رئيس التحرير
عصام كامل

بكاه الأدباء وودعته أجراس الكنائس.. ذكرى رحيل عباس العقاد صاحب القلم الفيلسوف

الكاتب السياسى عباس
الكاتب السياسى عباس محمود العقاد
حينما سقط الدكتور طه حسين مريضا فى مجمع اللغة العربية، قال الأديب عباس محمود العقاد باكيا: لا حياة لي لو مات طه حسين، فمن بعده أحاوره واختلف معه، فليس بعده فارس أُنازله، وليس بعد سيفه سيف أُبارزه، وعندما رحل العقاد في مثل هذا اليوم عام 1964 بكاه طه حسين قائلا: لقد ملأت الدنيا وشغلت الناس وسبقتني إلى الرحيل.


عملاق الفكر والأدب والسياسة والثقافة، لقب بصاحب القلم الفيلسوف، يعنز به العرب عامة والمصريون خاصة، لم يكتسب مكانته الرفيعة من وظيفة أو من جاه أو لقب علمي، إنما حصل عليها بكفاحه ودأبه المتصل. 

أثرى المكتبة العربية بعشرات الكتب فى العلم والفكر والسياسة والدين والأدب، ستظل كلها مرجعا مهما للدارسين والباحثين على مر السنين.

صاحب القلم الفيلسوف 

جاء الرحيل فى الخامسة والسبعين من عمره حين سقط من فوق كرسيه الذى اعتاد الجلوس عليه ليفارق الحياة، وكان قد كتب وصيته بأن يدفن بجوار والدته بأسوان، وخرجت جنازته من بيته بمصر الجديدة إلى مسجد عمر مكرم حيث تمت الصلاة على جثمانه. 

ثم سارت الجنازة فى شارع طلعت حرب إلى عبد الخالق ثروت، حيث أطلقت الكنائس الموجودة فى تلك المنطقة أجراسها تحية للأديب الراحل، حتى وضع الجثمان بجمعية الشبان المسلمين لينقل بعدها إلى محطة مصر للسفر إلى أسوان.

عبقرية محمد والمسيح 

 ومن أهم إنتاج العقاد الأدبي في العبقريات التى أثارت جدلا كبيرا بين الناس، وأشاد بها كبار الكتاب والمستشرقين منهم باكستون الذي قال عنه: لا أرى كاتبا في قوة صاحب القلم، فقد هزني حين كتب عن الرسول وعن المسيح، حتى إني أراجع اليوم أوراقي، من عبقرياته: عبقرية محمد، أبو بكر، عمر، المسيح، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص.

متحف العقاد بأسوان 

تحتوي مكتبة العقاد كما صرح ابن شقيقه عبد العزيز العقاد أكثر من 40 ألف كتاب، تبرع بجزء منه إلى هيئة الكتاب، ووضعت باقي مقتنياته مثل العصى والقبعة والطربوش وكارنيه نقابة الصحفيين في متحف صغير بأسوان، كما ترك فقط 3000 جنيه هى قيمة مدخراته طوال حياته حتى ان المنزل الذى كان يقيم به بالايجار.


 مولد العقاد ونشأته

ولد العقاد عام 1888 في أسوان وكان أبوه أمينا للمحفوظات بأسوان، وكان جده يعمل بمصنع حرير، ولذلك سمى بالعقاد.

أقبل على قراءة التراث وهو صغير فقرأ ألف ليلة وليلة ودائرة المعارف والصحف القديمة وكتابات عبدالله النديم ، حصل على الشهادة الابتدائية عام 1903 وعمل بالقسم المالي بالمحافظة. 

واتجه إلى كتابة المقالات في صحف البلاغ والمؤيد والدستور والبيان، فكتب ضد الطغيان والفساد والملك والحاشية والأحزاب.

فى عام 1938 عين عضوا بمجلس الشيوخ ونال مكانة ممتازة بين الكتاب والصحفيين والسياسيين فلم يستهويه منصب طوال حياته حتى أنه رفض الوزارة.

دعا إلى حرية الوطن وحرية المواطن وعاش متمسكا بالديمقراطية، واثبت من خلال كتبه ان الإسلام هو أساس فكرة الديمقراطية، ولم يكتب فى السياسة وحدها، بل ترك لنا 14 دراسة فى الترجمة والمذكرات والفلسفة وعشرة دواوين في الشعر، و190 دراسة فى الاجتماع والأدب والتاريخ، و11 كتابا فى الاسلاميات.

كان العقاد أول نائب برلمانى يسجن بتهمة العيب فى الذات الملكية بسبب إعلانه فى البرلمان قوله: إن هذا البرلمان مستعد أن يسحق أكبر رأس في البلاد في سبيل صيانة الدستور وحمايته، وقدم للمحاكمة وترافع عنه مكرم عبيد وسجن تسعة أشهر.

ألف العقاد كتابا عن حياته الشخصية اختار له عنوان ( أنا )، أيضا وضع كتاب باسم (حياة قلم )، كما  عبر فيه عن الحب بأصدق معانيه فى روايته "سارة " عاش أعزب ولم يتزوج فى حياته. 

وكان يقول:كيف اتزوج فتصبح زوجتي أرملة من بعدي، أي أنه أحب المرأة ولذلك لم يتزوجها حتى لا يتركها وحيدة من بعده، بعد رحيل العقاد منحه الرئيس جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية فى الآداب في عيد العلم عام 1965.
الجريدة الرسمية