رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إحالة ضباط الشرطة للتقاعد مفاضلة أم استبعاد؟


يثور دائمًا التساؤل حول سبب إحالة بعض ضباط الشرطة للتقاعد رغم حسن سمعتهم وتفانيهم في أعمالهم، بل ويتدخل بعض الخبثاء ليشيعوا أن إحالة أحد الضباط ذوى الكفاءة يرجع لتصفية حسابات، وينسى أو يتناسى هؤلاء أن الأمر تحكمه ضوابط متعددة يحددها المجلس الأعلى للشرطة، وهو المجلس المعني بوضع وتنفيذ خطط وسياسات وزارة الداخلية لحماية مؤسسات الدولة ومواطنيها.


إن قرار المجلس الأعلى للشرطة بشأن إحالة من تتوفر فيهم الكفاية للتقاعد توصلًا إلى العناصر القادرة على تنفيذ السياسة العامة للدولة وسياسة وزارة الداخلية، لا يُحمل على أنه يرجع إلى أسباب تتعلق بعدم صلاحيتهم، لأن المجلس قد يجد نفسه ملزمًا بإحالة بعض من تتوفر فيهم الكفاية للمعاش، دون الخوض فيما وراءه من أسباب قد تجبن عنها عيون الأوراق.

ولا يجوز الاستناد إلى ملف خدمة الضابط وما يظهره من عناصر الكفاية والأقدمية لإجبار الإدارة على مد خدمته رغم عدم قدرته على التعاون معها وتحقيق سياستها، أو وجود من هو أجدر منه في ذلك، ومن ثم وجب على القاضي الإداري أن يترك للإدارة - بعد أن كفلت القوانين للضباط بلوغ أرقى المراتب والدرجات- أن تختار من بين الضباط الذين تقرر إنهاء خدمتهم طبقًا للقانون من تراه صالحًا للاستمرار في خدمتها المدة أو المدد التي أجازها لها القانون للاستعانة به لتحقيق أهدافها بغير رقابة عليها في ذلك ما لم يثبت من الأوراق أن الإدارة قد أساءت استعمال السلطة واستهدفت غاية أخرى غير المصلحة العامة.

وفي مجال المفاضلة بين المتزاحمين في الترقية إلى رتبة لواء أو الاستمرار فيها، لا يؤثر في صحة وسلامة التقييم الذي يجريه المجلس الأعلى للشرطة سنويا، لاختيار من يعاونه في تنفيذ السياسة والرؤية الأمنية، أن يختلف عن التقييم السابق له، والذي كان سببًا في ترقيته إلى رتبة لواء أو المد له فيها سنة أخرى، ذلك لأن من المقرر أن ما يسري في هذا الشأن هو مبدأ سنوية التقييم، بمعنى ضرورة قياس كفاية الضابط بكل عناصره سنويا؛ للوقوف على ما يتمتع به من رؤى أمنية، تقدر الجهة الإدارية المختصة (ممثلة في المجلس الأعلى للشرطة) اتساقها مع السياسة والرؤية الأمنية سنويًا.

ولو كان الضابط يستصحب دائمًا تقييمه السابق لما أوجب المشرع عرض أمر المد له في رتبة لواء على المجلس الأعلى للشرطة كل عام، وهو ما يخالف طبائع الأشياء والتغير الذي يطرأ على سلوك الفرد وإنجازاته وكفاءته من عام لآخر، ولا سيما من يتبوأ أرفع المناصب القيادية في المرفق الأمني.

والاختيار بين المتزاحمين على الترقية إلى رتبة لواء أو الاستمرار فيها لا يجوز إعمال مقارنة نظرية محضة بين عناصر بيان الحالة الوظيفية للضابط مقارنًا بزملائه، والبحث في الدورات التدريبية الحاصل عليها كل منهم، أو المكافآت التي منحت لهم، أو عدد ما قد يكون قد وقع على كل منهم من جزاءات، لأن عناصر الكفاية المتطلبة للجدارة في تبوء المناصب العليا بالمرفق الأمني أو الاستمرار فيها يتعين أن تأخذ في الاعتبار كفاية الضابط وقدراته الفنية وحسن أدائه لعمله، جنبًا إلى جنب مع ما يتسم به من سمات شخصية وقيادية، وما يتمتع به من رؤى أمنية، تقدر الجهة الإدارية المختصة (ممثلة في المجلس الأعلى للشرطة) اتساقها مع السياسة والرؤية الأمنية.

وهذا المجلس بحكم تكوينه الرفيع واختصاصاته الجسام ينوء في هذا المقام بمهمة ثقيلة، يتحملها أمام الله، وأمام ضمائر أعضائه، وأمام الشعب، يوازن فيها بين الاعتبارات المختلفة، ويمارسها بقدر واسع من التقدير.. وللحديث بقية.
Advertisements
الجريدة الرسمية