رئيس التحرير
عصام كامل

هند صبري بعد جائزة أفضل ممثلة: محظوظة بنجاح «الفيل الأزرق»..و"نورا تحلم" ليس فيلم مهرجانات

فيتو


  • كلنا رماديون.. نظهر للناس عكس ما بداخلنا
  • لا يوجد سينما تجارية تحقق أرباحا في الوطن العربي سوى في مصر
  • «نورا تحلم» يشبه الأعمال اليدوية.. ولا أحكم أخلاقيًا على الشخصيات التي أقدمها
  • لا أحب مصطلح أفلام المهرجانات وأعتبرها أفلاما ذات رسالة خاصة
  • وافقت على عمل «تجربة أداء» لبطولة «نورا تحلم»
  • دخولي غرفة العزل في «الفيل الأزرق 2» أثر علىّ كثيرًا
  • السينما المستقلة هي أساس السينما ولا بد للفنان من التواجد بها
  • الفرق سيظل كبيرا بين السينما التجارية والمستقلة
  • المعايير الفنية كانت أهم من التجارية في كل أفلامى التونسية
  • إمكانيات الصناعة التونسية حاليًا لا تؤهلها لأن تصبح تجاري

2019.. يمكن وصفه بـ«عام السعادة» في حياة الفنانة هند صبرى، لا سيما وأنها استطاعت خلال أيامه تحقيق العديد من الإنجازات الفنية، إلى جانب وصولها إلى مرحلة «التشبع الفنى»، فـ«هند» قدمت خلال العام الحالى فيلمي «نورا تحلم» الذي نال إشادات كبيرة من الجمهور الأوروبي والكندي، بعد عرضه في مهرجانات عالمية، وكذلك حصدت من خلاله جائزة أحسن ممثلة في الدورة الثالثة من مهرجان الجونة.
«هند» قدمت خلال العام ذاته فيلم «الفيل الأزرق 2» الذي تعتبره واحدا من أفضل أفلامها، فبشهادتها تعتبر شخصية «فريدة» الأفضل لها منذ الشخصية التي قدمتها في فيلم «أسماء» الذي جرى عرضه في 2011، ولهذا ترى أنها حققت الإشباع الفني بتقديم شخصيتين مختلفتين، وحققت إنجازا فنيا بعرض الفيلم في مهرجانات عالمية وجائزة أفضل ممثلة.. وكان لـ"فيتو" معها هذا الحوار عن أفلامها وعن السينما المستقلة، ورأيها فيها، ورؤيتها لتطور السينما في تونس وغيرها من التفاصيل المهمة.. فإلى نص الحوار:

* بداية.. كيف كان استعدادك لفيلم «نورا تحلم» الذي يصنف كونه واحدًا من «أفلام المهرجانات»؟
- «نورا تحلم» ليس فيلم مهرجانات، وبشكل عام لا أحب هذا المسمى، ولكنه فيلم خاص، حيث إن كاتبة الفيلم ومخرجته لديها تصورها الخاص للقصة، وهذا أمر شائع في السينما التونسية، لأنها ليست سينما تجارية بل سينما مبنية على المعايير الفنية، وأنا ولدت في هذه السينما، وفي كل الأفلام التونسية التي قدمتها كانت المعايير الفنية أهم من المعايير التجارية، أما فيما يتعلق بالاستعداد للفيلم فإنه لم يكن سهلًا، لا سيما وأن «نورا تحلم» يشبه الأعمال اليدوية، وكنت محظوظة هذا العام بنجاح فيلمين لي، أحدهما من هذا النوع وهو «نورا تحلم» والآخر تجاري وهو «الفيل الأزرق 2»، مع الأخذ في الاعتبار أن وجود هذا النوع لا يمنع وجود النوع الآخر، بالعكس فوجود النوعين يثري الحياة الفنية، وعلى الفنان أن يقدم النوعين ولا يحصر نفسه في نوع واحد، ولا يوجد أي مانع أن يقدم الفنان فيلما تجاريا يحصد الملايين من الإيرادات، وفي نفس الوقت يقدم فيلما صغيرا هو مؤمن به في دول السينما بها ليست بقوة السينما المصرية مثل تونس أو المغرب أو الأردن.

