رئيس التحرير
عصام كامل

أمريكا -إيران -إسرائيل محور واحد وعلاقات خفية


تتناول الصحف والمواقع الإعلامية المصرية والعربية والعالمية يوميا ما يحدث من توتر في العلاقة بين أمريكا وإيران، وموجات التصعيد من الطرفين، وأبدى الكثيرون من الصحفيين والكتاب المصريين قلقهم من اشتعال حرب بين الطرفين قد تؤدي إلى حرب عالمية، وعواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي، حيث سيرتفع سعر برميل البترول إلى أضعاف مضاعفة..


والسؤال هنا: هل من الممكن أن تقوم أمريكا بتوجيه ضربة عسكرية لإيران؟ والإجابة عن ذلك السؤال ميسورة جدا بالنظر إلى عاملين: أولهما طبيعة العلاقة بين إيران وإسرائيل، وثانيهما دور إيران بالنسبة لأمريكا.

فأما عن طبيعة العلاقة بين إيران وإسرائيل -والتي لا تختلف مطلقا عن طبيعة العلاقة بين إيران وأمريكا– فهي طبيعة تظهر في العلن بصورة وفي الخفاء بصورة أخرى، ففي العلن هي العدو اللدود لإيران والعكس صحيح، وكل منهما تود في العلن القضاء على الأخرى، لكن عندما نتذكر تاريخ العلاقات الدبلوماسية الإيرانية الإسرائيلية، نجدها تعد في أحسن صورها في ظل نظام شاه إيران محمد رضا بهلوي..

ولم يختلف التحالف في عهد شاه إيران عن عهد الخميني، إلا في أنه بعد ثورة الخميني عام 1979 أصبح تحالفا مستترا، يجري عبر وسطاء، لتحافظ إيران على صورتها المزعومة بأنها نصيرة للقضية الفلسطينية وقائدة لما تصفه بالصحوة والمقاومة الإسلامية.

وكانت أبرز صفحات هذا التحالف في عهد شاه إيران في مجالي النفط والاستخبارات، وفي عهد ثورة الخميني في حرب الخليج الأولى لتدمير الجيش العراقي والمفاعل النووي العراقي، وفي مجالات النفط والملاحة البحرية والاستخبارات والتسليح. فقد صدرت إسرائيل إلى إيران أسلحة ليتغلب بها على العراق فيما عرف في الغرب باسم فضيحة "إيران كونترا" و"إيران جيت" وهذه الأسلحة بعلم تام من أمريكا..

بل إنها أسلحة من أمريكا مرت عبر إسرائيل، ووقتها كان الخميني يعلن أن أمريكا الشيطان الأكبر، ويعلن الرئيس الأمريكي أن إيران هي العدو الأعظم، وأمريكا تصدر السلاح في الخفاء لإيران عن طريق إسرائيل وغيرها! 

كما امتد التعاون بينهما إلى عدوهما المشترك "العراق" إلى تعاون استخباراتي لإنجاح الضربة الإسرائيلية للمفاعل النووي العراقي الذي كان قيد الإنشاء. وفي الفترة من 1989-2002 تحدثت صحف إسرائيلية وغربية عن إجراء مباحثات بين إيران وإسرائيل لإنشاء أنبوب "إيلات- أشكلون (عسقلان)" لنقل النفط الإيراني عبره بدلا من قناة السويس، خاصة وأن مصر كالعراق تعد عدوهما المشترك.

وعلى جانب التعاون الاقتصادي والتجاري بين إسرائيل وإيران وهو الذي يكشف عن الانسجام التام بينهما ويؤكد نمو العلاقات ومتنتها، فنجد أن صحيفة "يديعوت أحرونوت" قد كشفت في تقرير منذ سنوات أن أكثر من 30 مليار دولار حجم الاستثمارات الإسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية وتعاون اقتصادي غير مسبوق رغم الإعلان الرسمي عن عداوات متبادلة. وأن 200 شركة إسرائيلية على الأقل تقيم علاقات تجارية مع إيران وأغلبها شركات نفطية تستثمر في مجال الطاقة داخل إيران.

وأن المرجع الأعلى ليهود إيران داخل إسرائيل هو حاخام مرتبط بعلاقات متينة مع إيران. وأن نحو 200 ألف يهودي إيراني في إسرائيل يتلقون تعليماتهم من مرجعهم في إيران الحاخام الأكبر يديديا شوفط المقرب من حكام إيران.

وأن معابد اليهود في طهران وحدها تجاوزت 200 معبد يهودي، بينما أهل السنة في طهران عددهم مليون ونصف لا يسمح لهم بالصلاة في مساجدهم. وأن من بين يهود كندا وبريطانيا وفرنسا يوجد17 ألف يهودي إيراني يملكون شركات نفطية كبرى، ومنهم أعضاء في مجلس العموم "اللوردات".

وتستفيد إيران من يهودها في أمريكا عبر اللوبي اليهودي بالضغط على الإدارة الأمريكية لمنع ضرب إيران مقابل تعاون مشترك تقدمه إيران لشركات يهودية. ومن اليهود الأمريكيين في الولايات المتحدة 12 ألف يهودي من إيران ويشكلون رأس الحربة في اللوبي اليهودي ومنهم أعضاء كثر في الكونجرس ومجلس الشيوخ.

وقد تجاوز عدد يهود إيران في إسرائيل 200ألف يهودي ولهم نفوذ واسع في التجارة والأعمال والمقاولات العامة والسياسة ونفوذ أكبر في قيادة جيش اليهود. وفي إيران ما يقرب من 30 ألف يهودي وتعتبر إيران أكبر دولة تضم تجمعات كبيرة لليهود خارج دولة إسرائيل، ولم يقطعوا تواصلهم بأقاربهم في إسرائيل.

ويحج يهود العالم إلى إيران لأن فيها جثمان "بنيامين" شقيق نبي الله "يوسف" عليه السلام، وفاق حب اليهود الإسرائيليين لإيران أكثر من حبهم لمدينة القدس. واليهود يقدسون إيران أكثر من فلسطين لأنها دولة "شوشندخت" الزوجة اليهودية الوفية للملك "يزدجرد" الأول ولها مقام مقدس يحج إليها اليهود من كل العالم.

فبعد هذه الأهمية والعلاقة الحميمة بين إيران وإسرائيل لا يمكن أن تقدم أمريكا على عمل ضد مصالح إسرائيل، التي هي المحرك الفعلي لأي سياسة أمريكية. وأما عن العامل الثاني وهو دور إيران لأمريكا فدورها محوري، فإيران هي العصا التي تخيف بها أمريكا دول الخليج وتبتزهم من خلالها..

فأمريكا تعلن أنها تحمي دول الخليج من عدوهم إيران في مقابل أموال لا حصر لها مع البترول، مع الاحتلال الفعلي لدول الخليج بالقواعد الأمريكية، وبالتالي أمريكا تكون وراء تحرشات إيران بدول الخليج كل فترة بما في ذلك التحرشات بسفن البترول الأربعة الأخير، حتى يظل العدو لدول الخليج موجودا، ويظل المال والبترول والقوة تتدفق على أمريكا، وبعد ذلك أجد أنه من غير المعقول أن تحارب أمريكا إيران وهي التي تستفيد منها وتوظفها لما تريده.
الجريدة الرسمية