رئيس التحرير
عصام كامل

"مستر شيكو".. حكاية أستاذ جامعي هجر التدريس لتعليم الأطفال بـ«المزيكا والحيوانات» | فيديو

فيتو
تركيبة بشرية ممتعة ومدهشة في آن معًا.. فهو أستاذ جامعي، متخصص في تدريس الموسيقى، حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه، وعمل لسنوات فى التدريس، غير أنه وبحركة خاطفة قفز من قطار «التدريس الجامعي» وصنع لنفسه مسارًا خاصًا، الأطفال جمهوره، والحيوانات وسيلته.. والتعليم – كالعادة – غايته.


الدكتور شريف محمد، الذي أصبح معروفًا الآن بـ«مستر شيكو» يقف أمامنا الآن في منتصف صالة شقته في منطقة النزهة الجديدة، في القاهرة، يتحرك بخفة ويطلق النكات والضحكات الصاخبة، في منتصف محاولاته للإمساك بحيواناته المتناثرة في المكان، يضع كل حيوان في قفصه، ويطمئن إلى أن كل شيء في مكانه قبل أن ينطلق خارجًا ليلحق بموعد الاحتفالية التي يحييها في إحدى دور الحضانة القريبة من منزله.

زوجته «منى» تروي لـ«فيتو» أنها اعتادت منذ أكثر من ربع قرن وجود الحيوانات في منزلها، فأصبح طبيعيًا بالنسبة إليها متابعة حركة ثعبان ما في «علبته» أو حرباء تنظر إليها مليًا وهي مستكينة في قفصها، فزوجها «الدكتور شريف» منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، قرر إضافة الحيوانات إلى عروضه التي يقدمها للأطفال تحت عنوان «سبحان الله».

«دكتور شريف» من النظرة الأولى تتيقن أنه شخص غير عادي، تصاب بالحيرة في بداية الأمر، فما إن تجلس وتشرع في الحديث معه، تجد أمامك أستاذا جامعيا يلقي النكات يضحك بصوت مرتفع ويتفحص حيواناته بدقة ليتأكد من أنها جميعها بحالة جيدة استعدادا للحفل، يدندن لهم عائدًا لسيرته الأولى وشخصه الأصلي.

«أنا خِريج كلية التربية الموسيقية، عملت في البداية مع محمد منير وهشام عباس وإيهاب توفيق في أول حياتي، لكنني وجدت صعوبة في التكيف مع الوسط الفني، فليله نهار ونهاره ليل، وهذا أتعبني كثيرًا، وكنت عضوًا في فرقة موسيقية، ولهذا قررت الاتجاه إلى التدريس في الكلية، كنت أحاول توصيل المعلومة بطريقة سلسلة للطلاب بعدما حصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه».

يعمل «دكتور شريف» أستاذا جامعيا في كليات التربية الموسيقية وتحديدًا قسم تدريس فنون استخدام العود والموسيقى الشرقية، من خلال «الانتداب»  في عدة جامعات مصرية، وفي مقابل حريته قرر خلع عباءة الأستاذ الجامعي التي تقيدها اللوائح والقوانين، «كنت بشتغل بالساعة مقابل ذلك، بحب أروح كذا مكان وأغير وشوش الناس لكي أحصل على خبرة أكثر».

البداية كانت قبل عام 1994، حينما كان «الدكتور شريف» صاحب الشخصية المرحة الملقية للنكات حتى في أحلك اللحظات، يتم الاستعانة به في التدريس وتقديم الحفلات في المدارس، «بدأت أشتغل في المدارس وكنت بأعلم قصص الأنبياء للأطفال بالموسيقى أوصل لهم العبرة من كل قصة من خلال الموسيقى فتترسخ في أذهانهم بقى الطفل يعيش القصة وينفذها ويغنيها طول الوقت».

«دكتور شريف» الذي تحول ليصبح «شيكو» وجد الموسيقى وحدها ليست كافية في إيصال رسالته إلى أكبر عدد من الأطفال، «ما لقتش حاجة بعلمها للي قدامي، فحولت المزيكا دي لشيء أقدر أوصل بيه رسالة معينة ووجدت إنه الأطفال أفضل فئة ممكن أوصل لها الرسالة».