* حدثينا عن رد فعل الجمهور الكندي والأوروبي في مهرجاني «تورنتو» و«سان سباستيان» بعد مشاهدة «نورا تحلم»؟
- الفيلم محلي، لكن القضية التي يناقشها تقع ما بين المحلية الشديدة والعالمية، لأنه يتحدث عن قصة ربما تحدث في أي بلد في العالم وفي كل المجتمعات وكل الطبقات، والجمهور في «تورنتو» ذُهل قليلًا بسبب نوعية الفيلم، لأنه معتاد على نوعية أفلام أخرى تأتيه من المنطقة العربية، أما في «سان سباستيان» فقد نال الفيلم إشادة كبيرة من الجمهور الذي ظل يصفق للفيلم بعد انتهاء العرض لمدة 10 دقائق.

* صراحة.. ألم تخافي من نوعية القضية التي يناقشها الفيلم؟
- أنا لا أخاف، لأنني أرى أن السينما دورها أن تطرح أسئلة عن أشياء نحن لا نجيب عليها في حياتنا، فأكثر ما أعجبني في الفيلم أنه يناقش قصة عن الأخلاق والقانون، والشخصيات كلها ذات لون رمادي، ولا يوجد شخص مثالي وكل الأبطال لديهم أشياء جيدة وأخرى سيئة في حياتهم، حتى «نورا» بطلة الفيلم كان من الممكن أن يُحكم عليها أخلاقيًا بشكل سيئ، وزوجها كذلك البعض يتعاطف معه والآخر يراه مجرما، فتلك المنطقة الرمادية هي التي تلعب فيها السينما، ولكن جميعنا كلنا كبشر رماديون، نظهر للناس شيء ما ولكن بداخلنا أشياء أخرى مختلفة.

* فكرة أن البطلة كانت على علاقة بشخص آخر وهي متزوجة، ربما كان من الصعب على الجمهور تقبلها.. كيف رأيت الموضوع؟
- كل شخص يحكم على الآخرين من خلال حياته وتجاربه وظروفه الخاصة، فكل شخص لديه حكم مختلف، فلا يوجد شخص جيد إلى النهاية والجميع لديهم أخطاء، ومن جانبى لا أحكم على الشخصيات التي أقدمها بشكل أخلاقي، فالمهم ما تضيفه الشخصية لى، لذلك فإن عرض الفيلم في مهرجان الجونة كان هو الأهم بالنسبة لي، لأنني كنت أنتظر رد فعل الأشخاص الذين يعرفونني جيدًا عندما أقدم لهم هذه الشخصية، ففي «تورنتو» و«سان سباستيان» لا يعرفونني، لذلك كان مهما بالنسبة لي أن أرى رد فعل من يعرفونني جيدًا حينما أقدم أمامهم هذه الشخصية.

* هناك بعض الممثلين عندما يقدمون شخصية تؤثر عليهم بعد انتهاء التصوير، فهل تنتمين لهذه المدرسة؟
- لو كنت سألتني هذا السؤال قبل«الفيل الأزرق2» كنت سأجيبك بأننى لست من هذه النوعية ولا أنتمى لهذه المدرسة، لكننى بعد تقديم شخصية «فريدة» وما مررت به في غرفة العزل في الفيلم، أقول لك إنني أصبحت من هذه المدرسة، فهذه الشخصية أثرت علىّ بشدة حتى بعد انتهاء التصوير وتأثرت بها بشدة، فقد بدأت تصوير «نورا تحلم» في أكتوبر ونوفمبر الماضي، وبعد الانتهاء منه بثلاثة أيام بدأت تصوير «الفيلم الأزرق 2» وتأثرت كثيرًا بالشخصية التي قدمتها ودخولي لغرفة العزل، فالأمر لم يكن سهلا.

