رئيس التحرير
عصام كامل

هل "ناقصات عقل ودين" حديث صحيح؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

هل هذا حديث صحيح "النساء ناقصات عقل ودين"؟

ورد هذا السؤال فى الجزء الخامس -المعاملات- من كتاب "أحسن الكلام في الفتاوي والأحكام" لفضيلة الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، فيقول فضيلته:

 

روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: "خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم في عيد أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: (يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار)، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: (تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازمِ من إحداكن)، فقلن له: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول اللهِ؟

 

قال: (أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل)؟، قلن: بلى يا رسول الله، قال: (فذاك نقصان عقلها، أليس إذا حاضتِ لم تصلل ولم تصم)؟ قلن: بلى، قال (فذاك نقصان دينها)..

 

اقرأ أيضا:حكم الشرع فى حمل المرأة لطفلها وهى تصلى

 

فالحديث ثابت بأقوى طريق عن النبى صلى الله عليه وسلم ، وهو يقرر خطورة المرأة فى حياة الرجل التى نص عليها في الحديث المتفق عليه أيضا بقوله "ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء" وهو حكم من واقع الطبيعة ليس فيه شئ من التجنى عليها، والدين لا يغير من الطبيعة شيئا إلا بقدر ما يوجه إلى حسن إستخدامها.

 

والله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم شرع للنساء ما يتفق مع طبيعتهن ، فحين جعل شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل وضح السبب فى ذلك فى الآية نفسها ، فقال فى آية الدين، وهي أطول آية فى القرآن الكريم:

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ} (البقرة: 282) .

 

اقرأ أيضا: حكم الشرع فى سفر المرأة للدراسة فى الخارج

 

ذلك أن المرأة بتركيبها الطبيعي وما يصادفها من حالات هى عرضة للنسيان أحيانا، والشهادة لها خطورتها لأنها تثبت الحقوق لأصحابها فتقرر العدل وتمنع الظلم ، ومن هنا كانت شهادة المرأة محتاجة إلى عون يساعد على تذكرها لما عساها تكون قد نسيته، وكل ذلك أمر غالب ، فالحكم على المجموع لا على الجميع .

 

ونقصان الدين ليس إحتقارا، ولا رميا بالعيب، فليس المراد به أن دينها ضعيف أو أن إيمانها ناقص تعاقب عليه، بل المراد أن التكاليف الشرعية التى يكمل المؤمن بها إيمانه رصيد الرجل منها كبير لأن طبيعته ليس فيها من الأعذار لترك شئ من هذه التكاليف بقدر ما عند المرأة من أعذار تقضى طبيعتها ..

 

فإن هذا الحيض يعرض لها كل شهر بما يعطلها عن الصلاة التى تجب لها الطهارة مدة أسبوع تقريبا، فربع حياتها أو قد يزيد خال من الصلاة حتى تيأس من الحيض ، إلى جانب عذر الولادة الذى يأتى على فترات وإن كانت بعيدة أحيانا إلا إنها تمتنع عن الصلاة في كل عام أو عامين شهرا أو شهرين فهى في مدة حيضها ونفاسها لا تصلى ولا تصوم ، وإن وجب عليها قضاء الصيام، فهى على كل حال أقل رصيدا في هذه القربات من الرجل.

 

اقرأ أيضا: حكم الشرع في الحب بين الشباب والفتيات

 

هذا بالنسبة إلى الغالبية العظمى من النساء والمجال مفتوح أمامهن لتكميل ما يفوت من قربات بسبب هذه الأعذار، وذلك بحسن رعاية الزوج والولد، والنوافل من العبادات ، والأعمال الخيرية التى لا تحتاج إلى طهارة ، كالصدقة وعمل البر في ميادينه الواسعة ، وذلك كما ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام لأسماء بنت يزيد ابن السكن، حين سألته عما يفوت النساء من أعمال الخير التى ينفرد بها الرجال كالجهاد والجمعة والجماعات.. فبين لها أن قيام المرأة بواجبها نحو زوجها يعدل ما يقوم به الرجال من هذه الأعمال.

 

فالخلاصة أن الحديث يلتقى مع القرآن في التشريع ، والله هو الذى فعل ذلك وقرره ، لأن الشرع يراعى التناسب والأستعداد ، ولله في ذلك حكمة، فهو سبحانه منزه عن العبث والظلم وهو بكل شيء عليم.

 

الجريدة الرسمية