رئيس التحرير
عصام كامل

سيما أونطة


خرج صديقي «الطيب» من السينما مفعما بطاقة غريبة، بعدما شاهد البطل الذي وقع في غرام البطلة الحسناء من النظرة الأولى وطلبها للزواج فتبسمت وقبلت.. وقالت له: «واو، يا لرومانسيتك أيها الجنتل مان».


ومن فرط إعجاب صديقي -الذي أكرر أنه طيب- بالمشهد، قرر أن يعيد تمثيله «لايف»، فاستوقف فتاة في أحد الشوارع، وسألها بينما ابتسامة بريئة تكسو وجهه: «تتجوزيني يا قمر؟».. لم تكذّب البنت خبرًا، واستوقفت بدورها بعض المارة وأخبرتهم أن «الأفندي» يتحرش بها.

باقي الحكاية لا أعرفها، فصديقي لم يستطع أن يكملها لي، وهو الآن بمستشفى الهلال محتجز بقسم العظام، وحين يستفيق من غيبوبته يتناول دواء يساعده على استرجاع الذاكرة.. ولا أعرف كيف أبلغه بأنه مطلوب في القسم لاستكمال محضر التحرش اللفظي بأنثى!

صديقي الطيب مثل كثير منا، فنحن نشاهد الأفلام ونتقمص الدور، في زمن لم يعد فيه مكان للبطولة.. (ملاحظة: يمكنك حذف هذا السطر الكئيب، الذي اندس في مقال، يفترض أنه كتب كي تضحك أو تتبسم).

وبالعودة للهلس، أذكركم ونفسي، أن معظم ما نراه على الشاشة هو من وسوسة المؤلف والعياذ بالله.. هذا المؤلف –ربنا ينتقم منه– يتبارى وزملاؤه في تسريب الأكاذيب إلى عقولنا.. يبيعون لنا الأوهام بتذكرة سيما أونطة.

أنا شخصيا لي العديد من التجارب في هذا الأمر، فكثير ما حلمت بأنني بطل، مثل ذلك البطل الذي كان جسده يشبه تماما جسد الراحل "الضيف أحمد"، والذي تعرض للظلم على يدي ذلك الشرير، فقرر الانتقام، لكن كيف وجسده هكذا.

لم يعان البطل كثيرا كي يحصل على عضلات مفتولة وبنيان قوي، فكل ما احتاجه فقط عدة مشاهد، ذهب خلالها إلى الجيم، فانتفخت عروقه واصبح كما «الحيطة»، ثم بدأ رحلة الانتقام، التي انتهت بأن ركع ذلك الشرير الذي ظلمه تحت قدميه.. وفي فيلم آخر، خسر هذا البطل الطيب حبيبته، إذ باعته هذه الحسناء مع أول عريس ميسور الحال تقدم لخطبتها.

طبعًا هو لم يستسلم، وقرر أن يصبح غنيًا.. هكذا، قرر أن يصبح غنيًا، لكنه والشهادة لله لم يغتنِ بسهولة، إذ كلفه الأمر تسعة مشاهد كاملة، عمل خلالها دون كلل أو ملل، وبلل العرق جبهته وتحت باطه، ثم أصبح ثريًا لديه من السيارات أسطولا، لا يضاهيه سوى أسطول سيارات الأسطورة "محمد رمضان"، فضلًا عن قصر عظيم وحفنة شقق فاخرة متناثرة في عدد من الأحياء الراقية.. وشركات ومطاعم.. وكفاية كده..

عزيزي المشاهد، بطل تحلم، وعلى رأي «الكينج»: قبل ما تحلم فوق واحلم وانت فايق. قبل ما تطلع فوق انزل للحقايق»، بس خد بالك وأنت نازل من السلمة المكسورة.
الجريدة الرسمية