رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أنيس منصور: أمي هي تاريخ حياتي

انيس منصور
انيس منصور

في كتابه "معنى الكلام" كتب الكاتب الصحفي أنيس منصور مقالا عن أثر والدته في حياته قال فيه:
إن أمى هي تاريخ حياتى.. فهى التي تعذبت ومرضت وضحت بالكثير من أجل تعليمى.. ولم يكن هناك أمل كثير في أن أفعل ذلك.. إن أمى لا تعرف بالضبط ما الذي أفعله وإن كانت تسمع من الناس ماذا أكتب أو ماذا أقول أو ماذا يقال عنى. ولكن ليس من الضرورة أن تشغلها كل همومى.. فأنا كل همومها، ولم أكن شكرا لله هما لها أو عبئا على قلبها أو عقلها.


ومنذ وفاة أمى ــ يرحمها الله ويسكنها فسيح جناته ـــ فهى تستحق كل رحمة، ومنذ ذلك الوقت لم يمض يوم إلا بكيت عليها، فلا أجلس وحدى حتى تغرورق عينى بالدموع، ولا يمض أسبوع دون أن أذهب إلى قبرها، وقبرها هو قطعة الأرض الوحيدة التي أملكها في هذه الدنيا.. وعندها ينتهى كل نزاع، ولا يمكن أن ينازعنى فيها أو عليها أحد حيا أو ميتا.

ومن الغريب أنى كثيرا ما توقفت في الطريق إليها لأن الدموع التي في عينى تمنعنى من قيادة السيارة، وحدث أكثر من مرة أن رآنى صديق وسألنى أن كنت في حاجة إلى مساعدة، فأقول له: لا.. شكرا مع أننى في حاجة إلى المساعدة، ولكن من الذي يستطيع أن يساعدنى على نفسى.. زعلى شيء في أعماق أعماق نفسي.

إن شيئا في داخلي قد انفجر عليها، إن قوة خفية تعصرنى عصرا، وأنا أعلم تماما أنه لا أحد يعود، وأنه لا فائدة من البكاء، وأن الأحياء أتعس حالا من الأموات.

وأنه من الأجدر أن نبكى على أنفسنا، نبكى على المعنى الذي لا نجده في حياة أو في كفاح أو في حب أو كره أو مال أو ولد أو أم أو أب.. ولكنى لا أعرف ما الذي أبكيه، أبكيها، أو أبكينى؟

لقد تمنيت من الله أن تموت أمى قبلى بيوم أو بساعة، حتى لا تتعذب لها روح أو يهان لها جسد، وقد استجاب الله لدعائى، فشكرا لله، وليرحمها الله وليرحمنى من بعدها..آمين يارب العالمين.
Advertisements
الجريدة الرسمية