رئيس التحرير
عصام كامل

أبو الغيط: العلاقات مع الجوار الأفريقي تحتاج إلى دفعة تبعث فيها الحياة


أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الحوار العربي الأوروبي مستمرٌ منذ سبعينات القرن الماضي، مشيرًا إلى أن بين العرب وأوروبا مصالح راسخة وقواسم مشتركة وأطر مؤسسية ممتدة، سواء على الصعيد المتوسطي أو الأوروبي العام.


وأشار إلى انعقاد القمة العربية - الأوروبية الأولى بشرم الشيخ في فبراير الماضي، حيث مهدت هذه القمة الطريق لحوارٍ صريح وبناء يخاطب شواغل الطرفين؛ العربي والأوروبي، مؤكدًا أن هذا الحوار مثمر، لابد أن يشمل القضايا التي تهم الطرفين، وألا ينطلق أو يتأسس على قضية بعينها، كالهجرة غير النظامية أو غيرها، وإنما يخاطب مختلف أوجه العلاقات بين منطقتين تجمعهما روابط سياسية واقتصادية وثقافية، ولكل منهما شواغلها الأمنية والسياسية.

أما عن العلاقات مع جوارنا الأفريقي فقد ركز أبو الغيط على أنها تحتاج إلى دفعة تُنشطها وتبث الحياة في أوصالها، مشيرًا إلى أنه صحيح أن أربع قممٍ عربية-أفريقية قد عُقدت إلى اليوم، و"نتطلع إلى انعقاد الخامسة بالمملكة العربية السعودية في نوفمبر القادم"، إلا أن العلاقات ما زالت بعيدة عن المستوى الاستراتيجي المأمول في ضوء كون عشر دول عربية أعضاء في الاتحاد الأفريقي، وكذا في ضوء أهمية الجوار الأفريقي المتزايدة، سواء على الصعيد الأمني أو السياسي أو الاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بقضايا بعينها مثل الهجرة غير النظامية والإرهاب والتعاون الاقتصادي والأمن المائي.

وأضاف: أفق العلاقات مع جوارنا الأفريقي واعدٌ ومبشر، وثمة دول عربية تُباشر علاقات نشطة ومتشعبة مع هذا الجوار ودوله إلا أن هذه العلاقات تجري في أغلبها في مسارات ثنائية بين هذه الدولة العربية أو تلك ونظيراتها من الدول الأفريقية، ولا يتم التخطيط لها أو تنسيقها على صعيد جماعي، ومن ثم فلا يعود أثرها على المنطقة العربية ككل، ولا تنعكس على قضاياها الجماعية مثل القضية الفلسطينية، وليس سرًا أن أفريقيا كانت ميدان تأييد تقليدي لهذه القضية المركزية لدى الجانب العربي إلا أن مياهًا قد جرت تحت الجسور، فتغيرت الصورة نوعًا ما وبعض المسئولية نتحمله كطرف عربي من دون شك.

واستطرد: تبقى نقطتان أحسبهما على جانب من الأهمية في سياق التعامل مع دول الجوار:

الأولى: أننا، وإن لم نذكر إسرائيل في سياق هذا الحديث، إلا أننا ننظر إليها أيضًا بوصفها دولة جوار بيننا وبينها قضية واضحة ومحددة هي القضية الفلسطينية إن هي اختارت السبيل الوحيد المعقول والمقبول من جانبنا كعرب لحلها وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

ولفت أمين عام جامعة الدول العربية إلى أن إسرائيل اختارت هذا السبيل وقُبلت في المنطقة كطرفٍ إقليمي طبيعي، وهذا هو جوهر مبادرة السلام العربية، وإن هي ماطلت وراوغت من أجل قنص ثمار السلام من دون دفع ثمنه العادل فإن قبولها كطرفٍ إقليمي نقيم معه علاقات طبيعية سيظل بعيد المنال.. تلك هي المعادلة ببساطة وأي التفاف عليها، بمبادرات دولية أو غيرها، لن يُفضي إلى شيء طالما بقي أصل القضية وجوهر الصراع من دون حلٍ عادل ودائم.

اقرأ أيضًا.. أبو الغيط يطالب بإجراء تحقيق دولي في جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين
/3248819

أما النقطة الثانية فقال أبو الغيط إنها تتمثل في أن أي تعاملٍ مع جوارنا الإقليمي، ولكي يكون نافعًا ومجديًا، لابد أن يسبقه اتفاق بيننا كدول عربية على أولويات أمننا القومي، وتوافق واضح حول منطلقاتنا الإستراتيجية الرئيسية فلا يُضعف الموقف العربي شيء قدر الحوار مع الآخرين فرادى من دون أولويات واضحة متفق عليها، أو موقف جماعي محدد ننطلق منه، ومن ثمّ فإن الحوار المطلوب –أولًا- هو حوار مع الذات، قبل أن ننتقل إلى مرحلة الحوار مع الآخر.. ويقيني أن الجامعة العربية هي خيرُ من يرعى مثل هذا الحوار الذي طالبتُ به منذ توليت المسئولية منوهًا إلى أنه ولا شك أن لقاء اليوم يأتي في هذا الإطار، راجيًا أن تتواصل مثل هذه المبادرات من جانب كافة الفاعليات المعنية بالشأن القومي والتفكير الإستراتيجي والقضايا العربية بامتداد العالم العربي من المحيط إلى الخليج.
الجريدة الرسمية