رئيس التحرير
عصام كامل

إلى نقابة الصحفيين: طيب والأحزاب تشتغل إيه؟!


السؤال خاص بالمؤتمر أو الندوة التي أقامتها نقابة الصحفيين أمس، عن "مشروع قناة السويس".. فالحقيقة أنه ليس دور النقابة، فهو دور سياسي بامتياز، والأولى به الأحزاب والتيارات السياسية.

 فالنقابة دورها مهني أي كل ما يتعلق بالصحافة والصحفيين فقط لا غير، ثم إذا كانت النقابة ومجلسها ينوون ممارسة السياسة، فهل نطالب بإغلاق الأحزاب والجبهات المنتشرة في البلد.

لكن.. أليس للنقابة دور وطني قومي؟. 

قبل الإجابة؛ لابد أن أؤكد على ما هو معروف، وهو أنني ضد المشروع الإخواني لقناة السويس، وأنني ضد التنظيم السري للإخوان قبل وبعد الثورة، ولم أكن مثل الكثير من أصدقائي "يطرمخون على جرائمهم"، ويدافعون عنهم بالباطل أثناء حكم مبارك، والآن يعادونهم.

أما الدور القومي والوطني.. إلخ، فدعني أقول لك بصراحة إن هذه هي إحدى الأكاذيب الكبرى التي روجتها التيارات السياسية للاستيلاء على النقابات، وجعلتها على امتداد عقود وعقود حديقة خلفية لها، أو للدقة ساحة إطلاق نيران متبادلة بين القوى السياسية المتصارعة.. فعن أي دور وطني أو قومي، هل هو الدور الذي يراه الناصريون أم الإخوان أم الليبراليون أو غيرهم؟!!. 

ثم إن أي تيار سياسي هدفه الوصول إلى السلطة وحكم البلد، ولذلك يستخدم الآليات التي تمكنه من ذلك، أما النقابة فهي تجمع لأصحاب مهنة واحدة، وليس مشروعا سياسيا واحدا، أي أن ما يجمعهم هو مصالحهم ومصالح مهنتهم.

الآن.. سأعطيك مثالاً بالندوة التي انعقدت أمس في النقابة:

أولا المؤتمر كما قلت كان يجب أن يتبناه ويدعو إليه كل الذين يناهضونه من القوى السياسية في مقاراتهم.. وثانياً هو في الحقيقة ليس مؤتمراً لأن الطرف الغائب فيه هم الإخوان والذين يؤيدون مشروع قناة السويس..

إذًا.. فالهدف من هذا المؤتمر، لو وافقنا على وجوده في النقابة، هو الشحن والحشد ضد المشروع الذي يتبناه الإخوان، لأن كل الحاضرين ضده..

إذًا.. فالهدف هو استغلال النقابة التي يسيطر عليها الآن التيار السياسي المعارض للإخوان.. فماذا لو كان التنظيم السري للإخوان هو المسيطر؟. 

كان سيدعو بذات الطريقة إلى مؤتمر يحشد فيه المؤيدين للمشروع، ولعل القارئ الكريم يتذكر أننا قبل الثورة كنا نعاني من أن النقابة لا تقوم بدورها في الدفاع عن أجر وحرية الصحفيين، كل الصحفيين، ولكنها انشغلت فقط بأن تكون ساحة إطلاق نيران مرات ضد الحزب الوطني ومرة ضد معارضيه.

لكن للإنصاف؛ إن هذا كان مبرراً، فقد كان النظام السابق يقيد حركة الأحزاب والقوى السياسية، وكان المنفذ أمامها أن تركب النقابات، وتستغلها في عمل لا علاقة لها به وهو العمل السياسي.. أما الآن فليس هناك قيود على أي نشاط سياسي.

لكن نقابة الصحفيين نقابة رأي؟.. 

هذه ثاني أكبر الأكاذيب التي يتم ترويجها، فالحقيقة أنها نقابة كل الآراء، بمعنى أن الصحفيين مثل أي جماعة مهنية فيهم الإخواني والمعارض لهم، وفيهم "البين بين"، وفيهم من يرفض كل ذلك، ومن ثم لا يجوز أن يتم توجيهها سياسياً في صالح اتجاه ضد الآخر.. لأن هذا في الحقيقة انتهاك لحقوق زملاء مؤيدين للإخوان أو أعضاء في التنظيم السري للإخوان، ومن حقهم أن يعقدوا ندوة لتأييد المشروع.


إذًا.. ما هو دور النقابة؟.. 

بسيط وواضح وهو الدفاع عن أجر وحرية كل الصحفيين، أياً كان توجههم السياسي، وكان الأولى بأصدقائي في لجنة الشئون العربية أو في مجلس النقابة أن يعقدوا مؤتمرات وندوات للمفصولين من صحفهم، أو حل مشاكل العاطلين عن العمل، أو النضال من أجل إلغاء كل المواد التي تجيز الحبس في قضايا النشر، أو المواد التي تقيد الصحافة في الدستور، أو ندوات لكيفية حماية الصحفيين من الاعتداءات والأمان الشخصي لهم، أو الدور الذي يلعبه المجلس الأعلى للصحافة، أو بذل جهد لعمل لوائح الفوضى الكارثية لعلاقات العمل، أو الطريقة التي تمكن النقابة من حماية زملائنا غير المعينين.. إلخ.

أما إذا كان بعض من زملائي في مجلس النقابة "مزنوقين في بقين سياسة وشوية فضائيات"، فأقترح عليهم مقارات وعضوية الكثير من الأحزاب، وإذا ضاقت الدنيا بهم ولم تعجبهم، فأمامهم كل ميادين مصر وشوارعها، أما النقابة فقد أفسدتموها بما فيه الكفاية طوال عقود وعقود، ونرجوكم أن تتركوها، لتقوم بعملها وليس عملكم.

الجريدة الرسمية