رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الخطة الجهنمية.. وصناعة الغزل والنسيج


مؤخرا أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي توجيهاته إلى الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بالاستمرار في خطة النهوض بصناعة الغزل والنسيج، بما يساعد على إعادتها إلى سابق عهدها. هذه الخطة تنفذها وزارة قطاع الأعمال العام لإعادة هيكلة الشركات بتكلفة قدرها مليارا جنيه. 


والتي تتزامن مع النظام الجديد لتجارة القطن، والذي يتم تطبيقه في الموسم الحالى بمحافظتى الفيوم وبنى سويف، وقد تم تشكيل لجنة تضم وزراء قطاع الأعمال العام والزراعة والصناعة لوضع استراتيجية نظام التداول الجديد للقطن، يهدف إلى تلافى سلبيات النظام السابق.

وفى اعتقادى الشخصى أن هذه الخطة لن تخرج عن كونها مجرد أفكار لا تختلف كثيرا عن الأحلام الوردية والخطوات الأكاديمية غير المعبرة عن الواقع، وتعد تكرارا لمئات الخطط التي وضعتها الحكومات السابقة المتعاقبة حتى الآن، والتي تركت هذه الصناعة الإستراتيجية تواجه حالة من الاحتضار الشديد، وانشغل المسئولون في ذلك الوقت بالاجتماعات واللقاءات وعقد الندوات والمؤتمرات تاركين الشركات تتعرض لنزيف حاد من الخسائر، وتغرق في بحر الديون وصموا آذانهم لأنين الماكينات التي توقفت بسبب عدم قدرة الشركات على التشغيل. 

متجاهلين أن خطوط الإنتاج بهذه الشركات لا تتعدى ٢٠% فقط من طاقتها، وكان شغلهم الشاغل حضور جلسات المناقشة والاجتماعات العظيمة التي يجنون من ورائها البدلات والوجبات والمكافآت الباهظة "والذي منه".

والأمر الذي يدعو الريبة والشك والذي يؤكد أن هذه الصناعة سقطت ضحية للفساد منذ سنوات طويلة، خاصة أن حكومات "مبارك" حصلت على معونات ومساعدات بمليارات الجنيهات ولعدة مرات من مؤسسات مالية عالمية، مثل الاتحاد الأوروبي، ولا أحد حتى الآن يعلم مصير هذه المعونات، والتي على ما يبدو أنها ضلت الطريق ولم تدخل بوابات الشركات.

سيوفر "هشام توفيق" وزير قطاع الأعمال العام عملية تمويل هذه الخطة عن طريق بيع الأصول غير المستغلة، المملوكة للشركات، وهذا أمر يتناقض مع التطوير الحقيقى، والذي يتطلب إعادة تشغيل هذه الأصول وحسن استغلالها، وهنا تكون البنوك الحل البديل للتمويل، خاصة وأنها تكتظ بنحو٤ تريليونات جنيه، وأكثر من ٦٠% منها غير مستغل وراكد في خزائن القطاع المصرفى.

ولن يؤثر حصول هذه الشركات على أية قروض، خاصة وأن الشركات مثقلة بالديون والتي تقدر حاليا بنحو ١١ مليار جنيه لصالح بنك الاستثمار القومى التابع للحكومة.

وأكبر دليل على أن خطة وزارة قطاع الأعمال العام مكتوب لها الفشل، وهى عبارة عن "فنكوش" كبير أنها تتضمن أمرا لا يقبله العقل، حيث أنه طبقا لهذه الخطة فسوف تتحول إلى الشركات من الخسائر إلى الأرباح بمجرد تطبيق منظومة التطوير، فعلى سبيل المثال أن شركة مصر للغزل والنسيج "غزل المحلة" سوف تتحول من خسائر قدرها ٢.٥ مليار جنيه إلى أرباح تصل إلى نحو ٣ مليارات جنيه كل عام.

علما بأن الشركة تعانى من توقف تام للعديد من المصانع الموجودة، وذلك تبينته من خلال زيارتى للشركة منذ فترة ليست طويلة حيث فوجئت بتوقف تام للعديد من مصانع الشركة العملاقة، ولم يتم تشغيل سوى ٨ مصانع فقط، ولا تعمل بكامل طاقتها وذلك من أصل نحو ٣٠ مصنعا منها للغزل والأنوال والملابس الجاهزة ومصانع مخصصة للتصدير، ورغم كل ذلك ستتحول فجأة إلى الأرباح.

أما بالنسبة للقطن -الذي كان ذهبا أبيضا في يوم من الأيام- فكان يسعدنى أن يتم تشكيل لجنة وزارية على أعلى مستوى لبحث أزمة الانخفاض الرهيب في حجم المساحة المزروعة بالقطن، والتي تبلغ حاليا نحو ٢٣٠ ألف فدان مقابل ٢ مليون في عام ١٩٨١، مع بحث كيفية إزالة المعوقات التي جعلت المزارعين يعزفون عن زراعته، وذلك لتشجيعهم مرة أخرى للاتجاه نحو زراعته ليعود للذهب الأبيض بريقه المفقود.

يا سادة لقد آن أوان اتباع سياسات أكثر جدية وتبنى أفكار حقيقية حتى يتحقق حلم استعادة عرش هذه الصناعة التي عانت كثيرا من الفساد.
Advertisements
الجريدة الرسمية