رئيس التحرير
عصام كامل

اقتصاد أردوغان بين الدعارة والحشيش


لا يجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مشكلة في الخوض بأي مجال أو تبرير قرارته مهما كانت سيئة، ما دامت ستعود على الخزينة بالمال، وتزيد من مؤشر النمو الاقتصادي في عهده، لأن التاريخ سيذكر أنه حقق نموا واضحا خلال سنوات حكمه الطويلة، ولن يتوقف عند مجالات المداخيل المالية سواء كانت مشروعة أو ممنوعة.


يتفاخر الرئيس التركي بالنمو الاقتصادي، حتى إن كان الاقتصاد هشا يسهل انهياره في أي لحظة، مثلما حدث خلال أزمة القس الأمريكي، التي اضطر أردوغان على إثرها إلى التراجع عن جميع قراراته رضوخا للإملاءات الأمريكية، كي يتوقف النزيف الاقتصادي وتتماسك الليرة التركية.

يستغل أردوغان اللقاءات الحزبية والحكومية للكشف عن خططه المستقبلية، والإيعاز للإعلام الموالي بتبرير الأفكار والترويج لها. وفي هذا الصدد فاجأ الرئيس التركي مسئولي البلديات بحديث غير متوقع عن البدء في زراعة الحشيش "القنب" كمصدر إضافي مهم للدخل وتعزيز الاقتصاد، وأحد حلول مواجهة بعض المشكلات التي تواجه تركيا.

يقول أردوغان إنّ "والدته اعتادت منذ زمن صناعة شبكة "شنطة" صديقة للبيئة من القنّب للتبضع فيها بدلًا من الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلّل.

حاول أردوغان تبرير ما طرحه لزراعة الحشيش في تركيا بأنه "الحل الأمثل في الحرب ضد البلاستيك في تركيا. وأنّ القنّب كان موجودًا في الأناضول بكثافة، لكن تمّ تدميره بطلب من (الأعداء) الذين تضاعف إنتاجهم له، وأصبحت تركيا تستورده منهم للاستخدام في مجالات صناعية متعددة. كما نبه أردوغان إلى قدرة القنب الفائقة على امتصاص العرق، لذا درجت تركيا منذ زمن على صناعة الملابس الداخلية من القنّب، وعلينا الاهتمامُ بهذا الموضوع الآن، بدلًا من استيراده من الخارج".

ثار جدل كبير في أعقاب طرح فكرة أردوغان الشائكة، خصوصا أن القنب محرّم شرعًا، والرئيس التركي "إخواني" من خلفية إسلامية ويدعي الالتزام ونصرة الدين!!.. لكنه يمهد الساحة التركية لزراعة "القنب" أساس صناعة المخدرات لا سيما الحشيش والماريجوانا، وصناعات أخرى متنوعة. استثمارا لسماح الحكومة قبل عامين بزراعة القنّب في بعض الولايات التركية، رغم وجود تشريعات تمنع الترويج له.

تبنى الإعلام "الموالي" الترويج لزراعة القنّب بطرق عدة، واعتبر رئيس معهد القنّب بمركز الدراسات الإستراتيجية الأوراسية (آسام)، إردم أولاس أنه "على مدى ٨ آلاف سنة من عمر البشرية كان للقنّب استخدامات متعددة، حيث وصفه السومريون بأنّه هبة من الله. ويمكن لتركيا أن تجني نحو ١٠٠ مليار دولار من إنتاج القنّب، أكثر من مليار دولار مقابل تصدير كل ١٠٠ طن من زيت النبتة.

بينما أسهب خبير آخر في شرح مضار البلاستيك على البيئة واستنزافه ملايين الدولارات لمعالجته وإعادة تدويره دون نتيجة، فضلا عن أن تركيا تعاني نقصا حادا في الورق وتعتمد بشكل كامل على استيراده من الخارج بنحو 200 مليون دولار سنويا، ومع زراعة القنب سيجري استخدامه في إنتاج الورق أولا ثم الأكياس بدلا من البلاستيك.

بعد طرح فكرة أردوغان تعهد الوالي عثمان بلجين بحصد القنّب في ولايته، التي تشهد نمو أكثر من مليوني نبتة قنّب بشكل طبيعي، وأنّهم لن يقوموا بحرقها بعد الآن، بل استثمارها بما يفيد الاقتصاد وتحقيق مداخيل تقدر بمليارات.

يسعى أردوغان إلى شرعنة وتقنين زراعة الحشيش لجني المال، بعد أن قنن الدعارة في تركيا بموجب قانون جنائي أعدته حكومة حزب "العدالة والتنمية" برئاسته وصادق عليه البرلمان في سبتمبر 2004.

وبعد دخول القانون حيز التنفيذ تضاعف عدد العاملات في الدعارة بنحو 220% خلال 8 سنوات فقط من حكم حزب "العدالة والتنمية" برئاسة أردوغان، حتى أن "تجارة الجنس" في تركيا باتت تحقق دخلًا سنويا يزيد على 4 مليارات دولار، وفي ظل الإقبال المتزايد على العمل في "الخدمات الجنسية"، حذر رئيس جمعية حقوق الإنسان والصحة الجنسية، كمال أودراك من أن العاملين في الدعارة غالبا ما يواجهون نهايات مأساوية كالقتل أو الانتحار، خصوصا بعد زيادة عدد العاملين في تجارة الجنس إلى أكثر من 300 ألف شخص!!

تعد تركيا من أكثر الدول ارتيادا بغرض السياحة، بسبب طبيعتها وتاريخها ومعالمها، لكن كان للدعارة المقننة رسميا أيضا دور في ازدهار هذا القطاع خلال السنوات العشر الأخيرة، الذي بات يحقق نحو 20 مليار دولار سنويا، تحولت معه البلاد إلى مركز جاذب للشعوب المحيطة، ومع ترخيص زراعة الحشيش ينتظر حدوث طفرة أخرى، ليعتمد اقتصاد أردوغان بشكل كبير على الدعارة والمخدرات.
الجريدة الرسمية