رئيس التحرير
عصام كامل

جمعت بين الرياضة والسياسة.. حكاية كارولين ماهر مع 130 جائزة دولية في التايكوندو

فيتو

"كارولين ماهر ابنة مصر الحاصلة على 130 جائزة دولية ومحلية.. لم يتحدث الإعلام عنها"، عبارة وضعت أعلى صورة لشابة ثلاثينية ذات شعر مائل للاصفرار وملامح دقيقة تعلوها مسحة ابتسامة، ربما تعود الصورة لأكثر من ثلاث سنوات، إلا أنها ما إن نشرها أحد رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، حتى تناقلتها الأيدي من هذه الصفحة إلى تلك، لتعود سيرة كارولين ماهر بطلة مصر والعالم في رياضة "التايكوندو" من جديد، ويعود معها السؤال الأهم، أين هي الآن وهل ما زالت تمارس اللعبة التي أتقنتها بحرفية غيرت مسار وسياسات اللعبة ككل؟ أي قدر ألقى بها في تلك الفترة تحديدا بعد أن عاد الحديث عنها مجددا كرياضية مصرية، لتجدها الآن تحمل اللقبين معا، "الحكمة الدولية السابقة لرياضة التايكوندو وعضو مجلس النواب" كارولين ماهر، فعلى غير العادة ها هي شابة مصرية تنجح في احتراف التايكوندو والسياسة معا!




كانت في عامها الثالث حينما قرر الأبوان أن يقتطعا جزءا من الوقت للتفرغ إلى أبنائهما حتى يتمكنا من ممارسة الرياضات المختلفة، بين السلة وكرة القدم والسباحة وغيرها وجدت الطفلة كارولين نفسها على موعد مع حياة قد لا يألفها أو يتحملها الكثيرون: "أنا لعبت أنواع رياضات كثيرة جدا من وأنا سني 3 سنين، كنت بحب الجمباز لكن كنت كبرت على السن اللي مفترض ألعب فيه، لعبت سباحة وكاراتيه وتنس وكرة قدم، لأن عائلتي كانت مهتمة جدا أنها تخليني أنا وإخواتي مهتمين بمجال الرياضة عموما، ونتعلم السباحة في سن صغير ونركب عجل"، تشتت ذهنها بين عدة رياضات باتت بفعل الممارسة منذ سن صغيرة ماهرة بها، لكن كان عليها الاستقرار في رياضة واحدة واحترافها لتكون هي "رياضة العمر"، "في سن 10 سنين لعبت أول مرة التايكوندو عجبني لأني حسيت أنه في مميزات كثيرة جدا يمكن مش موجودة في رياضات تانية زي المرونة ودقة الملاحظة وتنمية مهارة الذكاء".


مر الأسبوع تلو الآخر، تسجل الطفلة ذات العشر سنوات أرقاما قياسية، تدفع بمدربها إلى أن يضمها للمنتخب المسافر إلى دولة ألمانيا لحصد الميداليات الصفراء والسوداء في إحدى المباريات الدولية: "كنت لسه جديدة محدش كان متوقع إني أحقق أي إنجاز، والمفاجأة أنه الفريق كله حصل على ميداليتين وأنا أخذت واحدة منهما، أخذت الحزام الأصفر، وكانت نقطة تحول في تاريخ هذه الرياضة ككل، لأني لسه مكنتش كملت شهرين بلعبها. وفي أقل من سنة أصبحت بطلة جمهورية وإنجازاتي زادت" تتحدث كارولين. كان عمرها لا يتعدى الـ 12 عاما حينما تم ضمها لفريق "الآنسات" الذي لا يقبل لاعبات دون الـ 18 عاما، فكانت لا تتمكن من ممارسة اللعبة معهن، لكنها اكتفت بمشاركتهن في المعسكرات التدريبية التي كانت تقام في مناطق مختلفة، حتى أتمت عامها الـ14، أصبح لها الحق في المشاركة في البطولات الدولية، "كنت بسافر أسبوع وأسبوع دولا مختلفة وحققت أرقاما في كل مرة شاركت بها". 

في الفترة من عام 2003 وحتى عام 2015 ذلك العام الذي قررت فيه كارولين فجأة اعتزال اللعب تماما، حصلت على العديد من الألقاب أقربهم إلى نفسها حصولها على المركز الثالث على مستوى العالم، فضلا عن حصولها على المركز الأول عربيا وأفريقيا في رياضة التايكوندو، "على مدار 15 سنة حصلت على نحو 130 ميدالية وجائزة في 40 دولة، السبب وراء حصولي على هذا الكم الهائل من الجوائز أنني التحقت بمنتخب الآنسات في سن مبكرة جدا وده مهّد لي الطريق لممارسة اللعبة سنوات أكثر من غيري". 

نهاية عام 2014 وحصولها على المركز الثالث في دورة الألعاب الإسلامية في دولة إندونيسيا، كان "مسك الختام" في مسيرة رياضية حافلة بالإنجازات وقطار البطولات الذي لا يتوقف، وعمل متواصل قد يصل إلى 6 ساعات تمرين يوميا، بجانب وظيفتها ومتابعتها لرسالة الماجستير الخاصة بها، "اللي خلاني أترك الرياضة حسيت إني حققت كل شيء كنت بحلم به، وحبيت أركز في مجال عملي أنا خريجة قسم إعلام وتسويق وحصلت على ماجستير في إدارة الأعمال، كنت بتشغل من وقت التخرج في مجال الاستشارات الإدارية والموارد البشرية، وآخر حاجة رئيس قسم الموارد البشرية في إحدى شركات السيارات لكن ظلت جذورها الرياضية ممتدة حتى هذه اللحظة بعد أن حصلت على لقب عضو مجلس إدارة في الاتحاد الأفريقي والعربي.


من التايكوندو إلى مقعد مجلس النواب
في ديسمبر عام 2015، تلقت مكالمة هاتفية من أحدهم يخبرها بأن المجلس القومي للمرأة ووزارة الشباب والرياضة رشحها ضمن نحو 2000 شخص لشغل مقاعد داخل مجلس النواب، "وقتها قلت أكيد هما محتاجين أكون مستشارة لوزارة التضامن كوني مهتمة بملفات المسنين والأيتام وغيرهم أو وزارة الشباب والرياضة بصفتي كنت حكمة دولية، لكن عرفت إني تم اختياري أتعين كعضو مجلس نواب، وأنه تم ترشيحي من المجلس القومي للمرأة ووزارة الشباب والرياضة، وأصبحت مهتمة بمجالات التضامن والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة والفئات المهمشة، اللي فرق معايا أنه كان فيه قضايا كثيرة مهتمة بها وأخيرا أصبحت صانعة قرار بها وأقدر أغير فيها، قدمت عددا كبيرا من مشاريع القوانين المختلفة، أهمها مشروع قدمته لتغليظ عقوبات التحرش والاغتصاب، فضلا عن تقديمي 5 قوانين تختص بدور الرعاية وخريجي دور الرعاية بتوفير فرص عمل ومبلغ مالي لهم وفقا لقانون الضمان الاجتماعي إنه يحصلوا على مصدر دخل ثابت شهريا، وأيضا تعديل لقانون العمل وقانون لحقوق المسنين".

بين صفحة تطويها كارولين وأخرى تمتد أمامها سطورها الخالية، تبحث دائما عن كل ما يجعلها بين الناس، تعمل لهم ولإسعادهم، فإذا حدثتها عن فترة احترافها رياضة التايكوندو، تجيبك بالشغف ذاته عندما تخاطبها باعتبارها عضو مجلس النواب: "أنا استمتعت بحياتي السياسية والرياضية بحلوها ومرها ووقتها، والاتنين بالنسبة لي تجارب عظيمة وفخورة بإنجازاتي هنا وهناك".
الجريدة الرسمية