رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الحرب على نساء مصر!


في جلسة الحوار المجتمعي الأولى حول التعديلات الدستورية اتفق معظم الحاضرين على التعديلات ولكنهم اختلفوا بجرأة على كوتة النساء، وتباينت حول تعديل المادة «102» من الدستور، التي تمنح المرأة «كوتة» دائمة داخل البرلمان، بواقع 25% من المقاعد النيابية لتعارضه مع أحكام المواد «11، 243، 244» من الدستور، التي تنص على تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق المدنية، السياسية، الاجتماعية، والثقافية..


ورغم وجاهة بعض الآراء الرافضة بزعم المساواة إلا أنهم راحوا يهدرون تلك المساواة في بقية التعديلات، ومن المعلوم أنه منذ نشأة الحياة البرلمانية في مصر خلال قرن ونصف لم تنل المرأة حق الترشح إلا في برلمان 1957 بعهد الرئيس جمال عبد الناصر، ومنذ تلك الفترة تباين عدد النائبات ولم يصل إلى نسبة 12% إلا في برلمان 2010، الذي لم يدم طويلا..

وتعد أكبر نسبة مشاركة للنساء في البرلمان هي في البرلمان الحالي، الذي بدأ أول دور انعقاد عام 2016، حيث يضم في عضويته 89 نائبة، منهن 75 منتخبة و14 معينة، بنسبة 14.9% من إجمالي عدد المقاعد وهو 598، وهو ما يلفت النظر إلى دور النائبات في هذا المجلس، وهل سيستمر عددهن في الزيادة بالبرلمان المقبل، وماذا لو توقف تخصيص «كوتة» للنساء؟ وتزامن ذلك مع الاحتفالات الصاخبة بعيد الام واليوم العالمي للنساء وفِي الذكرى المئوية لثورة ١٩١٩ التي نقلت المرأة من عورة لثورة..

ففي 16 مارس 1919 وفي خضم ثورة 1919، تمت أول مظاهرة نسائية في تاريخ مصر الحديث، حيث خرجت 300 سيدة رافعات الأعلام المصرية، تأييدًا للثورة واحتجاجًا على نفي زعيم الأمة سعد زغلول، وتوجهت المظاهرة إلى بيت الأمة ولكن حاصرهن الجنود الإنجليز وتصدوا لهن، فتوجهت النساء المشاركات في المظاهرة إلى مقر المعتمد البريطاني آنذاك وعند اقترابهن من المقر حاصرهن العساكر الإنجليز بالبنادق لردعهن وإجبارهن على الابتعاد..

في الوقت الذي وقف فيه المعتمد البريطانى يراقبهن مندهشًا من إصرارهن وجرأتهن أمام البنادق، في ظل صورة مضللة تكونت لديه عن المرأة المصرية المتخفية خلف البرقع، وذلك عندما توجهت "شفيقة محمد" نحو المعتمد البريطاني وهي تحمل العلم المصري في يد وبيان الاحتجاج في اليد الأخرى، وقبل أن تعود لصفوف التظاهرة تلقت الرصاصات لتسقط على إثرها أول شهيدة في ثورة 1919 ولحقت بها 6 شهيدات آخريات، ما أدى إلى امتداد الثورة في كافة أنحاء البلاد.

ولن تنسى مصر الدور الوطني الواعي للمرأة المصرية خلال أحداث يناير ٢٠١١ عندما صانت البيوت من الانهيار وراحت تدبر المعيشة كأرقى وزير للمالية والتموين، وتعدي الأمر حدود المنزل والميادين بحراسة الأحياء من النهب والفوضى، ثم كان الدور الحاسم في ثورة ٣٠ يونيو عندما خرجت للشوارع والميادين يرفضن حكم الإخوان، وقد تحملن الكثير في معركة الإرهاب، حينما فقدت الابن والزوج والشقيق..

ثم كانت الطامة الكبرى عندما تجاهلت تعيينات الهيئة الوطنية للصحافة المرأة في التعيينات، بالتزامن مع فشل الجماعة الصحفية في دورتين متتاليتين في انتخاب أي صحفية في مجلس النقابة المكون من ١٢ عضوا، في ردة من النخبة على الفرز والاختيار والتراجع عن المساحة التي احتلتها لأول مرة في مجلس نقابة الصحفيين في ديسمبر 1954، بفوز الصحفية "أمينة السعيد" في الانتخابات.

وفي عام 1968، فازت الصحفية "نوال مدكور" بعضوية مجلس النقابة، وخلال الفترة من 1975 إلى 1977 ضم مجلس النقابة ثلاث صحفيات هن "بهيرة مختار" و"فاطمة سعيد" و"أمينة شفيق"، وبعدها غابت المرأة مرة أخرى لمدة 12 عاما عن مجلس نقابة الصحفيين حتى عام 2007، والذي نجحت فيه الصحفية "عبير السعدي". كما فازت الصحفية "حنان فكري" في انتخابات النقابة عام 2013.

وكنت أظن أن ما جري في نقابة الصحفيين بمثابة جرس إنذار للبرلمان للتأكيد على كوتة المرأة وإعادة الاعتبار للمصرية، التي كانت يوما ما ملكة عندما كانت نساء العالم جواري.
Advertisements
الجريدة الرسمية