رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

"داود أوغلو" يصفع "أردوغان" ويفضحه


حرك التركي "أردوغان" آلته الإعلامية ضد التعديلات الدستورية المصرية، وهو الذي غير نظام تركيا بأكمله من أجل ديمومة حكمه وبسط سلطانه. لكن يشاء القدر أن يخسر حزبه أهم مناطق نفوذه في انتخابات البلديات في أوضح رد فعل شعبي على تراجعه، ثم تأتيه صفعة قاسية غير متوقعة من مستشاره رئيس وزراء تركيا السابق "أحمد داود أوغلو"، الذي استغل حالة السخط في حزب العدالة والتنمية بعد الأداء المخيب، لينتقد مجمل سياسات وقرارات "أردوغان" ويحمله مسئولية تراجع تركيا على كافة الاصعدة.


أهمية بيان "أوغلو" دعت جهات عدة لترجمته لما يتضمنه من رؤية واضحة للحالة التركية، خصوصا أن "أردوغان" لم يستمع لنصيحته كما ذكر في البيان، الذي أورد هنا أبرز ما جاء فيه وآلت إليه تركيا بسبب "أردوغان".

يقول "أوغلو": "نمر بمرحلة تاريخية تشهد التحولات الأكثر كثافة في تاريخ البشرية. في السنوات الأولى، ومع قدوم حزبنا إلى السلطة برؤية تفهم متطلبات تلك المرحلة وقيم الأمة، أظهر بلدنا أداء التقط فيه زخم التدفق التاريخي بعد أن عشنا تحولًا ديمقراطيًا عزز ثقتنا بأنفسنا، ومخططًا لتنمية اقتصادية صاعدة، وتأثيرًا دوليًا يتوسع في الأرجاء.

لكن الحزب الآن عندما بدأ باستهلاك طاقته في مشاكله الداخلية، بسبب تلاعبات تتجاهل الإرادة الوطنية، اهتز انسجامنا الداخلي وضعفت قدرتنا على إنتاج وتطبيق الرؤى الإستراتيجية".

ويكمل "أوغلو" قائلا: "أعربت عن مخاوفي بشأن بلدنا وحزبنا في المراحل الحرجة خلال السنوات الثلاث الماضية، مباشرة إلى رئيسنا، شفهيًا وخطيًا. لكن الوضع الاجتماعي والسياسي الذي تكشف في انتخابات البلدية في 31 مارس والأحداث اللاحقة، يوجب محاسبة شفافة وحكيمة أمام الرأي العام فيما يتعلق بمستقبل الحزب والبلد، وهذا مرتبط بالوعي بمسؤوليتي كثاني رئيس عام لحزب العدالة والتنمية، وآخر رئيس وزراء منتخب من قبل الشعب.

أظهرت انتخابات البلدية نتائج مهمة، نحتاج إلى دراستها بحكمة وعقلانية، ووجهت رسائل مهمة بالنسبة للمستقبل، ومن الأهمية جعلها أولوية، ويتعين علينا مواجهة حقيقة تراجع الدعم الشعبي، خاصة فيما يتعلق بنتائج رئاسات بلديات أنقرة وإسطنبول، التي كانت تحت إدارة كوادرنا منذ ربع قرن، وإذا لم يحدث فإن مرحلة صعبة تنتظرنا كحزب العدالة والتنمية، وتنتظر تركيا".

يرى "أوغلو" أن خمسة عناصر أساسية جعلت الحزب مسيطرا لسنوات طويلة أوجزها في عدة نقاط: "منظومة مبادئ وقيم داخلية متناسقة، خطاب متوافق مع روح المنظومة تلك، شبكة علاقات اجتماعية منفتحة على جميع شرائح المجتمع، هيكل تنظيمي قوي يدير الشبكة بجدية، فكر حر وعقل منفتح يمكنهما تطوير سياسات متوافقة مع روح العصر".

لكنه استدرك: "المتغيرات التي حدثت في السنوات الأخيرة أظهرت أن هناك ضعفًا خطيرًا بالالتزام بالعناصر الأساسية وهو يتوسع، والأخطاء والفوضى خلال الانتخابات المحلية الأخيرة وبعدها، هي في الواقع انعكاسات لهذا الخلل. ثم أن العمل السياسي يقوم على منظومة أخلاقية في الأساس. لكن الحزب تضرر بسبب الخطاب الحالي القائم على الشعارات وإظهار التمسك بالقيم والمبادئ والتصرف بعكس ذلك، ما جعل الشعب يفقد الثقة فيه".

وهاجم "أوغلو" الرئيس "أردوغان" مباشرة دون تسميته في بقية بيانه فقال: "هناك قضايا يتعين الحديث عنها صراحة، الابتعاد عن لغة التواضع واستبدالها بلغة متكبرة أنانية، فضلًا عن التعامل بتعالٍ، والإصرار على الظهور الدائم بلا انقطاع، وتوسيع الهوة بين الوعود الخطابية وحقيقة الأوضاع، واستغلال أمور مقدسة (نابعة من الدين) من أجل تحقيق مكاسب سياسية.

لقد نسي البعض أن العمل السياسي وقيادة البلاد منوطة بشخص من يتولى القيادة دون تدخل من عائلته أو الدائرة المحيطة به في صنع القرار. وقد أثّر الابتعاد عن القيم والمبادئ الأساسية بشكل مباشر على خطابنا السياسي أيضًا. وفي الأعوام الأخيرة حلّ خطاب بصبغة أمنية قائم على الأمر الواقع وهواجس البقاء المطلقة بدلًا من خطاب الحزب السياسي الواثق بنفسه ومستقبله، والذي يركز على الإنسان، ويقوم على حقوق الإنسان والحرية والإصلاح الشامل".

ولم يفت "أوغلو" إعلان عدم رضاه عن نظام الحكم بشكله الحالي، إذ يجمع "أردوغان" بين صفة رئيس الجمهورية ورئيس الحزب، داعيا إلى ضرورة تقييم هذا الوضع الذي يدمج السلطات المختلفة للمنصبين في شخص واحد بشكل مستقل، معتبرًا أنّ رئاسة الجمهورية يفترض فيها الوقوف على مسافة واحدة من الجميع بينما يتطلب الموقع الحزبي انغماسًا في السياسة المحليّة. مشيرا إلى حاجة تركيا لدستور مدني وديمقراطي لأن النظام الجديد لا يلبي التطلعات من حيث أسلوب الهيكلة أو التنفيذ، ويحتاج إلى مراجعة جادة وصادقة حول مسألة تغيير النظام.

رفض "أوغلو" ما أسماه "مساعي السيطرة على القضاء تحت أي مبرر ومن قبل أيّ كان، على أن تُعامل كجريمة كبرى، ويجب إعطاء السلطة التشريعية استقلالية تحقق التوازن أمام السلطتين التنفيذية والقضائية". داعيا لمراجعة النظام الانتخابي وقانون الأحزاب السياسية. كما رفض اعتبار المنافسين في الانتخابات أعداءً، وإن احترام نتائج الانتخابات هو واجب الساسة قبل غيرهم.

استهجن "اوغلو" الاعتقالات المسيسة ضد أقرباء لجماعة "غولن" المحظورة في وقت تسلمت قيادات في الجماعة نفسها مناصب حساسة في الدولة، وكذلك رفض الاستغلال العائلي للدولة وتعيين "أردوغان" صهره وزيرًا للمالية والخزانة، الذي اتخذ قرارات أضرت بالاقتصاد والليرة وتراجع معها دخل الفرد التركي إلى أقل مما كان عليه في العام 2007.

طلب "أوغلو" اتساع صدر "أردوغان" للصحافة باعتبارها السلطة الرابعة، والكف عن مطاردة واعتقال العاملين بها، حتى باتت وسيلة للدعاية تدار من قبل مصدر واحد، فالحرية الصحفية الحقيقية هي الجهاز المناعي للديمقراطية، ويتعين إيجاد توازن بين الحرية والأمن.
Advertisements
الجريدة الرسمية