رئيس التحرير
عصام كامل

حرق الجيش والشرطة


هذا أمر لا يصلح معه الكيد السياسي، ولا الحسابات السياسية قصيرة المدى. لكنه أمر متعلق بما هو أكبر من الإخوان والسلفيين وكل القوى السياسية. إنه يتعلق بمؤسسات الدولة المصرية، طبيعتها وماذا نريده منها، سواء على المدى القصير أو الطويل.


صحيح أن التنظيم السري للإخوان وحلفائه هم الذين أوقعونا في هذه الكارثة. كارثة قرار المحكمة الدستورية العليا بمنح العاملين في الجيش والشرطة حق التصويت. لا أقصد العاملين المدنيين ولكن العسكريين في المؤسستين. والمحكمة الدستورية وظيفتها تطبيق مواد الدستور وكل يوم نكتشف في الدستور الإخواني الذي وضعوه كوارث، هذا بالإضافة إلى الكوارث التي حذرت وحذر منها غيري، وأخطرها على الإطلاق أنه طائفي عنصري وضع مصر على طريق الدولة الدينية الفاشية.

صحيح أنهم هم الذين ارتكبوا الجريمة، لكن لن يدفعوا ثمنها وحدهم. ولا يجب أن نفرح بارتباكهم وحيرتهم الآن فيما يفعلون في هذه المصيبة. وهي مصيبة ليس لأنهم حريصون على حياد المؤسستين، لكن بسبب دخول كتلة تصويتية في الأغلب ستكون كما قال الزميل العزيز إبراهيم عيسى أمس في برنامجه "هنا القاهرة" ضد الإخوان.

وربما هذا ما جعل بعض السياسيين المعارضين للإخوان يرحبون بحكم المحكمة الدستورية.

خطورة الحصول على تصويت الجيش والشرطة في الانتخابات تعني أنه سيتم تفتيتهم سياسيا، وسوف يدخلون بقوة في حلبة الصراع السياسي الحزبي اليومي. وفي ظل حالة الاستقطاب العنيف التي تمر بها البلد، ستنتقل بالطبع إلى المؤسستين.

هذا أولا وثانيا الصراع السياسي ليس فقط في صندوق الانتخابات، لكن له تجليات كثيرة منها مثلا الالتحاق بالأحزاب. منها أيضا الاحتجاجات والتظاهرات وتوزيع البيانات وحشد الأنصار.. إلخ. فماذا سيحدث في المؤسستين؟

سينتقل كل ذلك إليهما، والأخطر أنه إذا حدث وتطور الصراع بأي شكل من الأشكال إلى عنف، فماذا سيفعل ضباط وجنود الجيش مثلا؟!!

الإخوان مهما طال حكمهم، فهم إلى زوال. وأظن أن الصواب والتفكير العاقل يقول إننا لابد أن نحافظ على حيادية ومهنية الجيش والشرطة والقضاء. والحياد هنا بمعنى المهنية، أي أن تكون هذه المؤسسات على مسافة واحدة من كل التيارات السياسية. فلا يؤثر هذا على عملها ولا على ما تقدمه من خدمات لكل المصريين.

كيف نفعل ذلك؟

لا أعرف على وجه الدقة، فعلينا جميعا أن نفكر في الخروج من هذه المصيبة. وإذا لم نفعل، فهذا معناه أننا وضعنا البلد على طريق الحرب الأهلية المسلحة.
الجريدة الرسمية