رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عميد كلية القرآن بجامعة الأزهر: المنشاوى لم يتكسب يوما من القرآن وتمتع بموهبه ربانية

فيتو

  • "المنشاوى" أخلص لكتاب الله فبادله إخلاصًا بإخلاص
  • كان بمثابة "مدرسة" خاصة في عالم التلاوة

عاش أقلَّ من خمسين عامًا، ورحل منذ خمسين عامًا، فلم يزده الموتُ إلا خلودًا، إنه أعجوبة قراء القرآن الكريم القارئ الشيخ "محمد صديق المنشاوى"، الذي حلتْ ذكرى وفاته الخمسون يوم الجمعة الماضية.

ما بين عامى 1920 – 1969.. عاش "المنشاوى"، ورتل القرآن الكريم ترتيلًا وجوَّده تجويدًا، ينطبق عليه قوله تعالى: " الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته"، أذهل مستمعيه في مصر وفى عموم الدول الإسلامية التي كانت تحسن استقباله واستضافته وتكريمه.

لم يكن الشيخ الراحل قرائًا خاشعًا مجيدًا فحسب، وكأنَّ الله أودع حنجرته كل الجمال، وكل النقاء، وكل الخشوع، وكل الخضوع، وكل الاستسلام لرب العالمين، فكانت تجلياته تصعد بمستمعيها إلى السموات العلي.. إلى سدرة المنتهي عندها جنة المأوى

نشأ الشيخ وتربى وشبَّ في "بيت القرآن"، في سوهاج، في قلب صعيد مصر، فقد كان أبوه وأشقاؤه قراء مُجيدين مُبدعين، من رحل منهم، ومن لا يزال على قيد الحياة، وكان مدرسة جامعة في فنون الأداء، لا يشبه أحدًا ولا يشبهه أحد.

"فيتو" أجرت حوارا مع الدكتور سامى هلال عميد كلية القرآن بجامعة الأزهر بمناسبة مرور 50 عامًا على رحيل صاحب الصوت الخاشع الباكى الشيخ "محمد صديق المنشاوى".


* بداية ما سر كل هذا النجاح للشيخ محمد صديق المنشاوي؟
سر نجاح الشيخ محمد صديق المنشاوي هو إخلاصه للقرآن الكريم، حيث لا يختلف اثنان يستمعان لصوته على أنه وهب نفسه للقرآن، فأعطاه الله أداء القرآن،

* هل كان المنشاوى موهوبا بالفطرة في قراءة القرآن؟
جودة الصوت في الأساس نعمة وهبة من المولى – عز وجل- وهذه النعمة إذا لم تصونها لايمكن أن تؤدي الوظيفة الخاصة بها، وصوت "المنشاوي" كان يتميز بمقامات طبيعية غير عادية، ومن المعروف في علم القراءات أن هناك أداء ومقامات وموهبة فطرية وضعها الله في القارئ، وهناك مقامات وطبقات أخرى مكتسبة يتقنها القارئ مع التدريب والتعود عليها، والشيخ المنشاوي كان يتمتع بمقامات وأداء موهبه ربانيه غير مصطنعة.

* ما الفارق بينه وبين قراء العصر الحالى؟
القراء في العصر الحالي يخلطون بين المقامات الموسيقية ومقامات قراءة القرآن الكريم، وفيما يخص الأداء ففى عالم القراءة يوجد أداء "مثالي" وهو الذي يصل إليه القارئ مع التدريب وغيره، وأداء موهوب وهو الذي يكون بمثابة المنحة الربانية للعبد، وهو ما كان عليه الشيخ المنشاوى، وهو ينطبق عليه قول المولى عز وجل "يزيد في الخلق ما يشاء"

* هل يمكن القول إنه كان يمثل مدرسة خاصة في التلاوة؟
المنشاوي بالفعل كان بمثابة "مدرسة" خاصة في عالم التلاوة فلا يمكن القول بأنه يقلد أحدا بعينه أو منطوى تحت مدرسة أخرى وإنما كان مدرسة مستقلة، وما يميزه أنه على الرغم من رحيله من ربع قرن وظهور العديد من المدارس أو القراء الإ أن أحدا لم يستطيع الوصول إلى درجة صوت وأدائه وبقي صوته فريدًا ومتميزًا ولو أنه كان حاضر بيننا هذه الأيام ودخل في مسابقة مع القراء الحاليين لتفوق عليهم جميعًا"


* ما سر كل هذا القبول من الناس لصوت هذا الرجل؟
 القرآن الكريم له ميزه ولذة في تلاوته لا يصل إليها العبد إلا إذا أخلص وأحب القرآن الكريم، وأهم ما كان يجعل المنشاوي متفردا في قراءته هو انفعالاته وتأثره بما يقرأ فعندما يقرأ سورة مثلا "ق" وتسمع منه قوله تعالى "فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" وأنت تسمعها منه كأنك تزيل الغطاء من على عينك أنت شخصيًا، فكان يؤدى القرآن بكل مشاعره، وأناعندما أسمع منه قوله تعالى "وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّه" أشعر وكأنه يخاطب الأشخاص الذين يعملون بالربا ليتنهو عن هذا الأمر المحرم".

* هل يمكن القول إن المنشاوى ما زال يتربع على عرش القراء؟
"المنشاوي" كان لديه إحساس وانفعالات وأحاسيس قرآنية، ويمكن القول بالفعل إنه ما زال يتربع على عرش القراء الأحياء والأموات، وأنك مهما استمعت له فإنك لا تمل منه أبدًا سواء أكان يقرأ القرآن مجودا أو مرتلا ومن نعم الله عليه أنه على الرغم من وفاته إلا أنه يضاف إلى حسناته يوميًا من خلال مستمعيه وتسجيلاته، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حب الله لهذا الرجل، خصوصا أنه لم يكن يومًا متكسبًا من القرآن الكريم، وهذه جزئية هامة خاصة وأن السمة الغالبة على القراء في هذه الأيام هو عملية التربح والتكسب من القرآن الكريم".

*  ما الرسالة التي توجهها للقراء الحاليين؟
أوجيه رسالة إلى القراء الحاليين بأن يجعلوا القرآن قائدًا لهم إلى الجنة، وأن قصة التربح بالقرآن لا ينبغي أن تكون بهذا الشكل، وأن التحايل بعلة حبس الوقت والمشاغل هذه أمور لاتليق بهم، وبعض القراء تحول من أخلاق القراءة إلى التكسب منها، فمن يتصدى للقراءة عليه أن يتخلق بأخلاق القرآن.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
Advertisements
الجريدة الرسمية