رئيس التحرير
عصام كامل

النيابة الإدارية: لها ما لها.. ولها ما لها (1)

بينما كُنت تسعى وتكد بحثًا عن عمل شريف لك أو لابنك أو ابنتك أو شقيقك أو أحد أقاربك لتضمن له حياة كريمة، وبينما يتجه الشباب للحصول على دورات في تخصصات مختلفة تؤهلهم لميدان العمل، واتجه غيرهم إلى الدراسات العليا لزيادة فرصتهم في نيل وظيفة محترمة، كانت تتشكل نواة لمافيا سرقة أحلام الشباب، أولئك الخفافيش التي تتعلق في أسقف الهيئات والمؤسسات العامة لتتاجر بآلام هذا الشعب وتعبث بطموحات شبابه.


وبينما كانت تلك الخفافيش تتعانق في سماء الهيئات والمؤسسات الحكومية، وتستتر بظلمة الفساد، وتستغل ما وصلت إليه من مواقع هامة ومؤثرة في جهات عملها، كانت هيئة النيابة الإدارية لهؤلاء بالمرصاد، تلك الهيئة القضائية التي يرغب البعض في تقليص اختصاصاتها بدعوى استقلال المؤسسات الحكومية، لا سيما الاقتصادية منها، حتى لا تعوقها إجراءات التحقيق بالنيابة الإدارية عن تحقيق أهدافها.

«دَوَران شُبرا» يَستَغيث مِن غيَاب مُحَافِظ القَاهِرة

ومن المدهش أن تثور دعوات إخراج الهيئات والمؤسسات الحكومية من ولاية النيابة الإدارية كي تتمكن من تحقيق أهدافها، ثم ما تلبث تتحول مبانيها إلى خرابات وماكيناتها ومعداتها إلى خردة، ثم تخرج الدعوات ببيعها أو خصخصتها لما حققته من خسارة، والعجيب أن ذات الأبواق التي تنادي بإخراجها من ولاية النيابة الادارية هي التي تنادي بعد ذلك ودون حياء بالبيع والخصخصة.
 
من نماذج الانفلات الإداري، والفساد في مؤسسات الدولة اتفاق بعض شاغلي الوظائف العليا على استغلال مناصبهم ومقدرات جهات عملهم لارتكاب جريمة نكراء، لا يقبلها أي مواطن شريف، ألا وهي الرشوة، التي تتطلب راشٍ ومرتشٍ و أحيانًا رائش، أي وسيط، وقد ارتكبها تشكيل خطير من المديرين في جهات متعددة.

ولا يخفى على رجال القانون أن أغلب جرائم الرِشوة قد لا تكتمل أركانها الدقيقة التي حددها القانون، ومن ثمَّ يكون المجرمون بمنأى من العقاب الجنائي، وهو ما لا يبقى معه سوى خط الدفاع الأخير عن مصالح الدولة، وهي النيابة الادارية، ومن بعدها قضاء مجلس الدولة ممثلًا في المحاكم التأديبية.

خطاب مفتوح إلى رئيس هيئة قضايا الدولة

ومن هذا المنطلق فقد قررت النيابة الإدارية إحالة مدير عام مساعد بشركة النصر للبترول ومدير عام بمصلحة الضرائب على المبيعات وموجه علوم بتعليم السويس للمحاكمة بعد ثبوت تقاضي الأول من الثاني 60 ألف جنيه مقابل تعيين نجليه بشركات البترول بوساطة الثالث.
 
وأكدت النيابة عبر مذكرتها في القضية أن وقائع تلك القضية بدأت ببلاغ تلقته من نجلي المتهم الثاني ضد المتهم الأول لقيامه بأخذ 60 ألف جنيه منهما في صورة عربون نظير تعيينهما بإحدى شركات البترول ثم يتقاضى 60 ألف جنيه أخرى عقب التعيين.  

وتبين من التحقيقات أن المتهم الأول، وهو يشغل وظيفة مدير عام مساعد بشركة النصر للبترول بالسويس تقاضى مبلغ 60 ألف جنيه من الشقيقين "الشاكين" نجلي المتهم الثاني، مقابل تعيينهما بإحدى شركات البترول حسبما ورد بالأوراق ووفقًا للثابت من التحقيقات وشهادة الشهود اللذين أكدوا تواجدهم أثناء حصول المتهم الأول على المبلغ مؤكدين قيامه بوعد المتهم الثاني بحصول نجليه على وظيفة بشركات البترول.
 
ماذا قصد القانون بـ «التماس إعادة النظر»؟

وتضمنت أوراق القضية أن الاتهام المنسوب للمتهم الأول، تأيد باعترافه بحصوله على المبلغ مما يتضح معه ثبوت الواقعة قبله ثبوتاً يقينياً لا شبهة فيه، ولا يغير من ذلك ما ردده بأن حصوله على ذلك المبلغ على سبيل السلف أو أنه قام بإرجاع جزء من هذا المبلغ، إذ إن كافة الشهود أكدوا حصوله على هذا المبلغ مقابل إدعائه بالقدرة على تعيين الشابين بشركات البترول.. وللحديث بقية.

الجريدة الرسمية