رئيس التحرير
عصام كامل

عمرو عبد السلام يكتب: من سيحاسب وزير التربية والتعليم؟!

عمرو عبد السلام
عمرو عبد السلام

قبيل انعقاد امتحانات الثانوية العامة انطلقت آلاف الاستغاثات من قبل أولياء الأمور والمهتمين بالشأن التعليمي والمسئولين عن ملف الصحة موجهين صرخاتهم لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير التربية والتعليم للمطالبة بتأجيل انعقاد امتحانات الثانوية العامة خوفا منهم علي أرواح وحياة الطلاب والمراقبين لعدم توافر البيئة المناسبة لانعقاد تلك الامتحانات في ظل تفشي الوباء القاتل وزيادة أعداد المصابيين والمتوفين بطريقة مرعبة إلا أن تلك الصرخات قد ذهبت سدى.



وكالعادة ظهر علينا وزير التربية والتعليم عبر صفحته الشخصية بموقع التوصل الاجتماعي "فيس بوك" وتصريحاته الصحفية لوسائل الإعلام برسائل طمأنة للقيادة السياسية وللشعب المصري من جاهزية واستعداد الوزارة لعقد إمتحانات الثانوية العامة وتوفير كافة الإجراءت الوقائية والاحترازية لضمان أمان سير العملية الامتحانية وسلامة الطلاب.

وحصلت الوزارة على 950 مليون جنيه لتعقيم اللجان وشراء المطهرات والكمامات ووحدات التعقيم، وقام الوزير ببث وإذاعة فيديوهات مصورة تتضمن محاكاة للتدابير الوقائية والاحترازية التي ستتخذها الوزارة داخل اللجان لتأمين الطلاب وأعلن خلال مداخلته مع الإعلامي عمرو أديب أن الوزارة قامت بشراء 100 مليون وحدة تعقيم، استخدمت الوزارة ثلاثة ملايين سيارة لنقلها إلى مقر اللجان في حين أن عدد سيارات النقل في مصر حسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لا يتجاوز 1,285000 سيارة نقل.

لا أعلم من أين أتى معالي الوزير بهذا العدد من السيارات؟! فهل قامت الوزارة بالتعاقد مع جميع مالكي المليون ومائتي ألف سيارة الموجودة بمصر دفعة واحدة وتخصصيها حصريا للعمل لصالح وزارة التربية والتعليم لنقل وحدات التعقيم؟!

 

وهل قامت الوزارة بالاستعانة بأكثر من مليون سيارة نقل من خارج مصر والتعاقد معها لتغطية هذا العجز في نقل وحدات التعقيم كما أعلن الوزير؟!

ولكن مع انطلاق اليوم الأول لامتحانات الثانوية العامة تكشفت الحقائق فضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعشرات الفيديوهات المصورة من أمام اللجان الامتحانية على مستوى المحافظات وآلاف المنشورات المصحوبة بالصور من قبل أولياء الامور والتي شهدت تكدس مئات الطلاب أمام اللجان الامتحانية لمدة ساعتين كاملتين دون مراعاة للتباعد الاجتماعي بين الطلاب واختلاط الطلاب بعضهم البعض ودون وجود لأي أثر للمائة مليون وحدة تعقيم التي زعم الوزير قيامه بشرائها وتوزيعها على اللجان الامتحانية.

وحتى في بعض اللجان التي وجد بها تلك الوحدات التعقيمية، أكد شهود العيان من أولياء الأمور والطلاب أنها لم تكن تعمل، ناهيك عن شهادة العديد من الطلاب داخل اللجان من اتساخ المقاعد المخصصة للطلاب وتراكم الأتربة عليها؛ مما يعني أن الوزارة لم تقم بتعقيم العديد من اللجان كما سبق وأعلنت من قبل بل إن الأمر قد وصل إلى عدم توافر الكمامات للملاحظين والمراقبين في بعض اللجان ومطالبتهم بشرائها علي نفقتهم الشخصية لعدم استلام بعض مديريات التعليم لوسائل الحماية والأمان.
 
ويضاف إلى ذلك تكليف المراقبين والملاحظين بالقيام بالأعمال الامتحانية خارج محافظاتهم على خلاف ما سبق وأعلن عنه نائب الوزير لشئون التعليم من قصر الانتداب الداخلي.

فهل سينتج عن هذا الكم الهائل من التقصير والإهمال والمخالفات الجسيمة التي شهدتها اللجان الامتحانية انتشار لهذا الفيروس القاتل بين الطلاب والمراقبين وزيادة عدد المصابين والمتوفين في ظل الأوضاع الصعبة التي يواجهها القطاع الصحي وعدم توافر أماكن داخل المستشفيات لاستقبال المزيد من الحالات المصابة لا سيما أن نائب الوزير الدكتور رضا حجازي قد أقر بوجود العديد من المشكلات التي تم كشفها في العديد من اللجان َوأنه سيقوم بعقد اجتماعات مع رؤساء اللجان الامتحانية عبر الكونفرانس وإصدار تعليماته لهم بتلافي تكرار مثل هذه المشاكل؟!

 

ولا أعلم هل سيتم تحميل رؤساء اللجان المسؤلية وحدهم؟! وعن أي شيء سيتم محاسبتهم؟! هل تم استلام اللجان لوسائل الحماية للطلاب والمراقبين وتم حجبها عنهم؟! أم أنهم هم من تسببوا في عطل بعض بوابات التعقيم أم أنهم رفضوا تشغيل البوابات التي لم تكن موجودة من الأساس في بعض اللجان؟!.

أعتقد أن تكرار مثل هذه الإشكاليات الكارثية خلال الأيام القادمة سيترتب عليها تحركات قانونية بالتقدم بالعديد من البلاغات القضائية إلى محامي الشعب المستشار الجليل النائب العام للتحقيق في ملف امتحانات الثانوية العامة لمحاسبة المسؤلين من وزارة التربية والتعليم عن هذه المخالفات الجسيمة التي ترقى إلى مرتبة الجرائم الجنائية ومخالفة الإجراءات الوقائية والاحترازية وتعريض حياة وأرواح المواطنين للخطر بسبب الرعونة والإهمال الجسيم ومخالفة القوانين واللوائح واحالة كل من يثبت مسئوليته إلى المحاكمة الجنائية العاجلة.
 
فهل سيتحرك البرلمان أيضا خلال الفترة المقبلة ليستخدم صلاحياته الدستورية في توجيه طلبات الإحاطة والاستجواب إلى وزير التربية والتعليم الفني لمناقشته في أوجه الإنفاق للأموال التي حصل عليها للقيام بعملية تعقيم اللجان الامتحانية وهل سيكون لدى المجلس النيابي القدرة والجرأة على طلب سحب الثقة من وزير التربية والتعليم؟!
 
وهل ستتحرك الجهات الرقابية لفتح التحقيقات لمعرفة مصير الـ 950 مليون جنيه التي اقتطعت من أموال الشعب وموازنته العامة وخصصت لوزارة التربية والتعليم من أجل القيام بعمليات التعقيم وشراء وسائل الوقاية الشخصية ومراجعة العقود التي أبرمتها الوزارة مع الشركات المتخصصة التي تم التعاقد معها للقيام بعملية تعقيم اللجان والشركات التي قامت بتوريد وسائل الوقاية الشخصية ووحدات التعقيم وتشكيل لجان فنية لفحص صلاحية تلك الأجهزة للتشغيل؟! وهل سيتم مراجعة تصريحات وإقرار الوزير مع الإعلامي عمرو أديب  بقيام ثلاثة ملايين سيارة نقل لنقل وحدات التعقيم إلى مقر اللجان على مستوى الجمهورية حفاظا على أموال الشعب وحماية للمال العام؟!.

----------------------------------------------------
   
( * ) محام بالنقض

الجريدة الرسمية