رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إستراتيجية «الاستصلاح» يا ريس


لا أدري من هو صاحب الفكرة التي ورطت الدولة في تلك التكلفة الباهظة التي تم بموجبها تنفيذ "مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان" الذي وضعه الرئيس عبد الفتاح السيسي ضمن أولويات برنامجة الانتخابي في عام 2014، والتي جعلت الحكومة حتى الآن لم تستطع الانتهاء سوى أقل من نصف المشروع حتى الآن.


فعلي الرغم من اتفاقي التام مع كل ما طرحه الرئيس، خلال ملتقى الشباب العربي الأفريقي الذي عقد بمدينة أسوان الأسبوع الماضي، من أن استصلاح الأراضي يحتاج إلى تكلفة ضخمة للغاية، إلا أنني أرى أن الإستراتيجية التي سارت بها الدولة في هذا الأمر "خاطئة" للغاية، وأنه كان من الممكن أن تتجنب تحميل الميزانية كل هذا الكم الهائل من الأموال، بل وتتوسع بمساحات تزيد عشرات المرات عما تم طرحه "ولم ينفذ" وتعود بمليارات الجنيهات على خزينة الدولة.

ولعل ما يدعوني إلى تعزيز تلك الفرضية، أن الدولة لا حاجة لها باستصلاح ودق آبار وغيرها من العمليات الصعبة التي تحتاجها الأرض، وكان من الممكن أن تقوم فقط باختصار الأمر في مد الخدمات من طرق ومرافق، وتقسم الأرض بالمساحات التي تراها، وعرضها للبيع بذات تكلفة المرافق أو يزيد، وترك تكلفة الاستصلاح ودق الابار وغيرها من العمليات المكلفة للمستثمرين، والراغبين في الشراء.

والواقع على الأرض يؤكد، أن هناك الآلاف من المستثمرين الجادين، والمزارعين المصريين، يتمنون طرح الدولة لفكرة طرح أراض ل "التمليك للاستصلاح" وعلى استعداد للدفع، والتملك، والاستصلاح، والإنتاج، خلال فترة لا تتجاوز شهور، خاصة في ظل حالة الهوس التي أصابت أسعار الأراضى الزراعية خلال السنوات الأخيرة، بسبب تراكم كم هائل من الأموال المشبوهة" بأيدي البعض، سعوا وما زالوا يسعون إلى غسلها في شراء أراض زراعية، أدت بالتبعيه إلى ارتفاع أسعار الأراضي في كل أنحاء مصر إلى أرقام خيالية، لا تتناسب وقيمتها الحقيقية، لدرجة جعلت سعر قيراط الأرض الواحد في بعض القري النائية يصل إلى نحو مليون جنيها.

وهو الوضع الذي جاء كنتيجة مباشرة لسياسات الإهمال المستمرة التي اتبعتها الدولة تجاه الآلاف ممن يرغبون في الاستصلاح والإنتاج في الماضي، بعد أن تركتهم فريسة للعصابات التي تسيطر على الأراضى في العديد من المناطق النائية، واضطروا في غياب الدولة إلى الشراء والاستصلاح والإنتاج، والاستلام لسياسة الاتوات والدفع مقابل الحماية، التي تتبعها تلك العصابات، وظلوا لسنوات يطالبون الدولة بتقنين أوضاعهم، دون أدنى استجابة، إلى أن تشكلت "لجنة المهندس إبراهيم محلب" التي شهدت تكالب من المواطنين لتقنين أوضاعهم، ونجحت في جلب مليارات الجنيهات للدولة، وهو خير دليل على ما أقول.

أجزم، أن ما أطرحه ليس فكرا عبقريا لم يسبق أتباعه، بل فعله "الرئيس السادات" عندما طرح فكرة مشروعى "الصالحية، والخطارة" في محافظة الشرقية في السبعينات من القرن الماضي، وأفرزت التجربة التي كان بطلها المهندس "عثمان أحمد عثمان" رحمة الله عليه، استصلاح آلاف الأفدنة، ما زالت تعيش محافظات الدلتا على ما تنتجه من خضراوات وفاكهة وموالح حتى اليوم، بل واستصلح الأهالي بجوارها آلاف الأفدنة التي ساهمت في خلق مجتمع عمرانى متكامل بتلك المنطقة.

أؤكد أن الأمر لا يحتاج من الدولة صرف المليارات، أو الدخول في متاهة الاستصلاح، أو الاستلام لمافيا السمسرة والعمولات، وما عليها فقط سوى "مد المرافق، والتقسيم، والبيع" ووضع شروط تضمن عدم التلاعب، وجدية الاستصلاح والإنتاج، وليس المتاجرة والتسقيع، وهو ما أؤكد أنه سيضمن لخزينة الدولة مليارات الجنيهات، واستصلاح ملايين الأفدنة، وتحقيق اكتفاء ذاتي من الحبوب والخضراوات والفاكهة والموالح خلال فترة لن تتجاوز العامين، بل وتحقيق فائض للتصدير.
Advertisements
الجريدة الرسمية