رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لماذا يعلو شأن «الأوغاد»؟


كلمة لا يفهمها البعض حرفيًّا، ولكن يعرف الجميع مقصودها، وهي كلمة "وغد" فإذا رأيتها في ترجمة فيلم أجنبي استشعرت معناها، وإذا سمعتها في مسرحية باللغة العربية الفصحى بلسان الرائع عبد الرحمن أبو زهرة أدركت معناها كذلك، ويقول المتخصصون في اللغة "وغَّدَ الرجل" أي كان رذلًا دنيئًا صغير العقل، ومنها كلمة "وغادة".


وها نحن نطارد الأوغاد في جحورهم وللقارئ أن يفهم المعنى كيفما شاء، ولكن يتعين عليه أن يعرف أفعالهم، إنهم يحيطون بنا في كل مكان، وأخص منهم في هذا المقام أوغاد المؤسسات والجهات والهيئات الحكومية، أولئك الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وصاروا لا يذكرون إلا نهب أموال الدولة وتحقيق مصالحهم الشخصية، وليتهم وقفوا عند هذا الحد، بل تجد لهم يدا تختلس أو ترتشي والأخرى تمسك المسبحة، وكأنهم أبوا إلا أن يُضاعفوا كبائرهم في حق الدين والدولة معًا

ومن بين بؤر الأوغاد في القطاع الحكومي أولئك المحيطين بالقيادات فإذا رأيتهم تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى، يسعون للمصالح الشخصية لزوجاتهم وأقاربهم وأصدقائهم وقبل كل ذلك الوجاهة الاجتماعية، ومن خِستهم أنهم يُشيعون عن أنفسهم أنهم يملكون زمام الأمور في المؤسسة وأنهم لا تُرد لهم كلمة، مستغلين في ذلك احترام القيادة وثقتهم التي أولاهم إياها، وهؤلاء لا حل لهم سوى الإقصاء واستبدالهم بكل صادق أمين تشهد له سيرته المحترمة وسلوكه القويم وأصله الطيب.

وذلك الموظف المرموق الذي يختار لنفسه في جهة عمله وظيفة "المخبر السري" فتراه في أوقات العمل يتلصص على زملائه يجمع أي أخبار ليُعيد صياغتها وفق هواه المريض، ثم يرفعها في سيناريو شيق إلى رئيسه في العمل، وفي المساء تجده يتلصص على صفحات فيس بوك الخاصة بـ"زملائه" متأولًا كل منشور وتعليق أو حتى إعجاب بأنه ضد رئاسة الجهة وفي غير صالحها.

ومن الأوغاد أيضًا أولئك الذين يؤتمنون على أموال الجهة الحكومية ومخازنها فيُسرعون لتكوين شبكة علاقات مشبوهة للاستيلاء على تلك الأموال والحصول على رشاوى من توريد الأصناف غير المطابقة، والتعاقد مع المشبوهين أمثالهم، فضلًا عن شراء ما لا يلزم وعدم شراء الضروريات، وهم في أثناء ذلك لا يتورعون عن الوشاية والكيد لزملائهم ورؤسائهم حتى يصفو لهم المجال ليستمروا في عمليات النهب.

ورغم أن قصة الأوغاد مؤلمة إلا أن الأهم أن نحذر زملاءهم من حولهم وأن ندعم من يحاربونهم ونمدهم بالمعلومات والمستندات لا سيما الجهات الرقابية بالدولة، كما يتعين على كل رئيس هيئة أو جهة أو مؤسسة حكومية أن يُلقي بهؤلاء في المكان المناسب لهم ليكونوا تحت رقابة صارمة تحول بينهم وبين سلوك الأوغاد الذي ينتهجونه، خاصة وأن هذه النماذج على سبيل المثال لا الحصر، وبين الأوغاد على اختلاف تخصصاتهم صفات مشتركة مثل ادعاء التدين، وإظهار الخلق الطيب، والتقرب إلى الرؤساء بالمدح والثناء مع حزمة كبيرة من صفات المنافقين.

وقد جرت سنة الحياة على أن هؤلاء يعلو شأنهم ليصبحوا ملء السمع والبصر، ولكن هيهات، فقد جرت كذلك سنة الحياة على أن نهايتهم سوداء وفضائحهم تنتهي بهم إلى إنهاء الخدمة وربما إلى السجن، وهو ما يحارب المحترمون من أجله، وهو الصراع الأبدي بين الخير والشر.. وللحديث بقية.
Advertisements
الجريدة الرسمية