رئيس التحرير
عصام كامل

تونس تحيي ذكرى وفاة الشاب محمد البوعزيزي

لافتة البوعزيزي
لافتة البوعزيزي
مرت 10 أعوام على وفاة الشاب التونسي محمد البوعزيزي، بعد أن أشعل النار في جسده بتاريخ 17 ديسمبر 2010، إثر خلاف شديد مع الشرطة حول بضاعته وعربة الخضار التي كان يكسب رزقه بها، الأمر الذي أشعل شرارة ما عرف بـ"الربيع العربي". 


وأطلقت الحكومة التونسية اسم البوعزيزي على أحد الشوارع في العاصمة.

وفي مسقط رأسه في محافظة سيدي بوزيد (وسط غرب)، تظهر اللافتة الكبيرة لصورته مقابلة لمقر الحكومة المحلية.  

وتقول صحيفة الجارديان البريطانية إنه في الذكرى العاشرة لاندلاع الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت نظام الرئيس زين العابدين بن علي، أصبح البوعزيزي خارج اهتمامات التونسيين، إلى جانب الثورة التي ألهمها موته. 

كما فقدت اللافتة الكبيرة لصورة البوعزيزي في وسط مدينة سيدي بوزيد بريقها بمرور السنوات، وكذلك تمثال عربته، بحسب فرانس برس. 

وتحيي محافظة سيدي بوزيد في وسط تونس الخميس في  أجواء باهتة، الذكرى العاشرة لاندلاع الاحتجاجات الشعبية في أجواء يغيب عنها الطابع الاحتفالي، وانتقلت عائلة البوعزيزي إلى كندا، وقطعت معظم علاقاتها بسيدي بوزيد.  

ونقلت الصحيفة عن بلال غربي (32 عاما) وهو صديق للعائلة قوله: "لقد تم تشويه سمعتهم". 

وفي الشارع الرئيس بسيدي بوزيد، تنظر فتحية إيمان (54 عاما) عندما سُئلت عن رأيها في البوعزيزي، إلى صورته على الجانب الآخر من الطريق. تقول: "أنا ألعنه. أريد أن أنزع الصورة. إنه الشخص الذي دمرنا". 

ويقول قيس البوعزيزي، ابن عم محمد، إن لقبهم كان يوما ما رمزا للفخر التونسي. "أما الآن فتظهر مدينة سيدي بوزيد والبوعزيزي وكأنهما لعنة".
وأضاف قيس (32 عاما) أن النقاشات التي تشغل تونس، مثل ما إذا كان ينبغي المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث أو ما إذا كان ينبغي تخصيص منصب الرئاسة للمسلمين، تبدو بعيدة عن الناس في سيدي بوزيد. "كانت شعاراتنا الأولى تدور حول العمل والكرامة".

وأمام المناطق النائية المهملة التي غذى غضبها الإطاحة ببن علي في يناير 2011، تنهار الشعارات التي تقول إن تونس مهد الحركات الاحتجاجية وقصة النجاح الوحيدة في العالم العربي وحاملة راية الديمقراطية العربية.  

وبعد عشر سنوات على انتفاضة سيدي بوزيد في 17 ديسمبر 2010، أصبحت تونس دولة ديمقراطية، وصمدت أمام الاغتيالات والهجمات الإرهابية والخلافات الأيديولوجية، في الوقت الذي تراجعت فيه مصر إلى الحكم الاستبدادي، وشهدت سوريا واليمن وليبيا حروبا أهلية، بحسب الجارديان. 

ويتمتع التونسيون بحرية انتقاد قادتهم أكثر من ذي قبل، وانتخاباتهم نزيهة. لكنهم يشعرون بالبؤس وخيبة الأمل، وينضمون إلى الجماعات الجهادية، وشكلوا غالبية المهاجرين الذين نقلتهم القوارب إلى إيطاليا هذا العام. 

