن والموزع الموسيقى شريف الوسيمى: ارتباط المصريين بأغان معينة لشهر رمضان يرجع لسببين، أولهما: السبب الفنى، وأظن أننا لدينا من الإمكانات الفنية والإبداعية ما تتيح إنتاج أغان رمضانية لا تقل جودة عما اعتدنا سماعه منذ عشرات السنين.

وبالفعل فهناك تجارب من بعض مطربى جيل الوسط علقت أغانيهم لدى الجمهور، ولكن بسبب تغير طبيعة السوق الفنى فى الإنتاج والتوزيع وكثرة المنافذ الفنية من قنوات فضائية ومنصات إلكترونية فلن تجد عملًا بعينه يظل يتردد على كافة تلك المنافذ ليعلق بأذهان الجمهور والمستمعين.

النوستاليجيا
وتابع شريف الوسيمى: أما السبب الثانى، وأعتقد أنه الأهم، فهو عامل الحنين إلى الماضى الذى دائما ما يستقطب الشريحة الأكبر فكل من يستمع إلى الأغانى الرمضانية القديمة يجد فيها العودة إلى الزمن الجميل من الطفولة والدفء الأسرى الذى نفتقده كثيرًا هذه الأيام.

وبالتالى فإن عامل النوستاليجيا هو المسبب الرئيسى لبقاء تلك الأغانى مستمرة طيلة هذه العقود، فالمستمع للأغانى الرمضانية القديمة مرتبط نفسيًا بالنوستاليجيا القديمة، لافتًا إلى أن ما يحدث الآن أمر طبيعى.

وأعتقد إلى أنه بعد 20 أو 30 سنة ستكون الأغانى الرمضانية الحديثة التى نظن أننا غير مرتبطين بها فنيا بالشهر الكريم، ستكون هى الرابط الوثيق بيننا وبين أيامنا الخوالى، وتصبح هى النوستاليجيا لأبناء الجيل الحالى، ولكن بالطبع ليس الآن، فالإنسان بطبعه يحن للماضى، ويميل لكل ما يذكره به.

لذلك نحن مرتبطون بأغان قد تغنى بها مطربون وشيوخ منذ أكثر من 80 عاما، ونرى أن ما ينتج حاليا دون المستوى، ولكن وفق الطبيعة البشرية، ما نراه جديدًا اليوم ففى الغد البعيد سيصبح من ذكريات الماضى الجميل بالنسبة لنا.

أول أغاني الشهر الفضيل
والتاريخ الغنائى لشهر رمضان طويل، نذكر منه واحدة من أقدم الأغانى وربما هى أولى أغانى رمضان وهى أغنية «وحوى يا وحوى» للمطرب أحمد عبد القادر المولود فى 1916، بالشرقية، والتى يعود عمرها إلى ما يزيد على الثمانين عاما، حيث قدمت لأول مرة عام 1937.

ومؤلف كلمات الأغنية هو محمد حلمي المانسترلي، الذى كان يعمل بوزارة المعارف، ولاحقا أعاد صياغة كلماتها الشاعر فتحى قورة ووضع أحمد صبرى لحنا جديدا لها، وتغنت بها هيام يونس فى فيلم قلبى على ولدى سنة 1953، ثم أعيدت صياغتها للمرة الثالثة على يد الشاعر نبيل خلف وبألحان وليد سعد فى 2009 وتغنى بها محمد منير.

أما أغنية «حالو يا حالو رمضان كريم يا حالو» فيعود أصلها لمنتصف القرن الرابع الهجرى فحين خرج جوهر الصقلى فى موكب من «بين القصرين» ليستقبل المعز على مشارف القاهرة فى 7 رمضان 362هـ، والتى غنتها فيما بعد المطربة صباح.

والمطرب محمد عبد المطلب أشهر من غنى لشهر رمضان، فهو صاحب أغنية «رمضان جانا وفرحنا به»، وربما تعد تلك الأغنية الرسمية لرمضان، ويعود عمرها لما يزيد على النصف قرن.

ومما يذكر أنه لم يكن مقدرا أن يغنيها عبد المطلب بل الملحن والمطرب أحمد عبد القادر، ولكن ظروفا حالت دون ذلك فأعطاها لمحمد عبد المطلب مقابل 6 جنيهات، والأغنية كلمات حسين طنطاوى وألحان محمود الشريف.

ومن بين أحد أيقونات الأغنية الرمضانية أيضا المطرب الراحل عبده السروجى (وهو جد الفنان أحمد السقا من ناحية الأم) وصاحب أغنية «غريب الدار»، فكان له أغنية رمضانية قد لا يعرفها كثيرون وهى أغنية «أهلا أهلا يا رمضان» والتى كتبها الشيخ محمد الفيومى، أحد مشايخ الأزهر ولحن هذه الأغنية محمد قاسم، ملحن أغنية «غريب الدار».

هاتوا الفوانيس
أما أغنية «هاتوا الفوانيس يا ولاد» غناء وألحان محمد فوزى وكلمات عبد العزيز سلام، وهناك أغنية نادرة جدا يكاد لا يعرفها كثيرون وهى أغنية «خيرات رمضان» لإسماعيل ياسين، وكانت قد صدرت ضمن ألبوم «ياللى بتحسد»، إنتاج شركة القاهرة للصوتيات والمرئيات.

كما قدم إسماعيل ياسين أغنية أخرى لرمضان وهى أغنية المسحراتى، التى صورها مع مجموعة من الأطفال، وكان من بينهم آنذاك الفنان هانى شاكر. لطالما ارتبط اسم الفنان والمطرب عبد العزيز محمود بشهر رمضان فهو صاحب الأغنية الشهيرة «مرحب شهر الصوم»، كلمات محمد علي أحمد، ولحنها عبد العزيز محمود.

وكان أول ظهور لها فى 1966 بأحد أفلامه، وللمطرب محمد قنديل أغنية شهيرة عن الشهر الكريم وهى أغنية «والله بعودة يا رمضان» كلمات عبد الوهاب محمد، ألحان جمال سلامة وكذلك أغنية «شهر الخيرات». وأغنية «أهو جه يا ولاد» إحدى أشهر أغنيات رمضان وتغنى بها «الثلاثى المرح» الذى ضم ثلاث صديقات هن: سهام توفيق وصفاء لطفى وسناء البارونى، وكتبت كلماتها نبيلة قنديل، ولحنها علي إسماعيل فى 1959.

ودفعت الإذاعة المصرية فى ذلك الوقت مبلغًا قدره 140 جنيهًا مقابل غناء هذه الأغنية، ولحنها الموسيقار على إسماعيل مقابل عشرين جنيهًا، ولم تكن هذه هى الأغنية الوحيدة للثلاثى المرح عن رمضان، وإنما كان لهن أغاني رمضانية شهيرة أخرى منها أغنية «وحوى يا وحوي» فى شكل ولحن جديد مختلف عن اللحن المعروف لأحمد عبد القادر، وللثلاثى المرح أيضا أغنية «سبحة رمضان».

ومن الأغانى الرمضانية الأخرى للثلاثى المرح «افرحوا يا بنات» و«هل هلال الصوم» و«هيصوا يا ولاد». ومن الأغانى الطربية إلى تلك التى صبغت بالطابع الكوميدى وكلها أغانى رمضانية، كانت الأغنية الشهيرة التى تغنت بها صباح مع فؤاد المهندس فى شكل فيديو كليب تليفزيونى وهى أغنية «الراجل ده هيجننى».

وعلى نفس الشاكلة أيضا كان الدويتو الكوميدى الشهير بين كل من فؤاد المهندس وشويكار، فى أغنية بعنوان «الصيام مش كده». ومن الأغانى الرمضانية الأحدث أغنية حكيم التى تغنى بها فى تتر مسلسل رمضان كريم، من إنتاج أحمد السبكى وأيضا أغنية إيهاب توفيق «هلال رمضان»، وللفنان مدحت صالح أغنية بعنوان «هل هلالك يا رمضان»، هذا بالإضافة إلى أغانى الفوازير والمسحراتى، وتعد أغنية «مسحراتي» لأحمد سعد أحدث إنتاج رمضانى عام 2019.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية