رئيس التحرير
عصام كامل

صدمة.. توقعات بارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان إلى 3 أضعاف في 2050.. وأساتذة أورام يطالبون بـ«مبادرات رئاسية».. د. حسين خالد : علينا الالتزام بالمحاور الخمسة لمكافحة جميع أنواع الأورام

فيتو

>> الدكتور سامي رمزي : المبادرات الطبية التي تطلقها الدولة والكشف المبكر ضد سرطان الثدي عامل مهم في تخفيض نسب الإصابة بالأورام مستقبلا


خلال الثلاثة عقود القادمة.. تشير الإحصائيات إلى زيادة معدلات الإصابة بالأورام ثلاثة أضعاف الأعداد الحالية، وذلك لعدة أسباب كشف عنها عدد من أساتذة علاج الأورام، مع الأخذ في الاعتبار أنه من أكثر أنواع تلك السرطانات انتشارا «الثدي» لدى السيدات و«الكبد» لدى الرجال، لذا المبادرات الرئاسية القائمة حاليا الخاصة بمكافحة فيروس سي، والسمنة، وسرطان الثدي سوف تساعد في الكشف المبكر والعلاج مبكرا وخفض نسب الوفيات.

بداية قال الدكتور حسين خالد، وزير التعليم العالي الأسبق، رئيس اللجنة العليا للأورام سابقا: هناك توقعات بزيادة نسب إصابات السرطان مع الزيادة السكانية إلى 3 أضعاف ما هي عليه الآن في العام 2050، مع الأخذ في الاعتبار أن مكافحة السرطان تحتاج إلى رؤية وإستراتيجية واضحة ولها عناصرها المحددة، تتمثل في عدة محاور، منها إنشاء سجل قومى لمعرفة حجم المشكلة، وثانيا الوقاية والاكتشاف المبكر لأن ذلك يقلل من تكلفة العلاج ويزيد من فرص الشفاء، وثالثا التشخيص والعلاج، وذلك من خلال إرشادات قومية تتناسب مع خصوصية المرض في الدولة والجدوى الاقتصادية لتطبيق هذه الإرشادات، ورابعا البحث العلمى وذلك للمشكلات ذات الخصوصية القومية، وخامسا تدريب الأطباء والكوادر الصحية المساعدة المتخصصة في مجال مكافحة الأورام واعطائهم الشهادات الأكاديمية والتدريب المهني المستمر.

وأضاف: كل ذلك ينطبق على سرطان الثدى، الذي يعتبر الأكثر شيوعا لدى السيدات في غالبية دول العالم ومنها مصر، فحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية معتمدة على السجل القومي للأورام في مصر تبلغ نسبة حدوث السرطان في مصر لدى السيدات ٤٧ حالة جديدة لكل ١٠٠.٠٠٠ سيدة كل عام بنسبة ٣٥٪ من الأورام التي تصيب السيدات في مصر بعدد كلى ٢٣٠٨١ حالة لعام ٢٠١٨، وبافتراض أننا نجحنا في القضاء على جميع مسببات هذا المرض، فسيظل هناك ازدياد في عدد المرضى بسبب زيادة تعداد السكان وزيادة متوسط أعمار المصريين، ما يعنى أنه من المتوقع بحلول عام ٢٠٥٠ أن يكون عدد مرضى السرطان في مصر ٣ أضعاف الأعداد الحالية.

وأشار «د. حسين» إلى أنه نظرا لأن أكبر مشكلات مكافحة الأورام في غالبية الدول النامية ومنها مصر يتمثل في اكتشاف ما يفوق ٦٠٪ من المرضى في مراحل متأخرة منها المرحلة الثالثة والرابعة، فيجب أن يكون الاهتمام الأكبر بعمل مبادرات قومية لتشخيص أورام الثدى في مراحله المبكرة، مما يؤدى إلى ازدياد نسبة الحالات التي يمكن علاجها والشفاء من المرض في نسبة كبيرة من المرضى، وأكد أنه «لا ينصح في دولة مثل مصر بعمل مسح شامل للسيدات بمختلف اعمارهن، ولكن يجب التركيز على التشخيص المبكر والاهتمام أكثر بالسيدات الأكثر عرضة بالإصابة بهذا المرض مثل وجود تاريخ مرضى في العائلة، وبعض العوامل الأخرى مثل التدخين، قلة الرياضة البدنية، عدم الرضاعة الطبيعية، الزواج في سن متأخرة أو الاستخدام الخاطئ للهرمونات لجرعات كبيرة أو لمدد طويلة».

