رئيس التحرير
عصام كامل

إحسان عبد القدوس يكتب: مسيرة النضال

إحسان عبد القدوس
إحسان عبد القدوس

بعد إلغاء معاهدة 1936 وفشل المفاوضات مع الإنجليز استعدت بريطانيا للرد على قرار إلغاء المعاهدة فبدأ تحرك المصريين بالفعل للعمل مع القوى الثورية.


وكما نشر الصحفى إبراهيم عبد العزيز بعضا من مذكرات إحسان عبد القدوس التي نشرها من قبل الصحفى محمد الشناوى في مجلة الجديد عام 1974 يقول في إحدى حلقاتها الأديب الكبير إحسان عبد القدوس: هناك لحظات في حياة أي شعب تحتم على أي فرد ــــ متوافق مع مجتمعة ــ أو مع الأغلبية الساحقة في هذا المجتمع ـــــ أن ينسى نفسه وأن تذوب شخصيته الفردية في الشخصية الكلية لمجتمعه.

فإذا به ينسى لغته الخاصة وعواطفه الخاصة لكي يتحرك بإيمان وصدق كاملين مع حركة الجماهير كلها.

وهذا ما واجهته في أواخر عام 1951 فقد كان الأمر محسوما بشكل لا مجال فيه لأي تردد، وكانت كل الأطراف حددت موقفها من القضية، مما لا يدع مجالا للشك في نوايا كل منها.. الملك والاستعمار والقوى المستغلة في جانب وجماهير الشعب بتجمعاتها العفوية أو المنظمة في جانب آخر.

وكان الجانب المعادى قد حدد لغة التفاهم الوحيدة في القضية على لسان القائد الإنجليزي في الشرق الأوسط الذي أعلن صراحة أن إنجلترا لن تتردد في استعمال القوة للاحتفاظ بمكانها على القناة.

وكان على جماهير الشعب الغاضبة أن ترضخ للتهديد وتستسلم له، أو تقبل التحدى وتخاطب المستعمر بلغته التي يفهمها.

وقبلت جماهير الشعب التحدى واسرعت عناصر الشباب الفدائى تتقدم المسيرة داعية كل مصرى خاصة الأسماء البارزة على سطح الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى تحديد موقفه، وقد حددت موقفى بسرعة وقبلت الاشتراك في منظمة خالد بن الوليد التي يقودها عزيز المصرى.

ورغم أني لم أحمل في حياتى مسدسا، فقد كان على كأمين صندوق المنظمة أن أتولى تدبير موارد المنظمة وإمداد شبابها المناضل بالمال والطعام والسلاح والذخيرة.

وتحولت روز اليوسف ــ المجلة ــ إلى مخزن للسلاح، وتحولت مكاتب الإدارة السلاحليك به كل أنواع الأسلحة.

ورغم اضطرابى بل وفزعى عند رؤية سلاح ناري مهما بلغ صغره فقد كنت أجلس أيامها في مكتبى وحولى عشرات المدافع ومئات البنادق وكلى اطمئنان وهدوء وكأنى أجلس وسط غابة من الزهور.

وحاجة المنظمة إلى مزيد من السلاح والذخيرة دفعتنى ذات يوم للقيام بأغرب رحلة يقوم بها صحفى فقد سافرت إلى الصعيد بصحبة صديق لكى نجمع كل ما نستطيع الحصول عليه من أسلحة وذخيرة سواء لدى التجار المنتشرين في عواصم محافظات الوجه القبلى أو في حوزة الهاربين في الجبل.

وأشهد أنهم جميعا كانوا يسارعون بتقديم كل ما يملكون من سلاح وذخيرة لكى تضعه المنظمة في أيدي الشباب الذي تقدم مسيرة النضال ضد المستعمر.
الجريدة الرسمية