بمرور الأيام تحول عرض «مستر شيكو» الذي أطلق عليه اسم «سبحان الله» إلى حلم للأطفال يبحثون عن متنفس لهم بعيدًا عن الأجواء المدرسية وفقرات اللعب المعتادة.

«اقترحت إني أجيب شوية حيوانات وأعرف الأطفال إزاي ربنا خلق الحيوانات دي لخدمتنا وإزاي نتعلم معلومة جديدة، ونقول معلومة (سبحان الله)، وكنا وقتها في عام 1994، كان معايا أرنب وبطة وفرخة وكتكوت وبدأ الطفل يشوف الحاجة ويبقى سعيد، تطورت وبقيت أجيب حاجات أصعب وأصعب يعني عمر الطفل ما مسك تمساح بإيديه أو شافه بعينيه، حاولت أوصل لهم بطريقة فيها أمان ليه في إنه يعرف أهمية كل حيوان».

أن تكون أستاذا جامعيا وتستيقظ ذات يوم لتجد نفسك «مروض» لأنواع غريبة من الحيوانات، هذا ضرب من الخيال، غير أن «مستر شيكو» طوع هذا الخيال وحوله إلى واقع ملموس، «كنت بشوف خطر كل حيوان وأحاول تحاشيه، وأنا بشتري الثعبان كنت أشترى أنواع ثعابين غير سامة حتى أطمئن على الطفل، وأدربه وهو صغير عشان أتعرف عليه، كل حيوان له بيئته وطريقة التعاون معه وظروفه».

احتراف «دكتور شريف» للموسيقى دفعه إلى أن يربط بين لغتها ولغة الحيوانات، «المزيكا إحساس مسموع والحيوان إحساس ملموس»،  لذا هناك عامل مشترك بينه كموسيقى وبين حيواناته، ثمة لغة تواصل خفية لا يعلمها إلا هو، التمساح وأنا ماسكه بيطمن لي عشان الألفة بيننا وبيشموا ريحة إيدي اللي بأكله بيها»، ويحرص «دكتور شريف» دائما على شراء تلك الحيوانات من أماكن آمنة أو تلك التي تمت تربيتها في المنازل حتى لا تشكل خطرا على الأطفال.

عرض «سبحان الله» الذي انتقل به «مستر شيكو» من حفل إلى آخر بهدف غرس القيم الإنسانية السامية في نفس كل طفل يلتقي به، تردد صداه بين عالم المشاهير، واستعان به مجموعة من الفنانين لإحياء حفلات أعياد ميلاد أبنائهم، «تعاونت مع الكثير من الفنانين والمشاهير في حفلات أعياد ميلاد لأولادهم مثل أمير كرارة وأحمد عز وياسمين عبد العزيز، كانوا بيجيبوني عشان أنا بقدم شو مختلف يكون هو وسيلتي لإيصال رسالة دينية سامية للأطفال، بيكون هدفي بعد الكسب المادي والأهم هو إني أوصل للطفل إن الحيوان ده ربنا خلقه لينا إحنا وبيحبنا إحنا».

يحاول «مستر شيكو» بذلك تكوين عملية تبدو للكثيرين معقدة وهي ربط الدنيا بالدين بسلوكيات الأطفال، مؤمنا بأن أي قيمة دينية أو سلوك تريد أن تزرعه في نفس طفل لا بد أولا أن تجعله يرى بعينه ويلمس بيديه، «أنا عايز أسيب بصمة في حياتي للطفل ومش ببص لمكانتي كأستاذ جامعي، عندي بالدنيا كلها أسيب في نفس وقلب الطفل رسالة تظل معه العمر كله حتى مماته، بحب يُقال لي يا شيكو مش دكتور شريف، والطفل وعالمه خالي من النفاق كله حب وكفاية إنه الطفل بيجري عليكِ بحب من غير ما يكون عايز مصلحة».

اظهار ألبوم ليست



الجريدة الرسمية