كما أوضح أن «مبادرة لمكافحة سرطان الثدى على المستوى الوطني لا تأتى إلا من خلال منظومة متكاملة وتحتوى على مراحل متعددة، تهدف المرحلة الأولى إلى الحد من انتشار وتصغير حجم الورم المكتشف من خلال التوعية المجتمعية الممنهجة وتدريب الكوادر الصحية ورفع كفاءة مراكز تقديم الخدمة، مع تفعيل بروتوكولات التشخيص والعلاج.

وتابع: أما المرحلة الثانية فتشمل المسح المجتمعى المبنى على البيانات العمرية للسيدات وذلك من خلال منظومة إلكترونية تربط كل وحدات التشخيص الثابتة والمتنقلة بوحدات مركزية، أما المرحلة الثالثة فتتمثل في توقع المستقبل من خلال إجراء الفحص الجيني للسيدات المعرضات للإصابة المستقبلية بناء على التاريخ العائلي، ويجب أن يتم قبل بدء أي مبادرة أن يكون هناك استعداد كامل يشمل بنية تحتية وبنية بشرية متخصصة لتشخيص وعلاج الزيادة المتوقعة في أعداد المرضى، وأن يتم بدء العمل بإرشادات علاجية تتناسب مع الوضع الحالي للمرض، والأخذ في الاعتبار ما هو متاح من ميزانيات لعلاج الأورام، سواء كان على نفقة الدولة أو التأمين الصحى أو تبرعات ودعم المجتمع المدني، وتكون هذه الإرشادات مبنية على دراسات جدوى اقتصادية علاجية خاصة بمصر.

كما كشف «د.حسين» أن «مجموعة خبراء من اللجنة العليا لمكافحة الأورام قامت بدراسة وإعداد وتحديث بروتوكولات علاجية ولم تفعل هذه التحديثات حتى الآن»، مشيرًا إلى أن أي عقار جديد يجب دراسة الجدوى الاقتصادية منه، قبل إدخاله في البروتوكول العلاجي.

الوزير الأسبق أوضح أيضا أن «مرض سرطان الكبد ظل لسنوات طويلة رقم 1 في معدلات الانتشار والإصابة» مؤكدا أن جهود علاج فيروس سي وهو المسبب الرئيسي لسرطان الكبد سوف تأخذ سنوات ليظهر أثر العلاج في خفض الإصابة بسرطان الكبد، ونسب الإصابة بسرطان الكبد بلغت العام الماضى 28 ألفا و399 حالة بنسبة 25.6 حالة جديدة لكل 100 ألف نسمة سنويا، ويمثل 29% من أمراض السرطان التي تصيب الرجال يليهم 11% نسبة المثانة البولية التي كانت تمثل قديما 30%، بالنسبة للسيدات يمثل سرطان الثدي 35% من نسب الإصابة للسيدات يليهم سرطان الكبد بنسبة 10%.

بدوره.. قال الدكتور آمال سامى إبراهيم، أستاذ وبائيات السرطان والإحصاء بالمعهد القومي للأورام، جامعة القاهرة، مدير البرنامج القومي لتسجيل السرطان: معدلات الإصابة بالأورام تزيد نظرا للزيادة السكانية وارتفاع نسبة وفيات الأعمار الكبيرة، وهي الأكثر عرضة للسرطان وبسبب هذين العاملين فقط ستزداد الأعداد إلى ٣ أضعاف الأعداد الحالية خلال ٣ عقود قادمة.

مع الأخذ في الاعتبار أن الكشف المبكر واكتشاف المرض في مراحله الأولى يزيد نسبة الشفاء بتدخلات أقل حدة، ومعدل الإصابة بالسرطان حاليا هو ١٣٠ حالة جديدة سنويا لكل ١٠٠ ألف من السكان وهو معدل ما بين معدلات الدول النامية والدول الأكثر تقدما، ولكي يتم الوقاية وخفض نسب الإصابة يجب تجنب الألوان التي تضاف إلى المأكولات خاصة بالنسبة للأطفال، والاهتمام بالكشف المبكر والمشاركة في البرامج التي تنظمها الدولة.

كما شدد على أن «أهم شيء للوقاية هو اتباع نظام معيشي صحي من خلال عدة عوامل وهي ( لا للتدخين ولا لزيادة الوزن) مع التقليل من معدلات استهلاك السكريات والنشويات واللحوم الحمراء والامتناع عن اللحوم المصنعة والإكثار من الفواكه والخضراوات، وكلما اختلفت الألوان وصارت أغمق كلما ازدادت الفائدة، إلى جانب مزاولة الرياضة، ولا داعي أن تكون عنيفة، كما يجب العمل على استشارة الطبيب عند ظهور أي أعراض مرضية يتأخر شفاؤها».

مدير البرنامج القومي لتسجيل السرطان، أكد أن الاهتمام بالسرطان حاليا يتزايد وبرامج الاكتشاف المبكر خير مثال، وفي كثير من الأحوال تصل نسبة الشفاء منه في مراحله الأولى إلى ما يقرب من ١٠٠/١٠٠، لذا فمن غير المبرر التكاسل عن المشاركة في هذه البرامج، موضحا أن «مكافحة فيروسات الكبد ستقلل على المدي الطويل من معدلات سرطان الكبد وهو أكثر السرطانات انتشارا حاليا، ومن المهم تصحيح مسمي القضاء على السرطان وهو هدف بعيد المنال بالإمكانيات الحالية وإن كانت الأبحاث تركز بشدة على هذا المجال، وكل أنواع العلاج الحديثة والمعترف بها متاحه في مصر والغالبية يدعمها العلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحي».

فيما قال الدكتور سامي رمزي، أستاذ جراحة الأورام بالمعهد القومي للأورام: معدلات الإصابة بالأورام ليست في تزايد، بل ما يزيد هو الكشف المبكر عن الأورام واكتشافها لدى المرضي نتيجة زيادة الوعي بها، مما أدى إلى وجود انطباع بوجود زيادة في أعداد الإصابات، والمبادرات التي تطلقها الدولة حاليا للكشف عن فيروس سي والأمراض غير السارية كالضغط والسكر والسمنة، وكذلك الكشف المبكر ضد سرطان الثدي تعد عاملا مهما في تخفيض نسب الإصابة بالأورام مستقبلا، وبشكل عام الكشف المبكر يعطي معدلات نجاح مرتفعة للعلاج.

وأضاف: وفقا لمنظمة الصحة العالمية فإنه من 30 إلى 40 % من أنواع الأورام يمكن الوقاية منها من خلال السيطرة على التدخين، والاهتمام بالتغذية السليمة ومنع السمنة، لأنهم العامل الأساسي لأورام المبايض والقولون والثدي، كما أن منع الفيروسات الكبدية يقلل من إصابات أورام الكبد وتلوث البيئة، كما أن أورام الثدي تعد الأكثر انتشارا في العالم بالنسبة للسيدات، ولا يفوقه أي ورم ويليهم سرطان الرئة ثم سرطان القولون، وفي مصر ترتفع إصابات سرطان الثدي تحتل المرتبة الأولى يليها سرطان الكبد.

وتابع: إستراتيجيات العلاج المتوفرة في مصر موجودة في كل مكان بالعالم ويتم وضع خطوط علاجية موحدة في كل مراكز العلاج وتبلغ بها الدوريات العلمية الأجنبية، ومصر لديها الخطة القومية لمكافحة الأورام من 2008 لها عدة محاور، منها الكشف المبكر والوقاية وخطوط العلاج والأبحاث الاكلينيكية، وأفضل نتائج تاتى مع الوقاية والكشف، وهناك عدة جهات تقدم خدمات العلاج لمرضي الأورام منها المعهد القومي للأورام وأقسام الأورام بالجامعات الرائدة ومراكز الأورام التابعة لوزارة الصحة والقوات المسلحة وكذلك وحدات أورام التأمين الصحي ومستشفيات المجتمع المدنى الأهلية.

وتابع: سرطان الثدي يعتبر الأكثر بين أنواع الأورام الذي يحتاج إلى مبادرة قومية نظرا لارتفاع معدلات الإصابة به وقديما كان يمثل ذعرا للأهالي، لذا كان يجب زيادة اهتمام الناس به، وتأتى أهمية الكشف المبكر في أن السيدة التي تأتى مبكرا للعلاج لا تحتاج إلى استئصال للثدي وتحصل على علاج تحفظي، كما أكد أن «علاج الأورام له نهاية ويحتاج إلى متابعة بعد الشفاء، وأى عقار يضاف لبروتوكولات العلاج يكون بعد ثبات فاعليته عالميا وجدواه الاقتصادية لأنه لا يمكن توفير دواء غالي يمكن أن يصل بنتيجة بدواء آخر أقل تكلفة، كما أنه مع انخفاض نسب الإصابات بالأورام سوف يقل الضغط على مراكز العلاج.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية