رئيس التحرير
عصام كامل

يا سيادة الرئيس.. هذه هديتي لمصر!


عشت بجسدي طوال الثلاثين عامًا الماضية خارج مصر، ولكن قلبي وعقلي لم يفارقها أبدًا ولو للحظة واحدة، وكأن روحي مزروعة في طين هذا البلد الغالي، ومروية بماء نيلها، فلا تستطيع العيش في سواها، فهى عندي أعز وأغلى بقاع الأرض.


ساعدت مئات الآلاف في أمريكا وحول العالم للانتصار على مرض السكر الذي فتك بالعالم أجمع، ولم يرحم صغيرًا أو كبيرًا. ولقد حلمت طويلًا بإنشاء مركز عالمي للسكر بمصر، بالتعاون مع أكبر مراكز السكر في أمريكا والعالم.

وبعد الحصول على جميع الموافقات الأمريكية وتدبير التمويل اللازم، حضرت ومعي مدير مركز جوزلين للسكر بجامعة هارفارد عام ٢٠٠١ لمقابلة رئيس جامعة المنصورة السابق والمتميز الدكتور "أحمد حمزة" والمرحوم الدكتور "على حجازي" عميد الكلية، وتحمسا جدًا للمشروع ورحبوا به في مدينتى وجامعتي الحبيبة المنصورة، ولكن جاءت أحداث سبتمبر من هذا العام لتقتل المشروع الهام.

ولكن الحلم لم يمت ولم أواريه التراب، وحاولت ثانية منذ سنتين بحلم أكبر وهو إنشاء جامعة طبية متكاملة مع مؤسسات جامعة هارفارد، والتي أعمل وأُدرِّس فيها منذ ٢٢ عامًا. ورغم المعاناة الشديدة في الحصول على الموافقات المطلوبة خاصة من الطرف الأمريكي، لكن كَلَّل الله مساعينا أخيرًا بالنجاح، فكانت كالمعجزة التي فتحت لها أبواب السماء.

وقد قررت مع شركائي في الفكرة والحلم الأستاذ الدكتور "حسام بدراوي" وصديق الطفولة الأستاذ "عصام القرشي" وكلاهما له ابن أو ابنة مصابين بالسكر من النوع الأول، وتعذبوا معهما في مصر لسنين طويلة، أنا لن اخترع العجلة، وسنبدأ من حيث انتهى الآخرون، لتكون هديتي الغالية والمكتملة لمصرنا الحبيبة التي قد أعجز عن رد جميلها على.

لذا اتفقنا مع واحدة من أفضل شركات التصميم المعماري في العالم، وهى الشركة السنغافورية CPG والتي فازت بتصميم أفضل مستشفى في العالم في ٢٠١٧، وهى أيضًا أول مستشفى موفر للطاقة وبنسبة تجاوزت ٦٩٪؜ عن نظريتها في أمريكا والعالم لتواكب آخر صيحات تكنولوجيا العصر.

وجاء التصميم المبهر والذي يراعى راحة المرضى من الهواء الطبيعي بعد معالجته، وتدوير المياه والإضاءة الطبيعية، وإحاطة المرضى بالمساحات الخضراء المبهجة. ولقد حضرت للقاهرة لمقابلة المستثمرين في المشروع بعد انتهاء دراسة الجدوى، والتي قام بها واحد من أفضل المكاتب الاستشارية FA group بإشراف الأستاذ الدكتور "محمود أبو العيون" المحافظ السابق للبنك المركزي المصري.

ومن المنتظر الحصول على استثمارات من العديد من بيوت المال العربية والأجنبية، والتي أبدت تأييدها الكبير للمشروع وأهميته لمصر والعالم العربي. والمشروع يحتوى على مركز متخصص للسكر مع جامعة هارفارد، ومستشفي تعليمي بطاقة ٦٠٠ سرير، بالتعاون مع مستشفيات جامعة هارفارد، والجامعة الطبية تدرس مناهج كلية الطب جامعة هارفارد، وبنفس أساليب التدريس فيها، ويتكلفة نحو ٢٥٩ مليون دولار أي نحو ٤ مليارات جنيه مصري.

