رئيس التحرير
عصام كامل

أخلاقهم وأخلاقنا الرياضية.. "سول" نموذجا!


ربنا سبحانه وتعالى تاب على من مشاهدة كرة القدم المصرية، وهي في الحقيقة لا يمكن تسميتها كرة قدم، لأنها ضجيج بلا طحين، وينطبق عليها المثل الشعبي القائل "الجنازة حارة والميت......"


لذلك أنا متابع جيد للدوريات العالمية وخاصة الأوروبية، ويوم الأحد الماضي كنت أشاهد مباراة في الدوري الإنجليزي، وبدون قصد تسبب "سول" لاعب توتنهام في إصابة خطيرة لـ"جوميز" لاعب إيفرتون، وفجأة انهمر "سول" في البكاء، الأمر الذي أسال دموع كل جماهير الفريقين في الإستاد، ولمدة 12 دقيقة تقريبا تحول الملعب إلى شبه سرادق عزاء، حكم المباراة طرد "سول" الذي كان قد قرر عدم استكمال المباراة حتى لو لم يطرده الحكم.

ولكن الاتحاد الإنجليزي كان له رأي آخر، حيث قرر إلغاء عقوبة طرد "سول"، لأنه لم يتعمد إصابة منافسه، هل انتهت الحكاية عند هذا الحد لا والله، لأنه بالأمس خلال مباراة توتنهام والجبل الأحمر في دوري أبطال أوروبا "سول" يسجل ثلاثة أهداف، ويحقق أول هاتريك في حياته بالدوري الأوروبي، وبعد كل هدف يرفض "سول" الاحتفال ويقدم اعتذارا لـ"جوميز".

ما هذه الأخلاق؟ وما نوعية هؤلاء البشر؟

بالمناسبة "سول" من كوريا الجنوبية وهي دولة معظم شعبها لا يؤمن بأي ديانة، ولكنها القيم الإنسانية التي يولد بها الطفل، ثم يأتي دور البيئة المحيطة به، والتي يعيش فيها من أسرة وتعليم وإعلام وفن وثقافة وظروف اقتصادية واجتماعية وصحية، هل تساعد في استمراره هكذا وتنمية أخلاقه أم تحوله إلى إنسان مجرم، وللأسف قدر المواطن العربي أنه ينشأ في بيئة لا تخلق منه شخصية سوية إلا من رحم ربي.

عودة إلى الرياضة والمفترض أنها أخلاق وأدب وتسهم في الارتقاء بالذوق العام، وهي وقاية للشباب من الانحراف والعاملون في مجال كرة القدم يجب أن يكونوا قدوة تحتذى، ولكن للأسف الشديد والشديد جدا أن معظم المتصدرين للمشهد الرياضي المصري حاليا هم أسوأ النماذج، وسمعتهم غير طيبة، ولا نسمع عن هذا المجال سوى قضايا الفساد والرشاوى والتلوث الأخلاقي.

كرة القدم في العالم صناعة ينفق عليها الملايين وتربح المليارات وتسهم في الدخل القومي للدول، ولنا في البرازيل والأرجنتين خير مثال، بل هناك اقتصاد دول يعتمد بشكل مباشر عليها مثل إسبانيا وإنجلترا، حيث تسهم في خلق آلاف فرص العمل وجذب ملايين السائحين، فلا يوجد زائر لإسبانيا لا يذهب إلى ملعب برشلونة أو ريـال مدريد، ويدفع أموالا كثيرة من أجل جولة في الملعب أو صورة في غرف اللاعبين وشراء ملابسهم.

كما أن الأندية هناك لها دور اجتماعي في رعاية مؤسسات خيرية، ومباريات كرة القدم هناك تقام دائما في أيام الإجازات الرسمية حتى لا تعطل عن العمل، وتكون فرصة للمواطنين وأسرهم بالاستمتاع بها من المدرجات وكأنها نزهة أسبوعية، والاستادات تحفة فنية ومجهزة للاستقبال عشرات الآلاف وتوفر لهم كل وسائل الراحة والترفيه، والله الموفق والمستعان.

egypt1967@Yahoo.com

الجريدة الرسمية