رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

حملات مقاطعة الزواج وارتفاع معدلات الطلاق


تعكس حملات مقاطعة مشروع الزواج مرتفع التكاليف مثل "خليها تعنس"؛ والرد عليها بحملات مضادة من عينة "خليك جنب أمك"، واكتفاء كيانات وشخصيات باعتبارها نوعا من العنف ضد المرأة وفقط، فشلا مجتمعيا ومؤسسيا في التعامل مع منظومة الزواج التي تشهد أزمة حقيقية حاليا يتنكر لها كثيرون.


ملامح الأزمة؛ تبدو في محاولة تجنيب العامل الاقتصادى في مشروع الزواج وكارثة الطلاق؛ رغم أنه الأساس لأي مشروع باعتراف الجميع، ومحاولة الاكتفاء بأسباب مجتمعية ترد إلى ضعف ثقافة الزواج لدى الشباب وأهل الزوجين واستسهال التعامل مع علاقات بديلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والاغتراب الزوجي تحت سقف واحد.. إلخ.

ونجد أن نفس العامل الاقتصادى تضع معه عائلات؛ بغض النظر عن مستواها المادي؛ شروطا تعجيزية أحيانا أمام الشباب لمنحهم فرصة الاستقلال بقرار والبدء في بناء مشروع خاص بأسرة جديدة مستقلة، وعند وقوع مكروه لا تكون المعركة على غير المتاع من المال والبنين والمنقولات وغيرها، حتى إذا ما خربت بيوت مستقرة وضعت نفس العائلات بدعم من المجتمع والمشرع؛ شروطا تعجيزية أكبر أمام محاولات المطلقين والمطلقات الدخول في تجربة جديدة، وكأن الطلاق قدر أزلي لا مفر منه أمام امرأة حاضنة لأطفالها وأب مشتت القوى والفكر بحثا عن حقوقه في أنقاض مشروع منهار.

هكذا تظل اللعبة السخيفة مستمرة بأعراف مجتمعية وتشريعات معبرة عن ضعف أداء النواب وعدم قدرتهم على الإبداع أو حتى الاجتهاد لتحقيق الاستقرار للمواطنين، وتبقى الإحصائيات الرسمية شاهدة على تنامى الكارثة؛ لا تتعامل معها سوى الحملات الإلكترونية الجدلية وبرامج التوك شو خفيفة الوزن عديمة القيمة.

جهاز الإحصاء خلال تقرير إحصاءات الزواج والطلاق للعام 2018، أعلن عن تحرير 887315 عقدا للزواج عام 2018، مقابل 912606 عقود عام 2017 بنسبة انخفاض قدرها 2.8%، في مقابل 211554 إشهادا للطلاق في نفس العام بنسبة زيادة قدرها 6.7% عن العام السابق 2017.

فيما ‌بلغ عدد حالات الطلاق عبر أحكام قضائية نهائية 8542 حكما؛ منها 7134 حكمًا بالتطليق مخالعة بنسبة 83.5% من جملة الأحكام.

الأرقام لها دلالاتها الواسعة؛ خاصة إجمالي عدد حالات الطلاق وزيادتها في مقابل انخفاض حالات الزواج، رغم خلو الإحصائية من ذكر عدد الدعاوى المعلقة في محاكم مصر بسبب القانون القاصر في حماية حقوق أطراف الأسرة عموما، كقضايا التطليق للضرر والنشوز؛ والنفقات المضللة أرقامها للوعى في مقابل دعاوى الرؤية.

في تقديري؛ مشروع الزواج يمكن أن يوفر على مجتمعنا ومؤسساتنا الكثير إذا ما تحول إلى مشروع دولة، تخرج من معادلته جماعات المصالح والضغط المنحازة جندريا؛ وتظهر في صياغته رؤى موضوعية يقدر أصحابها خطورة ما ينتج عن الطلاق من آثار يتحملها من هم أبعد وأكبر وأكثر من الزوجين، وتنكر الانتباه لها المعسكرات التشريعية تحت قبة البرلمان؛ معتبرة الأمر "خناقة رجال ونساء" على نفقة ورؤية وحضانة ومسكن ومتاع.

وإلى حين استيقاظ المؤسسة التشريعية للكارثة؛ يتحمل كل منا مسؤولياته تجاه مشروع الزواج، فلا يليق بالبنت المصرية تسليعها بطريقة تنال منها أو مقاطعة الزواج بها باعتباره مشروعا فاشلا مقدما، كما لا يليق بالشاب المصري تصويره للفتاة وأهلها في مطلع مستقبله على أنه "هيرو زمانه" القادر على جلب المال من الهواء؛ أو تحقير عجزه بنصحه بالعزوف عن الزواج والبقاء إلى جوار والديه.

نحتاج وقت الأزمة لرؤى متجددة تناسب إمكانياتنا ولا تقضي على ما لدينا من فرص للنجاة، وليس أقل من الاعتراف بحاجتنا إلى التعايش مع كافة الظروف بما يضمن لنا حدا أدنى من القدرة على البقاء كراما؛ دون تفلسف أو تزيد أو اتجار بأنفسنا وأبنائنا ووضعهم تحت أقدامنا وقت الطوفان؛ كما تدعونا أمثال الحمقى لارتكاب الكبائر بحقنا وحقهم.
Advertisements
الجريدة الرسمية