رئيس التحرير
عصام كامل

ملعونة لقمة مغمسة بالذل

"ملعونة ساعة تنحسب م العمر يفنيها الخضوع.. ملعونة لقمة مغمسة بالذل.. ملعون الجبان"، صرخات أطلقها الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم ليعبر بها عن كل من اضطرته ظروفه يوما أن يقبل بالإهانة والذل من أجل لقمة العيش.

 

لقمة العيش المغموسة في مرق الذل وكسرة النفس وترخص الكرامة لا تسمن ولا تغني من جوع، تشبه الحلويات وأنواع الجاتوهات، براقة من الخارج وملونة ومزوقة، لكنها لا تشبع، سرعان ما يزول اثرها فلا يبقى منها شيء للروح أو الجسد، ملعونة هذه اللقمة كأكلها وعاطيها، كلاهما ملعون.

 

آكلها ملعون لأنه استرخص كرامته وهتك عرض نخوته وقبل على نفسه المذلة ووقع أسيرا في عبودية من ظن أنه يملك أسباب عيشه، ونسي أن من خلقه لن يضيعه، ألم يسمع قول ابن عروس وهو يصدح في مربعاته الخالدة: “ولا حد خالي من الهم.. حتى قلوع المراكب اوعى تقول للندل يا عم.. لو كان ع السرجي راكب ولا حد خالي من الهم.. حتى الزعف في جريده اوعى تقول للندل يا عم.. مهياش روحك في ايده”.

 

اقرأ ايضا: الداخلية تحارب في كل الجبهات والمؤسسات بتتفرج!

 

نعم.. روحنا وأرزاقنا في يد من تعهد لنا بكفالتها لا في يد مخلوق، لا أحد يجبرك على الاعتذار والنيل من كرامتك ما دمت صدعت بالحق، ورفضت أن توافق أو تتملق أو تنحني إرضاء لمتجبر عاتٍ أغراه المنصب وعرض الدنيا الزائف، فراح يدوس على الخلق وكأنهم عبيد اشتراهم.

 

وعاطيها ملعون "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد"، ألا يعرف أنه واحد وليس غيره الجبار القوي صاحب العزة، وأن جبروته الذي يمتطي به ظهور الخلق مصيره إلى زوال، وأن نفوذه لن يدوم له على حال، اعرف البعض من هؤلاء يتملق وينحني ويجعل "خده مداس" لصاحب النعم، ويفعل كل ما هو خسيس من أجل حفنة من المال، هؤلاء لا يعرفون أنهم يتركون الذل، والعار سوف يلاحق أبنائهم في حياته، وبعد موته، وستكون سيرته عفنة، مُنْتِنَةٌ، ولن يترحم عليه أحد، ملعونة لقمة مغمسة بالذل.

 

الجريدة الرسمية