وخلال زيارتي الحالية لمصر سنتقابل مع جهاز العاصمة الإدارية الجديدة والعديد من المسئولين، وأجد حاليًا تحمسًا شديدًا من الجميع لإتمام هذا المشروع العملاق، والذي في تصوري سينقل مصر نقلة كبيرة جدًا في مجال العلاج والتعليم الطبي والبحث العلمي، ويحدث طفرة في أسلوب مواجهة هذا المرض.

وتدعم سفارتنا المصرية بواشنطون بقيادة السفير المميز الأستاذ "ياسر رضا" هذا المشروع الطموح.

 لقد عرضت فكرة المشروع في أبريل الماضي بمنتدى التعليم العالي والبحث العلمي، بدعوة رقيقة من وزارة التعليم العالي ووزيرها النشط، واليوم شرحت لطلاب الأكاديمية الوطنية للتدريب أهمية مواجهة مرض السكر، وكيفية وقف انتشاره بدعوة غالية من الوزيرة النشطة الدكتورة "نبيلة مكرم" والقيادية المميزة الدكتورة "رشا راغب" ومجموعة مصر تستطيع الجادة في عملها.

ومن المنتظر أن تتم المرحلة الأولى وهى مركز السكر العالمي خلال ٣٠ شهرًا. والمركز سيكون أكبر وأحدث مركز في العالم لعلاج مرض السكر وجميع مضاعفاته وسيعمل به ٤٨ من كبار الاستشاريين المصريين والعالميين في مجال السكر. وإيمانًا بالبعد المجتمعي للمشروع فإن مراكز الجامعة الطبية ستمنح نسبة ثابتة من الخدمة المجانية تمامًا لغير القادرين.

وسيقوم مركز السكر بدوره التوعوي بالاتصال والتنسيق مع كبرى الجامعات المصرية والعالمية ووزارة الصحة المصرية، والجامعة الطبية المصرية الأمريكية بالتعاون مع مؤسسات جامعة هارفارد ستقوم بجذب السياحة العلاجية لمصر، وتعيد مصر لمكانتها الطبية التي تليق بعظمتها وعظمة أطبائها البارعين.

ومصر في رأيي تمتلك الإمكانيات الكاملة والمغرية للسياحة العلاجية، لتقدم البديل الراقي والكامل الذي يغني عن السفر، هدفنا من المشروع تقديم خدمة علاجية وتعليمية متكاملة ومنافسة على المستوى العالمي، وتحت إشراف الخبراء العالميين خاصة المصريين والعرب منهم، مع التواصل الكامل والدائم معهم.

أملي أن تكون هذه المراكز الطبية الرائدة أداة جذب للمصريين العاملين في أمريكا وكندا وأوروبا للعودة للعمل في مصرنا الحبيبة، فهى تنتظر منا الكثير وتستحق منا الأكثر، نحن نحتاج تأييدكم ودعمكم لإتمام هذا المشروع الطموح الذي كان حلمًا راودني لعدة سنوات وأراه الآن يقترب من بدايات الحقيقة...

لقد وضع المصممون بعبقرية مفتاح الحياة المصري القديم في وسط المشروع، كما أردت له للتعبير عن هويتنا التي نعتز جميعًا بها، لعلنا نفتح بهذا المجهود شريان حياة جديد للأطفال، الذين أرهقهم السكر وطاقة أمل للكبار الذين أعياهم هذا المرض ومضاعفاته...

سيدي الرئيس هذه هديتي لمصر.. وردًا لجميلها الكبير على.. وأتمنى دعمكم حتى يصبح هذا الحلم واقعًا نلمسه سويًا!
الجريدة الرسمية