لكن بالنسبة لمعظم التونسيين، فإن الثورة أدت إلى انخفاض مستويات المعيشة، فانخفض النمو الاقتصادي إلى أكثر من النصف منذ عام 2010، وانتشرت البطالة بين الشباب الذين يشكلون 85٪ من العاطلين عن العمل.  

ويقول أشرف هاني (35 عاما)، الذي رأى عبر كشكه البوعزيزي وهو يشعل النار في جسده: "لم يتغير شيء. الأمور تسير نحو الأسوأ".
وعلى مشارف القيروان، وهي مدينة صحراوية على بعد ساعة من سيدي بوزيد، تقول عائشة قريشي (60 عاما) إن الفساد الذي كان يميز عهد بن علي لا يزال يخرب حياتها.  

وتسلمت المنطقة التي تعيش بها عائشة مساعدات خارجية لبناء أكواخ صغيرة من الطوب لها ولنساء أخريات يبيعن الخبز على جانب الطريق. 
لكنها تقول إن معظم الأموال اختفت، ولا تزال تعمل في كوخ من الخشب والقماش المشمع.

وفي نفس السياق، تقول ليلى البوعزيزي وهي تتذكر يوم وفاة شقيقها، إن الثورة لم تستجب لتطلعاتها لا سيما منها "الاقتصادية"، معبرة عن أملها "في أن يتغير" الوضع. 

وفي حديث لوكالة فرانس برس، قالت ليلى إنه على مواقع التواصل الاجتماعي، تلقت عائلة البوعزيزي "تهديدات عدة" بما فيها القتل، وتعرض أفرادها لمضايقات في الطريق من جانب معارضي الثورة، كما اتهموا بالاستفادة من وفاة محمد لتكوين ثروة. 

وتقول ليلى "كان الوضع خطيرا"، فانتقلت العائلة كلها إلى كندا حيث "اندمجوا جيدا". وتعمل ليلى في شركة لصناعة مكونات الطائرات في كندا، ولا تزال تتابع أخبار تونس من بعيد والتحولات التي تشهدها.
وتقول ليلى البوعزيزي: "في كل مرة ننتخب يقولون إننا سنغير، لكن حال تمكنهم من السلطة لا شيء يتغيّر". 

وتنتقد ليلى غياب الإصلاحات الضرورية التي لم تقم بها الحكومات، سواء في قطاع الصحة الذي يواجه مشاكل كثيرة، أو إصلاح الطرق وقنوات المياه لتفادي الفيضانات التي تودي بحياة أشخاص كل سنة.
وتعلق ليلى "ربما الوضع أسوأ حاليا"، لا سيما فيما يتعلق بمستوى العيش الذي تراجع بشكل ملحوظ لدى الموظفين. 

وتؤكد أن العشرات من الشباب يحتجون بإضرام النار في أجسادهم سنويا في تونس، أو عبر هجرة غير نظامية. 

وتتابع "عندما ينهي شاب دراسته لا يجد شيئا وحتى براتب متوسط لا يستطيع العيش بشكل جيد". 

ويقول الباحث في العلوم السياسية حمزة المؤدب لفرانس برس إن "الجو غير ملائم للاحتفال. لا الحكام ولا المحكومين يتوجهون نحو مناخ من الاحتفال لان هناك حصيلة (تفيد) ان البلاد في وضع سيء". 

ويرى المؤدب أنه بالتأكيد "بنت البلاد ديموقراطية بصعوبة، وبالتأكيد ايضا هناك تقدم في الحريات السياسية ولكن وبعد عشر سنوات من الثورة هناك حصيلة فشل". 

ويؤكد المؤدب ان "الطبقة السياسية فشلت، وتواجه انتقادات كبيرة".
وهو يرى أنه "بعد عشر سنوات على الثورة، لم يعد هناك صبر للناس لسماع الخطابات  يريدون الانجاز الحقيقي".
الجريدة الرسمية