رئيس التحرير
عصام كامل

شتان بين عدو ظاهر.. وآخر متخفٍ بيننا!


لا شك أن خداع المصريين بوعي زائف عقب أحداث يناير أحدث تفرقًا وانقسامًا واستقطابًا، ناهيك عن ظهور الأنانية السياسية بأبشع صورها، ونزوع أطراف بعينها إلى مصالحها الخاصة، حضرت الطائفة والجماعة والحزب والائتلاف، وغابت في مقابلها مصلحة الوطن والدولة والأمة، حتى ضرب الانفلات كل شيء، بدءًا بالأمن وانتهاءً بالغلاء والاحتكار والتربح الذي أضر بالمجتمع كله، ويدفع الجميع ثمنه غاليًا حتى اليوم.


ما لا يريد البعض أن يدركه اليوم أن عدونا الآن خفي يسعى بيننا، صنعته أفكار وتصورات مغلوطة عن الدين، بخلاف ما جرى بعد هزيمة 67 حتى تحقق النصر في 1973، فعدونا كان ظاهرًا وجبهته معروفة، حاربنا على قلب رجل واحد، بجبهة داخلية متماسكة أشد ما يكون التماسك، لا فرق فيها بين غني وفقير ومسلم ومسيحي، الكل شركاء، ولكلٍ ثأره مع عدونا الظاهر الذي كنا نراه رأي العين يتحرك بغطرسة وغرور شرق القناة وفوق أرض سيناء.. أما اليوم فقد تخفى العدو وتغيرت الوسائل والأدوات وصارت المقاومة أكثر صعوبة.

ما نعانيه اليوم هو إرهاب غادر يتخفى في سيناء، محاولًا تقويض دعائم الدولة واستقرارها تارة بالعنف والتفجير واستهداف الأبرياء، وتارة أخرى عبر بث الشائعات والأكاذيب التي تروجها كتائب الإعلام الإلكتروني الذي تستخدمه جماعة الإخوان الإرهابية وأعداء الوطن لإحداث البلبلة وعدم الاستقرار والوقيعة بين الشعب وقيادته وجيشه وشرطته.

كنا نرجو لو أن إعلامنا وأجهزة الدولة ومؤسساتها المعنية بصناعة العقل والفكر والوجدان وقبلها الأسرة، نهضت بأدوارها المرجوة لإجهاض مخططات إفشال الدولة وتفكيكها وتدميرها بأيدي بعض بنيها ممن وقعوا فريسة للشائعات، فهل قامت تلك الأجهزة بدورها في تحصين الوعي الشعبي من الدسائس والفتن وسيل الأكاذيب وحملات التشويه المغرضة، ألا تدرك أن الحروب تغير شكلها وتبدلت وسائلها وأساليبها حتى وصلت لحروب الجيلين الرابع والخامس التي تعتمد على الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي لإثارة الفتن والقلاقل والاضطرابات.

آن الأوان لتكاتف الجميع لبناء وعي حقيقي لدى شعبنا ولا سيما شبابه؛ فمثل هذا الوعي اليقظ هو وحده الطريق الأمثل لكسب المعارك وتحقيق الانتصارات خلافًا للوعي الزائف الذي يمثل انتكاسة وطريقًا للضعف والسقوط فريسة لأي شائعة أو أكذوبة أو تشويش مقصود للعقل.
الجريدة الرسمية