رئيس التحرير
عصام كامل

المخابرات التركية تنفذ مخطط "اغتيالات أعداء أردوغان".. موافقة أمريكية.. وضم ليبيا لـ"خريطة الفوضى والدم".. وخوف من التدخل الروسي

أردوغان رئيس تركيا
أردوغان رئيس تركيا

«الأهداف المشبوهة تحتاج إلى أدوات غير قانونية لتحقيقها».. حقيقة تكشفها سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سواء فيما يتعلق بأسلوب إدارته للأوضاع في الداخل التركي أو تطبيقه لسياساته الخارجية التي يطمح من ورائها لفرض نفسه على الساحة.

 

الاغتيالات المعنوية

وتعتبر «الاغتيالات» المادية المعنوية واحدة من أهم الأدوات التي أتقن «أردوغان» بمرور السنوات استخدامها في تحقيق أهدافه داخليا وخارجيا في إطار ممارساته المشبوهة هنا وهناك ، ففى الداخل التركي يستخدم «أردوغان» الاغتيالات لقمع وترهيب المعارضة التركية وخارجيًا يستخدمها لإثارة الذعر لدى الأطراف التي تحارب حلفاءه.

وميليشياته الإرهابية المسلحة بالمنطقة من جهة أخرى رغم الادعاءات الزائفة التي يخرج بها أردوغان من حين لآخر حول دعمه لحرية الرأي والتعبير التي يكبحها بقوة الرصاص.

الأقليات

مؤخرًا.. كشفت تسريبات جديدة على لسان العقيد التركي المتقاعد كوشكون باشبوي ، تبني حكومة أردوغان على مدار السنوات الماضية توجها لاغتيال الأقليات الموجودين في تركيا مثل اليهود وغير الأتراك بشكل متسلسل إلى حد وصف الخطوات التي ستقبل عليها المخابرات التركية بـ«حركة المقاومة» التي انطلقت عام 1919م بقيادة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في أعقاب الحرب العالمية الأولى.

وفي سبيل ذلك سيتم ابتكار تقنيات يمكن من خلالها تحديد الفئات المستهدفة لتنفيذ عمليات الاغتيال ، كما انتقد خلال حديثه قبول نائب أردوغان بولنت أرينج ، طلب تأسيس جمعية أقلية غير معترف بها ، واعتبر أن الأمر جاء مخادعًا لأردوغان نفسه.

في عام 2011 أصدرت الحكومة التركية مرسومًا بإعادة جميع الممتلكات المصادرة الخاصة بالأقليات في تركيا ، ونص المرسوم على أن «الأقليات ستتمكن من استعادة الممتلكات التي تمت مصادرتها في عام 1936» لكن الأمر لم يتعد كونه دعاية انتخابية واتضح أنه لم يتم تنفيذ المبادرة بشكل كامل حيث أعلن ممثلون عن مؤسسات الأقليات أنهم لم يتلقوا سوى استجابة بنسبة 16% على الطلبات الموجهة لاستعادة الممتلكات المٌصادرة.

واستمر وضع تلك المؤسسات تحت قانون عام 1936 والذي يضع المؤسسات الغير مسلمة تحت وصاية وكالة حكومية وفى نفس السياق حاولت المخابرات التركية تنفيذ عمليات الاغتيال التي خططت لها واستهداف الأقليات عن طريق استخدام أساليب وطرق تظهر القتلي على أنهم واجهوا وفاة طبيعية ، هذا إلى جانب استغلال شبكات مخدرات ودعارة تدُار بشكل سري من جانب المخابرات التركية في خدمة تلك الأهداف.

 

تحذيرات جولن

يذكر هنا أن هذه التسريبات جاءت متزامنة مع التحذيرات التي أطلقها المعارض التركي فتح الله جولن في وقت سابق من شن النظام التركي لعمليات اغتيالات سياسية تهدف إلى تصفية الأصوات المعارضة في الخارج ، مؤكدًا أن هناك قائمة سوداء أعدتها المخابرات التركية تشمل عدة أسماء معارضة ، مستشهدًا بمحاولة الاغتيال التي جرت معه شخصيا في مقر إقامته بولاية بنسلفانيا الأمريكية.

كما دبرت المخابرات التركية في عام 2015 عملية اغتيال صحفية أمريكية من أصل لبناني تدعى «سيرينا سحيم» وتبلغ من العمر 29 عاما ، بعدما كشفت أمام العالم كيف يتم نقل الإرهابيين التابعين لتنظيم «داعش» من خلال الحدود التركية إلى سوريا باستخدام سيارات ترفع شعارات ورموز وهمية خاصة بمنظمات غير حكومية تعمل بالتنسيق مع وزارة الدفاع التركية سرًا.

