رئيس التحرير
عصام كامل

المصريون بالخارج واتفاقية لاهاي بشأن التصديق (معاهدة أبوستيل)!

كان سبب التفكير باتفاقية التصديق أو معاهدة أبوستيل، يرجع إلى رغبة الدول الموقعة عليها في وضع الآليات المناسبة لتسهيل قضاء المصالح الخاصة بمواطنيهم فوق تراب العديد من الدول من دون عرقلة أو تعقيدات إدارية.

 

وبالطبع فإن مصالح مواطنيهم لن تقضى إلا بوثائق إدارية شخصية أو وثائق تجارية تصدرها السلطات المختصة في مختلف الدول، كما أن تلك الوثائق لن تكون لها أية آثار إلا إذا تم الاعتراف بها من جانب سلطات الدولة الأخرى. لذلك فقد عمدت هذه الدول إلى التفكير في آلية محددة تجعل الأفراد قادرين على تداول الوثائق الرسمية في مجموعة من الدول وكأنها صادرة عن نفس سلطات الدولة المراد الإدلاء فيها بتلك الوثائق. 

 

وفي هذا الشأن نحن نقصد "اتفاقية لاهاي لإلغاء إلزام التصديق بالنسبة للوثائق العامة الأجنبية، اتفاقية التصديق أو معاهدة أبوستيل"، وهي الاتفاقية المؤرخة في الخامس من أكتوبر 1961. وهي معاهدة دولية صاغها مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص. وطبقا لهذه الإتفاقية فإن وثيقة مثل وثائق الزواج، الطلاق، الميلاد وغيرها تكون معترف بها على أراضي الدول الموقعة على هذه الاتفاقية. وذلك يعني أنك لن تحتاج إلى أن تقوم بتوثيق هذه المستندات داخل السفارات المختلفة ولن تدفع أموالا مبالغا فيها من أجل الحصول على أختام السفارات.

 

اقرأ أيضا : اتفاق "سوتشي" التاريخي

في بداية عام 2019 كانت قد كشفت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، عن أعداد المصريين المقيمين بالخارج والتي تقدر بنحو 14 مليون مواطن. أما بشكل رسمي ففي عام 2017 كان قد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، خلال احتفالية "إعلان نتائج تعداد سكان مصر لعام 2017"، أن إجمالي عدد المصريين المقيمين في الخارج حتى نهاية عام 2016، بلغ 9 ملايين و470 ألفًا و674 مصريًا.

 

وبعيدًا عن أهمية هذا العدد الكبير معنويًا ودوره في رفع شأن مصر، فقد أعلن البنك المركزي المصري، منذ أيام أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج ارتفعت 13.6 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من السنة المالية 2019-2020. وقد وصلت قيمة تحويلات المصريين بالخارج في الربع الأول من العام الحالي إلى 803.6 مليون دولار، لتبلغ نحو 6.7 مليار دولار، مقابل 5.9 مليار دولار تقريبا خلال نفس الفترة من السنة المالية السابقة.

 

إذن نحن أمام مصدر دخل قومي هام لا يقل عن أي قطاع صناعي، زراعي أو خدمي في الاقتصاد المصري.

 

مصر كانت من أوائل الدول التي انضمت للعديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التاريخية والتي أسست بشكل عام القانون الدولي العام والخاص. ولكن المثير جدًا للحيرة هو عدم إنضمام مصر حتى الآن لاتفاقية لاهاي لإلغاء إلزام التصديق بالنسبة للوثائق العامة الأجنبية، اتفاقية التصديق أو معاهدة أبوستيل.

واقرأ أيضا : هل قررت روسيا إحياء سياسات الاتحاد السوفيتي في أفريقيا؟

فهل دور المصريين بالخارج معنويا كقوة ناعمة في غاية الأهمية ودورهم كداعم أول للاقتصاد المصري بتحويلات وصلت لحوالي 7 مليارات دولار، لا يستدعي انتباه القيادة السياسية التنفيذية والتشريعية من أجل طلب الحصول على عضوية اتفاقية دولية تُسهل أوضاع المصريين بالخارج فيما يخص إجراءات توثيق الوثائق الرسمية الصادرة من الحكومة المصرية، لكي يتم الاعتراف بها على أراضي الدول الموقعة على هذه الاتفاقية؟

فأوضاع المواطنين المصريين المقيمين بالخارج وأيضًا أولئك الذين لهم مصالح شخصية وتجارية مختلفة في الخارج، تنتج عنها مجموعة من الوضعيات القانونية التي تحتم على الإدارة المصرية أن تتحرك من أجل الوصول لأفضل السبل التي تساعد على قضاء مصالحهم داخل أرض مصر وفي الدول التي يتواجدون بها وذلك تقديرًا لدورهم.

 

فليس من العدل أن يعاني المصريون بالخارج من أجل الحصول على ختم توثيق السفارات المختلفة على وثائق الميلاد أو الزواج أو غيرها من الوثائق، وليس من العدل أيضا دفع مبالغ طائلة من أجل الحصول على هذه الأختام من السفارات المختلفة.

 

لذلك ننتظر من الإدارة المصرية التحرك دبلوماسيا من أجل الانضمام لهذه الاتفاقية، لتسهيل أوضاع المصريين بالخارج و أيضا مصر كدولة رائدة في حقل التوقيع على الاتفاقيات الدولية تاريخيا أن لا تكون ضمن 118 دولة مهمة موقعة على هذه الاتفاقية.

الجريدة الرسمية