* كيف تنتقلين من دور لآخر بهذا الإتقان في تلك الفترة القصيرة ما بين تصوير العملين؟
- في البداية أنا محظوظة لأنني قدمت هاتين الشخصيتين في عام واحد، فأجمل ما فيهما أنهما مختلفتان تمامًا، ولا يوجد أي شبه بينهما، وواحدة منهما في فيلم مستقل والأخرى في فيلم تجاري، فأنا منذ فيلم «أسماء» الذي عُرض في 2011 لم أقابل شخصية تشدني بتلك الدرجة مثل شخصية «فريدة» في «الفيل الأزرق 2»، هذا بالإضافة إلى أن التنقل بين الشخصيات أمر مهم جدًا، فكل ممثل يحب التنوع والاختلاف وتقديم وجه جديد ومختلف للجمهور، وخلال السنوات الأخيرة قدمت عدة أعمالا جيدة لكنها لم تجذبني مثل شخصية «فريدة» وكنت اهتم بالدراما أكثر على حساب السينما، لذلك أنا سعيدة بتقديم تلك الشخصية.

* هل نفذت جلسة «كاستينج – تجربة أداء» قبل المشاركة في «نورا تحلم»؟
- في البداية رفضت الأمر، وقلت للمخرجة هند بو جمعة إنني لم أفعل هذا في بدايتي فهل أفعله الآن؟، واستكبرت على الأمر، لكننى عندما فكرت بعقلي وجدت أنه لا عيب في ذلك، ولا مانع مادام أنني معجبة بالشخصية وأريد تقديمها، فالمخرجة لديها تصور معين لشخصية «نورا» ومن حقها عمل «كاستينج» لاختيار الأفضل، وهذا لا يعيب الفنان في شيء ولا يقلل من إمكانياته، فالأمر في النهاية يخضع لرؤية المخرج فقط، وهذا يحدث في هوليوود ونجوم هوليوود جميعًا يقومون بعمل «كاستينج» دون أي تكبر.

* بشكل عام.. ما سر اهتمامك بالسينما المستقلة؟
- السينما المستقلة هي الأساس، وبالتأكيد كل فنان لديه رغبة في تقديم أعمال تجارية وتحقيق نجاح كبير، لكنه في نفس الوقت يجب أن يكون على اتصال بالسينما المستقلة، فهي أساس السينما، ولا بد للفنان من التواجد بها.

* برأيك.. هل أصبح للسينما المستقلة جمهور كبير؟
- مقارنة بالسينما التجارية الأمر صعب، والفرق شاسع بينهما لصالح السينما التجارية، وهذا في كل مكان في العالم ليس لدينا فقط، ولكنني متفائلة في الوقت الحالي في وجود تطبيق مثل «نتفلكس» الذي يهتم بالسينما المستقلة والمخرجين المستقلين، بدليل إنتاجهم العام الماضي لفيلم Roma، وذلك لأنهم أدركوا أن هناك جمهورا يريد سينما مختلفة، وكل عام ينتجون أعمالا مستقلة لمخرجين مستقلين، ويحاولون هدم السيطرة الهوليودية على الجمهور.

* لماذا لا توجد سينما تونسية تجارية؟
- إمكانيات الصناعة التونسية حاليًا لا تؤهلها لأن تصبح تجارية، فهناك 20 دور عرض فقط في تونس، ونحن نحارب من أجل فتح دور عرض جديدة خارج العاصمة، بالإضافة لعدد السكان القليل، لكن يمكن اعتبار السينما التونسية جماهيرية، لأنه هناك جمهور يشاهد الأفلام المستقلة في السينما، لكنه لا يكفي لتحقيق أرباح للمنتج، فالأمر يحتاج إلى إنتاج مشترك ودعم من وزارة الثقافة، ولكي نكون صرحاء فلا يوجد سينما تجارية تحقق أرباحا في العالم العربي سوى في مصر فقط.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية