رئيس التحرير
عصام كامل

"أصابع من نار".. قصة فتاة اخترقت أجهزة التزوير ببنك شهير.. زورت 50 شيكا واستولت على 3 ملايين من حساب "طبيبة" 

فيتو

كانت تتمتع بذكاء خارق لم يمكنها فقط من النفاذ إلى الأوساط الاجتماعية الراقية في سنوات قليلة خلال عملها كـ"أسيست" طبي، بل نجحت أيضا في النصب على البنوك في واقعة من أغرب الوقائع، عندما استطاعت أن تقلد إمضاء إحدى العميلات لواحد من أكبر البنوك، دون أن يشك أحد من موظفيه في أي شيء، على الرغم من وجود أحدث الأجهزة التقنية المختصة بالكشف عن التزوير في البنك.

العقبة الوحيدة التي كانت تقف حائلا دون تحقيق أحلامها هي صخرة الفقر التي كانت تقف لها بالمرصاد، حتى جاء اليوم وتعرفت عليه، وأيقنت أنه أصبح أسيرا لفتنتها وذكاء عقلها الخارق، هي تخطط وترسم وهو يطيع وينفذ.

استغلت أنوثتها الطاغية 

كانت تلميذة مجتهدة وطالبة ذكية، واستطاعت أن تترقى سريعا في عملها حتى أصبحت مديرة لإحدى المراكز الكبيرة المتخصصة في علاج الأسنان وتقويمها بمدينة نصر، والذي تملكه إحدى الطبيبات الشهيرات والتي وضعت كل ثقتها فيها، وكان مجرد صبي لها ينفذ ما تحلم به، يعمل سائقا في إحدى شركات النقل، وتعرفت عليه من خلال طلبية أحضرها إليها، ولما رأت في عينه الشهوة قررت أن تستثمرها لصالحها، فأوهمته بحبها له، فطلب منها الزواج، لكنها واجهته بظروفه المادية الضيقة، وأخبرته أنه فقير مثلها، وزواجهما يعني مزيدا من التعاسة والشقاء، وتركته يفكر على أحر من الجمر تأكل نار العشق قلبه وتجعله مستعدا لتلقي أي إشارة من إصبعها الذي أصبح عقله كالخاتم فيه، وهنا عرضت عليه خطتها، وأخبرته أنها نجحت في الاستيلاء على دفتر شيكات الدكتورة التي تعمل لديها، والمطلوب منه الآن إحضار عدد من الأشخاص لتحرير مبالغ مالية لهم على هيئة شيكات بنكية يصرفونها باسمهم مقابل حصولهم على نسبة من هذه المبالغ، على أن تتولى هي تزوير إمضاء الدكتورة مستغلة خبرتها العريضة في مجال الرسم منذ مرحلة دراستها الثانوية، ولم تجد لدى العاشق الأسير أي مقاومة. 

خطة في منتهى الذكاء

رسمت الخطة بذكاء شديد اعتمدت فيه على أن تكون المبالغ المالية صغيرة نسبيا حتى لا يشك أحد من موظفي البنك في صحة الشيك في حال إذا كان المبلغ كبيرا، واستطاعت من خلال هذا التشكيل العصابي الذي يقوده عشيقها أن تستولي خلال عدة شهور على مبلغ 3 ملايين جنيها من رصيد الدكتورة.

كانت حريصة على ألا تظهر شخصيتها لأي من أفراد العصابة، وكان التعامل معهم يتم من خلال عشيقها، أما هي فكانت وراء ستار ترسم وتخطط وهم ينفذون، لكن المثل الشعبي القائل "خد من التل يختل" كان وراء كشف الجريمة، عندما لاحظت الطبيبة انخفاضا حادا في رصيدها البنكي، وأبلغت مباحث مدينة نصر باكتشافها سرقة عدد من الشيكات البنكية الخاصة بها والصادرة لها على حسابها بأحد البنوك وتزوير توقيعاتها على تلك الشيكات وتدوين أسماء بعض المستفيدين عليها، دون وجود علاقة أو معرفة بينها وبين أي من المستفيدين.

وبالفحص الفني للشيكات وعددها 50 شيكا، تبين أن الطبيبة لم تقم بكتابة التوقيعات أو تدوين بيانات هذه الشيكات، وأن التوقيعات المذيلة تم تقليدها وتتشابه مع توقيعات العميلة وينخدع بها موظفو البنك القائمين على الصرف، على الرغم من وجود أجهزة حديثة تحت أيديهم للشكف عن التزوير.

الصرف من بنوك مختلفة

وأسفرت تحريات إدارة مكافحة الجرائم المصرفية أن وراء ارتكاب وقائع التزوير كل من مديرة مكتب الطبيبة، بمركز علاج طب وجراحة الأسنان الخاص بها بمدينة نصر، وشريكها عاطل، مقيم بالبساتين، وأن المذكورين كونا تشكيلا عصابيا للاستيلاء على أموال المجني عليها من حسابها بأحد البنوك خلال الفترة من شهر أبريل وحتى شهر أغسطس من العام الماضي 2019، وأن المتهمة الأولى استغلت طبيعة عملها كمديرة لمكتب الشاكية وكسب ثقتها وإطلاعها على كافة المستندات الخاصة بها، وسرقت 50 شيكا من الشيكات البنكية الخاصة بها على فترات حتى لا ينكشف أمرها، وقامت بتزوير توقيعات الشاكية على الشيكات، وقام الثانى بإمدادها بأسماء بعض الأشخاص لتدوين بياناتهم كمستفيدين بالشيكات وتكليف الثانى بإحضار الأشخاص المستفيدين بصرف قيمة تلك الشيكات من فروع البنك المختلفة.

اعترافات المتهمة

وبمواجهتها، اعترفت المتهمة بأنها حصلت على مبلغ 2 مليون جنيه نصيبها فى تلك الواقعة، فيما حصل المتهم الثانى على مبلغ مليون جنيه.

وكشفت تحريات المباحث عن أن المتهمة لها خبرة واسعة في مجال التزوير، إذ قامت بتزوير شهادة تخرج منسوب صدورها لإحدى الجامعات تفيد حصولها على بكالوريوس طب وجراحة الفم والأسنان على غير الحقيقة، وأنها تحتفظ بمسكنها بثلاث شهادات تخرج مؤقتة منسوبة لإحدى الجامعات بإسم المذكورة تفيد حصولها على بكالوريوس طب وجراحة الفم والأسنان على خلاف الحقيقة، وصورة ملونة لشهادة إمتياز بإسم المذكورة منسوبة لإحدى الجامعات تفيد قضائها فترة الامتياز بكلية طب الفم والأسنان بالجامعة.

الجريدة الرسمية