وأعلنت المحطة التي كانت تعمل بها الصحفية أنها أبلغتهم قبل أيام من وفاتها بتلقيها تهديدات تركية بالقتل حال لم تتراجع عن مواصلة نشر فضائح النظام التركي وتمويله للإرهاب في العالم وتواصل نشاط الاغتيالات التركي ليشمل تنسيق مخابراتي مع إيران لاغتيال الصحفي والمخترع الإيراني المعارض مسعود مولوي وردنجاني بالرصاص في مدينة إسطنبول في عملية نفذها مسلحون بينهم أتراك وإيرانيون ضد المخترع الذي هرب من إيران بسبب الملاحقات الأمنية التي كانت تجريها طهران ضد المبرمجين والمخترعين أثناء الاحتجاجات.

بالإضافة إلى عملية اغتيال صحفي سوري يدعى ناجي الجرف ، سبق له أن وثق في أفلام وثائقية كيف يتم نقل مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي إلى سوريا ، واتهمت المعارضة السلطات التركية بتورطها في مقتله بسبب كشف جرائمها في سوريا.

المخابرات التركية

وفي مايو من العام الماضي كشف القضاء الفرنسي تورط المخابرات التركية في اغتيال 3 ناشطات كرديات قبل 5 سنوات داخل المعهد الكردي بالعاصمة الفرنسية باريس، وهن (سكينة كنسيز، فيدان دوغان، وليلى سليماز) بعد توصل القضاء لوثائق كشفت محاولات استهداف المخابرات التركية للنشطاء الأكراد عبر السفارة التركية في فرنسا والتي نسقت وجهزت عملية الاغتيال وأشرفت عليها ضمن الأدوار العديدة الموكلة للسفارات التركية بالخارج كالتنصت على المعارضين.

ليبيا

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد لكنه امتد إلى ليبيا حيث أقبلت مرتزقة الرئيس التركي على تنفيذ اغتيالات وتصفية جسدية لعدد من القيادات الوطنية الليبية الرافضة للتدخلات التركية السافرة في الأراضي الليبية، وذلك في إطار محاولات نشر الرعب والذعر بين النخب السياسية والإعلامية وكبار رجال القبائل الليبية.

كما جرى مع عبد الله مخلوف أحد أعيان منطقة الجبل الغربي ورئيس المجلس التسيري لبلدية كاباو وهو أحد أكبر داعمي عمليات الجيش الوطني الليبي في طرابلس في حربه ضد ميليشيات حكومة الوفاق حيث تم تنفيذ العملية من قبل مجموعة مسلحين قادمين من إدلب في مدينته وخصصت تركيا في هذا السياق بحسب اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي ، قائمة ضمت نحو 300 إرهابي بسوريا نقلتهم إلى ليبيا من أجل مواصلة تنفيذ الاغتيالات.

وضمت القائمة عددا من الأسماء كان أبرزها الإرهابي المصري أسامة السيد قاسم المكنى «أبو حارث المصري» والمطلوب في قضايا اغتيالات من بينها اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات.

الدعم الأمريكي

إلا أنه لم يكن لتصاعد العمليات المخابراتية التركية أن تكتمل دون الدعم الأمريكي الذي ظهر جليًا على مدار الأشهر القليلة الماضية للجانب التركي وتسهيل مهمته في ليبيا من خلال غض الطرف عن نقل المعدات والمرتزقة إلى هناك إلى أن تطور الأمر لإعلان الجيش الأمريكي بحث استخدام أحد ألويته في تونس وسط مخاوف بشأن ما أسماه «الأمن الإقليمي في شمال أفريقيا».

وجاء ذلك في ظل مخاوفه المتزايدة بشأن الدور الروسي المتنامي في المنطقة وخاصة في ليبيا بعد الحديث عن تسليم عسكريين روس طائرات مقاتلة للجيش الوطني الليبي لتعود من جديد إلى الواجهة الدعوة التي وجهتها حكومة السراج الموالية لتركيا إلى أمريكا لإقامة قاعدة عسكرية لها في طرابلس بزعم مواجهة النفوذ الروسي في محاولة لإطالة أمد الصراع ووجودهم بالبلاد.

الدور الأمريكي في ليبيا برز كذلك من خلال التواصل الدائم الجاري بين السفير الأمريكي في طرابلس ريتشارد نورلاند والذي يقود المحادثات الأمريكية مع حكومة الوفاق وجمعته عدة لقاءات واتصالات هاتفية بالسراج خلال الأشهر القليلة الماضية في الوقت الذي كشفت فيه الولايات المتحدة أيضا عن وقف نقل أموال روسية إلى ليبيا، زاعمة أن تلك الأموال تمت طباعتها في شركة «جوزناك» الحكومية الروسية لطباعة الأوراق النقدية.

وأن المبالغ المصادرة تعادل قيمتها 1.1 مليار دولار مخصصة للحكومة الليبية المتمركزة في شرق البلاد رغم النفي الروسي لذلك الأمر.

دعّم ما سبق الحديث عن رغبة أمريكا في تحويل ليبيا إلى منطقة نفوذ دولي جديدة على غرار سوريا وإفشال المحاولات التي يقودها المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي للوصول إلى طرابلس وتحريرها من أيدي ميليشيات حكومة الوفاق، وفي نفس التوقيت الوقوف أمام الدور الروسي هناك.

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية