حكايات «نواب الشيكات» في البرلمان.. «عبد العال» محذرًا الأعضاء: «العيار اللي ميصبش يدوش.. وبتودوا الملايين فين».. علاء والي أحدث المنضمين للقائمة السوداء.. ورئيس المجلس ي
ما بين «العقاب القانوني» و«تأثيرها السياسي السلبي»، لم تتوقف تحذيرات الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، لأعضاء البرلمان من التورط في جريمة «توقيع شيكات بدون رصيد»، والمثير هنا أنه رغم تصريحات «عبد العال»، إلا أنه السنوات الماضية شهدت تكرار وقائع اتهام النواب في تلك القضايا، ودائما ما يبدي رئيس البرلمان انزعاجه، بل واستياءه من توقيع النواب شيكات بدون رصيد، منتهزا الفرصة لتقديم درسا قانونيا للنواب حول خطورة هذه الجريمة، وذلك خلال نظر المجلس لطلبات رفع الحصانة المقدمة من النائب العام بشأن الدعاوى المقامة ضد بعض النواب في قضايا شيكات بدون رصيد، وكانت آخر تحذيرات رئيس البرلمان للنواب، مطلع الشهر الماضي، وتحديدًا أثناء نظر المجلس لتقرير اللجنة التشريعية بشأن الطلب المقدم من النائب العام بشأن رفع الحصانة عن النائب علاء والي، في دعوى توقيع شيك بدون رصيد، رقم 25226 لسنة 2015 جنح قسم الجيزة، إصدار شيك بدون رصيد، بقيمة مليونى جنيه لصالح إحدى الشركات، حيث نشب جدل واسع حول التقرير الذي أوصى برفض طلب رفع الحصانة لتوافر شبهة الكيدية.
حالة الجدل التي أثارها التقرير البرلماني شهدت تأكيد الدكتور علي عبد العال، على ضرورة وضع توصيف ومعيار سليم لشبهة الكيدية بالنسبة للطلبات التي تقدم للبرلمان لرفع الحصانة عن أي عضو لاتخاذ الإجراءات القانونية في أي قضية، مضيفا، أن «جريمة الشيك بدون رصيد» ليس فيها كيدية»، متابعا «بل وذهب البعض إلى أبعد من ذلك، حتى وإن قال من وقع على الشيك أنه تم إكراهه على التوقيع.. فهى ليست كيدية»، وأضاف «عبد العال»، أن «تقرير اللجنة التشريعية يقول أن هناك معاملات تجارية ويتضح من ظاهر الأوراق أنه تمت معاملات تجارية بين الشاكى والمشكو في حقه، والشيك وليد المعاملات، ويمكن رفض طلب رفع الحصانة بشرط السداد وليس بسبب الكيدية»، كما جدد رئيس البرلمان تحذيره لأعضاء مجلس النواب، بعدم التوقيع على شيكات بدون رصد أو إيصال أمان، كما وجه لجنة الشئون الدستورية بمراعاة ذلك لاحقًا في مناقشتها للقضايا المماثلة، متابعًا: الحصانة متعلقة بالمصلحة العامة، ولكن إذا تعلقت بحقوق الغير يجب أن ننظر إليها، وتابع: لا بد من وضع معيار فني علمي للكيدية، وتوافرها أو عدم توافرها، وضميرى المهنى يتألم ويتأذى كثيرا، ولنفرض أن باحثا في يوم من الأيام عمل بحثا عن الكيدية ورجع للمضابط وأخذ ذلك كمعيار، ووصل إليه مفهوم خاطئ عن الكيدية، هيقول إن مجلس النواب وصف الكيدية كده، فالمضابط مستند رسمى تهتدى بها المحاكم في كثير من القضايا، لذلك لابد أن نضع حد فاصل بين الكيدية وعدم الكيدية، ضمائرنا تنادينا أن نعمل الدستور والقانون، فهناك حقوق للغير، طيب يعملوا إيه»، وقال «عبد العال»، إن «لجنة الشئون الدستورية والتشريعية مطبخ المجلس وفيها قامات قانونية، على رأسها رجل قانون المستشار بهاء أبو شقة».
واقعة النائب علاء والى، لم تكن الوحيدة المتعلقة بـ«الشيكات بدون رصيد تحت القبة» فقد سبق وأن نظر المجلس، عدد من طلبات النائب العام لرفع الحصانة عن عدد من النواب، في دعاوى مشابهة، منهم النائب عبد السلام الخضراوى، الذي رفض البرلمان خلال جلسته العامة بأكتوبر الماضى، طلب النائب العام برفع الحصانة عنه لاتخاذ إجراءات رفع الدعوى الجنائية ضده في القضية رقم 13814 لسنة 2019 جنح ثان شبرا الخيمة وذلك لارتكابه جنحة إصدار شيك ليس له مقابل بقيمة 11 مليون جنيه، ودافع النائب خلال الجلسة، عنه نفسه قائلا: «أنا ضحية نصب، ولجأت إلى قضاء مصر الشامخ، وحصلت على حكم بالبراءة»، وقد شهدت هذه الجلسة، تحذير جديد من رئيس البرلمان، بشأن توقيع النواب للشيكات، قائلًا: «إياكم من التوكيل العام والشيك بدون رصيد لأنه يعد جنحة وجريمة مخلة بالشرف والعيار اللى ما يصبش يدوش»،وتضم القائمة أيضا النائب محمد هانى الحناوى، حيث شهدت جلسة المجلس في نهاية دور الانعقاد الماضي، أزمة خلال نظر تقرير اللجنة التشريعية بشأن طلب النائب العام برفع الحصانة عن «الحناوى» في دعوى شيك بدون رصيد، خاصة بعد توصية اللجنة برفع الحصانة عنه، وأبدى النائب حسن نيته في سداد المبلغ المقدر بمليون و750 ألف جنيه، بنيابة الهرم، وهو ما دعا المجلس لمناقشة الأمر قبل إقرار رفع الحصانة عنه، وتم التنسيق مع النائب العام من أجل إيداع المبلغ المطلوب في خزانة النيابة لصالح المدين.
من جهته أوضح الدكتور على عبد العال، خلال تلك الجلسة، أن دور البرلمان هو النظر في كيدية البلاغ من عدمه، وليس تحصيل قيمة المبلغ محل القضية، وقال: «مجلس النواب لا يتستر على أي نائب من نوابه في حال ارتكب أي مخالفة، والهدف الأسمى مما حدث هو تحقيق التوافق وإذا لم يتم التصالح بشكل نهائي سننظر رفع الحصانة»، واتفق مع الدكتور على عبد العال، عدد من نواب اللجنة التشريعية في هذا الشأن، وفي مقدمتهم النائب أحمد حلمي الشريف، وكيل اللجنة التشريعية، الذي أكد أن دور اللجنة النظر في كيدية البلاغ من عدمه، حيث تبين أنه لا كيدية في البلاغ المقدم ضد النائب محمد هاني الحناوي، وأيضا، تضمنت قائمة النواب المقام ضدهم دعاوى الشيكات، النائب نبيل شاهين، الذي رفض المجلس طلب رفع الحصانة عنه، في ذات الجلسة بنهاية دور الانعقاد الماضي، في البلاغ المقدم ضده من إحدى الشركات العقارية في قضية شيك بدون رصيد، للكيدية، ووجه الدكتور على عبد العال، خلال تلك الجلسة، انتقادا حادا لبعض النواب ممن يوقعون شيكات بدون رصيد، ما يدفع المتضررين تقديم طلبات أمام النائب العام لرفع الحصانة عن النواب، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وقال: «ميصحش عضو مجلس النواب يمضي شيكات بدون رصيد، مش عايز اسمع موضوع الشيكات بدون رصيد تاني في المجلس، لازم تحافظوا على صورتكم أمام الناخبين»، وداعب عبد العال النواب: «الملايين دي بتودوها فين»، مؤكدا أن دعاوى الجنح لا تسقط بالتقادم، ويحدث لها وقف فقط، مؤكدا أن الانتخابات مقبلة، «اللي عليه مشكلة مالية مع حد، لابد من حلها حتى لا يتم استبعاده من الانتخابات من خلال مثل هذه الدعاوى»، وكذلك ضمت القائمة، النائب خالد بشر، الصادر ضده عدة أحكام قضائية بالحبس في قضايا شيكات بدون رصيد، بقيمة تتجاوز الـ33 مليون جنيه، وسبق ورفض لجنة الشئون التشريعية والدستورية، في نهاية عام ٢٠١٦ على رفع الحصانة عنه بناء على الطلب المقدم من أحمد غريب المحامى بصفته وكيلًا عن أشرف عبد الفتاح، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بالمصرف المتحد، لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاهه بتحريك الدعوى الجنائية لإصدار العديد من الشيكات لصالح المصرف المتحد، إلا أن المجلس أجل قرار رفع الحصانة عنه، لمنحه مهلة للتسوية، وهناك أيضا النائبة سحر الهوارى، التي صدر بشأنها حكم نهائي في قضية قروض بنكية وإشهار إفلاس بالتدليس، منذ أبريل 2017، ووافق المجلس على تقرير اللجنة التشريعية عام ٢٠١٧، برفع الحصانة عنها، لتنفيذ حكم محكمة جنايات الإسكندرية الاقتصادية في ٢٣ أبريل ٢٠١٧ بسجنها لمدة خمس سنوات بتهمة التفالس بالتدليس، وأجل المجلس، التصويت على إسقاط عضويتها من البرلمان، بعدما كان تقرير اللجنة التشريعية بشأنها، مدرجا على جلسة المجلس بدور الانعقاد الماضى، وذلك لمنحها فرصة أخيرة للتسوية.
ومن جانبه أثار النائب صلاح حسب الله، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية، قضية نواب الشيكات من جديد في الجلسات الأخيرة، مطالبًا بتسوية محررى الشيكات من النواب، المبالغ التي عليهم خلال مدة محددة، مؤكدًا أن رفض رفع الحصانة عن النواب في قضايا «الشيكات» يسيء للمجلس، وعقب عبد العال قائلا: «لابد أن ينقى البرلمان نفسه بنفسه والانتخابات البرلمانية على وشك أن تبدأ أو بدأت بالفعل، وأى قانونى يقول إن هناك كيدية في الشيك يبقى مشكوك في الليسانس بتاعه»، وفى هذا السياق قال النائب ثروت بخيت، عضو لجنة الشئون التشريعية والدستورية بمجلس النواب: السبب وراء توصية اللجنة برفض طلب رفع الحصانة عن بعض النواب في دعاوى الشيكات بدون رصيد، هو عدم وجود أحكام نهائية باتة ضدهم، والأحكام الصادرة في حق بعض النواب هي أحكام جزئية، من الوارد انتهاؤها ببراءة النواب، لا سيما وأن دعاوى الشيكات بدون رصيد يجوز فيها التصالح في أي وقت، كما أنها تكون قائمة على علاقات تجارية، وأيد عضو اللجنة التشريعية، موقف الدكتور على عبد العال، حول ضرورة عدم اعتبار، جريمة الشيك، بها شبهة كيدية، في حالات صدور الحكم النهائى، ومن جانبه، قال المستشار محمد نور الدين، الخبير الدستورى، إن «اللائحة الداخلية لمجلس النواب حددت الإجراءات المتعلقة برفع الحصانة عن النائب حال رفع دعاوى قضائية ضده، ومنها التأكد من عدم كيدية، وذلك لحماية النائب فيما يتعلق بممارسة مهامه البرلمانية»، وأضاف: ما ذكره الدكتور على عبد العال، بشأن اعتبار جريمة الشيكات بدون رصيد، ليس بها شبهة كيدية كلام صحيح، لأن جسم الجريمة موجود وهو الشيك، بخلاف قضايا أخرى مثل السب والقذف والضرب، التي تحتاج إلى إثبات وشهود، إلا أنه من حق المجلس في قضايا الشيكات التأنى في رفع الحصانة عن النواب المقام ضدهم دعاوى شيكات، حتى يمنحهم فرصة للسداد أو التسوية، وأوضح الخبير الدستورى، أن «المقصود من الحصانة البرلمانية للنواب، ليست كما يتوقع البعض حمايتهم من توقيع عقوبات عليهم أو تسهيل لارتكاب جرائم، بل هي لحمايتهم في أداء دورهم النيابى فيما يتعلق بالآراء والأفكار تحت القبة، أما ارتكاب العضو لجرائم يعاقب عليها القانون خارج المجلس، فلا حماية أو حصانة له، ولكن هناك إجراءات قانونية يتطلب اتخاذها في مثل هذه الحالات، منها إصدار إذن من المجلس ليتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضده، وبمجرد انتهاء الدورة البرلمانية، يمكن تحريك الإجراءات القانونية ضد النائب، ما لم تقم النيابة باتخاذ إجراء قاطع ضد النائب، أو تسقط الدعوى بالتقادم.
نقلا عن العدد الورقي
