رئيس التحرير
عصام كامل

"إفراج" هزمت كورونا.. وعانت من قسوة البشر

حكاية فراج" اهتمت بها الصحافة العربية، لأنها أثارت قضية يعانى منها آلاف المواطنين على مستوى الدول العربية، فهى ليست قضية مصرية فقط.

المواطنون الذين يجتازون تجربة العزل المؤلم.. وتظهر التحاليل أن نتائجهم سلبية، يعانون عندما يخرجون إلى الشارع في انتظار أن يجدوا قلوبا رحيمة تحتضنهم.. وبدلا من ذلك يقاطعهم الناس وكأنهم وباء يجب الابتعاد عنه.

 

"إفراج" ممرضة مصرية، تعمل بمستشفى الصدر بمحافظة بنى سويف.. بعيدا عن حالات عزل "كورونا" وتغير حالها بعد اكتشاف حالة إيجابية كانت الأولى من نوعها.. وكان ظهورها في تلك المحافظة الجنوبية بمثابة زلزال أزعج الطاقم الطبى بالمستشفى البعيد عن العاصمة..

 

اقرأ أيضا: حول أزمة "الكمامات"!

 

وبدأت إدارة المستشفى تبحث عن الفريق الطبى المعاون الذى يرغب فى التعامل مع تلك الحالة، وغيرها لو تكررت. الأمر طبيعى أن تتردد الممرضات، سواء تحت ضغوط أسرهم أو خوفا على حياتهن من الإصابة بمرض اسمه وحده كفيلا بأن يصيبهم بالذعر.

 

"إفراج" قررت أن تترك قسم العناية وتشكل مع أربعة من زميلاتها طاقما لرعاية المرضى فى العزل، ووجدت معارضة شديدة من أسرتها.. خوفا على حياتها وعلى أولادها الثلاثة.. ولكنها أقنعتهم بأنه ليس من حقها الاعتذار، وذلك على غير الحقيقة لان إدارة المستشفى لم تفرض على العاملين الانضمام للجهاز المعاون.

 

وبعد أيام معدودة انتقلت العدوى إلى فراج" وقضت 16 يوما فى الحجر، وبعد تحليلين إيجابيين جاء الثالث سلبيا ليتم الإفراج عنها لتعود إلى بيتها سالمة.

وتروى إفراج حكايتها مع المرض اللعين، وكيف غامرت بالعمل فى قسم العزل، وعن إصابتها وكيف تعاملت مع المحنة بشجاعة وصبر.

 

اقرأ أيضا: حدث في قرية مصرية

 

ولكن ما لفت نظرى فى حكاية "إفراج" حجم المعاناة التى واجهتها فى التعامل مع الناس.. سائق التاكسى الذى ما كاد يكتشف من حديثها التليفونى أنها أصيبت بالمرض.. حتى أوقف السيارة وأصر على نزولها، لأن لديه مشوارا أهم.. حتى السوبرماركت القريب من منزلها والذى تحصل منه على احتياجاتها منذ سنوات رفض التعامل معها.

 

والقضية لا تخص فراج" وحدها.. وليست مصرية خالصة، إنما يعانى منها آلاف المواطنين فى الدول العربية الأخرى، الذين يجتازون تلك التجربة القاسية حتى الشفاء ثم يصدمون من تعامل المحيطين بهم من الجيران والأصدقاء القدامي الذين يقررون الابتعاد عنهم، ومقاطعتهم حتى الاتصالات التليفونية توقفت، وهنا يشعر الإنسان أنه يحاسب على جريمة لم يرتكبها، وأن ردود الأفعال الناس أشد قسوة من المرض اللعين.

 

اقرأ أيضا: من ينصف الفلاح المصرى؟!

 

وقد عانينا فى مصر من تغيير فى سلوكيات المواطنين الغريبة على مجتمعاتنا فلم يعرف عن المصريين أنهم يتخلون عن الجار أو الصديق الذى يجتاز محنة، وكانوا دائما سباقين إلى تضميد جراح كل من يواجه أزمة حتى يجتازها بسلام.

خواطر.. فجرتها حكاية فراج".

 

الجريدة الرسمية