رئيس التحرير
عصام كامل

صرخة أم في عيدها: «بناتي رموني في الشارع بعدما دخلوا الكليات» (فيديو)

فيتو

أصبحت تخشى الأيام فلم تعد تنتظرها مثل الماضي، فهي من كانت تتمنى أن يسرع الدهر لترى بناتها يتخرجن من أفضل الجامعات، ويتحقق حلمها لتفتخر بهن أمام العالم، فكم كانت تسهر على راحتهن وتمدهن بالدفء والحنان، وتراقبهن خوفًا عليهن من الفتن، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وبدون مقدمات تحول حلمها إلى كابوس مرعب.




ففي زاوية صغيرة بأحد الشوارع الجانبية في ميدان الجيزة، تجلس "عايدة عبد الله" رفقة فرشتها الممزقة، دون أنيس بعدما اضطرت للعيش في الشارع بعد طلاقها من زوجها وترك منزلها، ووصف بناتها لها بالمختلة عقليًا، واتهامها بإساءة سمعتهن عندما كانت تراقب كل تحركاتهن.

وقالت الأم وهي ترى بحزن الأبناء يهرولون لشراء الهدايا لأمهاتهم طلبا للرضا عكس حالها: «كنت براقب بناتي عند ذهابهن إلى الكلية لأني كنت أخاف عليهم بسبب رؤيتي للبنات يرافقن الشباب في الجامعات، فخشيت أن يحذون خطاهن، وعندما يروني كنت أدعى المرض وإني ذاهبة إلى الطبيب وعندما علموا بمراقبتي لهن قلن «أنت بتسيئي لسمعتنا»، وواجهت السيدة في الشارع كل فصول العام واحدا تلو الآخر على جسدها الذي برى من قسوته، ولكن هو عليها أهون من وصفها بالمختلة حسبما ترى.




وبدأت السيدة الخمسينية تروي مسلسل خروجها من المنزل ببولاق الدكرور للعيش في زاوية شارع بميدان الجيزة الذي فضلته لتعيش حياة كريمة من وجهة نظرها، فبدأت تجمع أكياس البلاستيك والعبوات الفارغة وتبيعها لتحصل على قوت يومها نظير عملها، بجانب ما تتقاضاه من التضامن الاجتماعي ليكون عونًا لها على مصائب الحياة التي لا تأتي فرادى، وتعود بعدها للنوم على فرشتها البالية من جديد.

وبنبرة صورت يكسوها الحزن الممزوج بشيء من الانكسار بدأت الأم المكلومة تلملم ما فاتها من ذكريات لتسرد كواليس أحد لياليها في الشارع: «بعد ما خرجت للشارع في يوم شتاء والمطر يتاسقط بكثافة أعتقدت أن أطفالا بيرجمونني بالحجارة وعندما أستيقظت لأعنفهم وجدتها قساوة المطر فعدت إلى النوم، وربنا بيحيمني من البرد طوال الشتاء برغم أن المطر فوقي مباشرة، وأنا على كل هذا بالي مرتاح أكثر من منزلي بسبب بناتي».




ولم تعد الأم ترى بناتها منذ تسع أعوام، وعلمت بعد ذلك بزواج اثنتين منهن بعد تخرجهما من الجامعة، والثالثة ما زالت تدرس في الثانوية العامة وعندما سألت الجيران ماذا تقلن بناتها عنها الآن ليأتي الرد كالسهم الذي استوطن في منتصف قلبها بأنهم يعتبرونها ميتة، ويقلن هذا لأزواجهن، ليتبخر كل ما كان من أمل لدى الأم في العودة لمنزلها من جديد، وتقول إنها كانت تعيش حياة سعيدة رفقة زوجها إلا أن العلاقة ساءت بعدما ادعوا إني مجنونة وأسيئ لسمعتهن.




وتنهي الأم المكلومة حديثها والدموع تملأ الجفون إنها لم تكن تتمنى مكروها لبناتها، لكن الآن لن تذهب إليهم مهما حدث معلقة: «حسبي الله ونعم الوكيل في بناتي وأنا في عيد الأم دلوقتي لأني لم أتمنَ لهم مكروها، وهن سبب فيما يحدث لي الآن»، متمنية الحصول على غرفة مناسبة للعيش بها، ولو على سبيل الإيجار لتقي نفسها من مخاطر الشوارع.




الجريدة الرسمية