رئيس التحرير
عصام كامل

5 مشاهد تجسد رحلة لاجئ سوري هرب من طبول الحرب ليتعذب بفراق طفلته

فيتو

منذ اندلاع الحرب السورية عقب أحداث الربيع العربي التي هبت على المنطقة العربية، تذوق العديد من السوريين ويلات الحرب التي اشتعلت فتيلها وقضت على الأخضر واليابس، وفكر الكثير من السوريين في اللجوء إلى بعض الدول ومنها بينها مصر التي فتحت أبوابها لاحتضان الجميع.


القيصر في مصر
ومنذ ما يقرب من 8 سنوات جاء إيهاب محمد القيصر إلى مصر هربًا من ويلات الحرب للاحتماء، حاملًا على كتفه طفلته من زوجته السورية التي فقدها هناك، وعمل شيفًا في عدد من المطاعم الكبرى، حتى استطاع أن يصنع لنفسه مكانا خاصا به للعمل فيه، ووجد في مصر الأمن والملجئ له ولطفلته.

نظرة الحب
التقى القصير بزوجته المصرية بنت قرية الرحمانية التابعة لمركز نجع حمادي، شمال محافظة قنا، أثناء قضاء إجازتها بالقاهرة، لم يكن يعرف ما يخبئه القدر لهما، وجمع الحب بين قلبيهما وتزوجا وأنجبا بعد عدة سنوات طفلتهما، وكانت فرحة لا توصف لهم بعد إنجاب تلك الطفلة التي وجدا في اسمها سببا لإسعادهما ولذا كان سبب التسمية سارة حتى تكون فرحة وسعادة لكل من يشاهدها.

النظرة الأخيرة
كان لقاء القيصر بطفلته سارة قبيل سفره إلى القاهرة بساعات واحتضنته كما لو كان اللقاء الأخير لها معه، وكانت في حضنه تودعه بدفء وحب الأطفال الصغار، حتى ظن الأب أنها تحاول إيقاف سفره، وما أن غادر الأب إلى القاهرة وبعدها بساعات رن هاتفه الخاص، فسمع الطرف يقول له: "الحق بنتك بتموت".

تلك الجملة كانت كفيلة أن تذكر «القيصر» بويلات الحرب التي فقد فيها الكثير من عائلته، وانتهى ما تبقى له من ذكريات بسوريا وهي طفلته الأولى وما هي إلا لحظات ويخبره القدر بأن طفلته مهددة بالضياع.

الوداع الأخير
وصل «القيصر» إلى قرية «بركة» حيث منزل عائلة زوجته هناك، وبدأ الأهالي يدعون له، بقولهم: "ربنا يصبرك على الفراق"، وهنا شعر المواطن السورى بأن حلمه راح، خاصة عندما شاهد «سارة» ملفوفة بملاية مرتدية فستانها الأحمر والأم تصرخ في وجهه: «بنتنا راحت يا إيهاب»، ليرد الأب عليها قائلا: «اسكتي ده عصفورة الجنة».

رغم قسوة ما شاهده «القيصر» من مواقف صعبة في الحرب وجثث الموتى إلا أن فراق «الضنا» يظل هو الأصعب في الحياة، مرددا: «شفت بنتي ساكتة.. مش بتتحرك.. في ثلاجة حفظ الموتى»، ويحتضن الأب المكلوم ابنته «سارة»، صارخا: «كان حلمي أحضنها بفستان الفرح الأبيض.. حضنتها بالكفن.. رحمتك يا رب»، لحظات واصطحبها إلى القبر بدلًا من اصطحابها إلى زوجها.

المشهد الأخير
القيصر يحتضن سارة دون أي حراك منها يقبلها واقفًا أمام قبرها قائلًا: «هيحضنك القبر بدلًا مني يا نور عيوني»، ليتم إنزال «سارة» إلى مثواها الأخير والجميع ينظر في بكاء مرددين: «مع السلامة يا عصفورة الجنة.. ملاك طاهر راح لمكانه وسط الملائكة».

وكانت النيابة العامة بمركز نجع حمادي، شمال محافظة قنا، صرحت بدفن جثمان الطفلة سارة إيهاب محمد القيصر، ضحية السقوط في ماسورة الصرف الصحي بقرية بركة التي بلغ قطرها 10 بوصات وعمق 36 مترا تحت الأرض، وتمتد تلك الماسورة بأخرى قطرها نحو 8 أمتار بعمق 100 متر تحت الأرض، وتم تشييع جثمان الطفلة عقب انتهاء إجراءات الطب الشرعي بمسقط رأس عائلتها.

وتلقى اللواء مجدي القاضي مدير أمن قنا إخطارًا يفيد وفاة الطفلة سارة إيهاب محمد القصير، البالغة من العمر عامين ونصف العام، إثر سقوطها بماسورة صرف صحي أثناء لهوها أمام منزلها، وتم انتشال جثة الطفلة، ونقلت إلى مشرحة مستشفى نجع حمادي المركزي.
الجريدة الرسمية