رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«المنطقة الآمنة» في سوريا.. فخ أمريكي للوقيعة بين روسيا وتركيا وإيران

الرئيس الأمريكي دونالد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

من جديد، يعود مقترح المنطقة الآمنة في سوريا إلى الواجهة، ليترجم صراع القوى داخل سوريا، فالبعض يراها بداية نهاية الصراع في سوريا، فيما يراها آخرون بداية لمعركة كبرى بعد أن ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكرة في ملعب الجميع برغبة وجود منطقة آمنة في شمال سوريا.

مشروع أردوغان
إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا، هي معركة أخرى يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتمريرها من أجل التأكيد على نفوذه بعد حصوله على محافظة إدلب وبقائها تحت نفوذه عبر الجماعات السورية المسلحة الموالية له، بعد اتفاق مناطق خفض التوتر في سوريا مع روسيا وإيران.

في خطاب للرئيس أردوغان، أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، قال إن تركيا هي من ستقوم بإنشاء المنطقة الآمنة، وستشمل ثلاث بلدات في سورية: الرقة والحسكة وحلب.

وفي فضح لمشروع أردوغان أظهر مسح أجرته وكالة الأناضول على الشمالي السوري، أن المنطقة الآمنة التي تسعى تركيا لإقامتها على طول الحدود مع سوريا وبعمق 32 كيلومترا، ستضم مدنا وبلدات من 3 محافظات سورية، هي حلب والرقة والحسكة.

وأوضح تقرير الأناضول أن مساحة المنطقة الآمنة التي تسعى تركيا لاقامتها تمتد على طول 460 كيلومترا، على طول الحدود التركية السورية، وبعمق 20 ميلا (32 كيلومترا).

وأورد الإعلام التركي تقارير عدة حول طبيعة هذه المنطقة وحدودها والمناطق التي تشملها، ناقلًا تصريحات لمسؤولين أتراك يتطلعون إلى إدارة بلادهم لـ"المنطقة الآمنة" المرتقبة التي تنهي من المنظور التركي، طموحات الأكراد السوريين الذين يخوضون حاليًا، مفاوضات مع دمشق لاحتواء التهديدات التركية اليومية.

الموقف الروسي
الموقف الروسي كان حازما تجاه المقترح الأمريكي بإنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا، حيث أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أن الجيش السوري هو من يجب أن يسيطر على شمالي البلاد.

وقال لافروف للصحفيين "نحن على قناعة بأن الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية وقوات الأمن السورية والهياكل الإدارية".

وتسعى روسيا لمد نفوذها تحت ستار الدولة السورية إلى الشمال السوري، لتجنب الخطأ الإستراتيجي في اتفاق مناطق خفض التوتر مع إيران وتركيا والذي مكن من بقاء الجماعات السورية المسلحة الموالية لإيران في عدة مناطق خارج الدولة السورية في مقدمتها محافظة إدلب التي أصبحت تحت سيطرة تنظيم "هيئة تحرير الشام" بقيادة الإرهابي أبو محمد الجولاني.

ولكن روسيا سيدة الصفقات في سوريا، فكل شيء لديها قابل للمساومات والصفقات، واستبقت لقاء القمة المنتظر بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في 23 يناير الحالي، ومن المتوقع أن يكون هناك صفقة روسية تركية حول ملفات منبج وإدلب والمنطقة الآمنة، ما تعيد موسكو لتصيح مسار اتفاق مناطق خفض التوتر.

وعدم وجود اتفاق روسي تركي يهدد بإشعال حرب جديدة في المنطقة عبر اذرع مختلفة، بين الجماعات المسلحة السورية الموالية لأردوغان، والجيش السوري والأكراد في سوريا.

إيران والمنطقة الآمنة
ورغم التعاون الإيراني التركي في سوريا وتقسيمها منطقة نفوذ إلا أن إيران ترفض إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، والتي تعتبر المنطقة ضد مخططها في سوريا، حيث يشكل إعطاء دور أكبر لتركيا في سوريا، وهو ما ترفضه طهران والتي تسعى لتكون أذرعها في كل مدينة سورية.

وتسعى إيران للحفاظ على مصالحها، فهي الطرف الأقل حضورا لدى الاكراد وأيضا لدى الروس، وهي تسعى عبر الحكومة السورية، لتغلغل في منطقة شرق الفرات والحصول على خيرات سوريا في هذه المنطقة وتأمين طريق "طهران-بغداد- دمشق- بيروت"، وهو ما أعلنته أكثر من مرة عن معارضتها لإنشاء منطقة آمنة على الحدود السورية، معتبرة ذلك مخالفة للقوانين الدولي.

الفخ الأمريكي
ورأى مراقبون أن طرح الرئيس دونالد ترامب، فكرة إقامة منطقة عازلة في سوريا، يشكل فخا لجميع الأطراف في سوريا، حيث القى الرئيس الأمريكي دونالد قنبلة في وجه الأطراف الفاعلة في سوريا وخاصة الدول الثلاث روسيا وتركيا وإيران.

المقترح التركي، فتح أبواب الصراع بين سوريا وتركيا وإيران، وهو ما يشير إلى أن أمريكا تهدف من الطرح المتكرر منذ بداية الأزمة السورية وحتى الآن.

نتائج القنبلة المنطقة الأمنة، أغرى أردوغان وأعلن عن مخططه الذي يضم 3 محافظات، فيما اعتبرت روسيا يعتبر هزيمة لتحركاتها ومخططها في سوريا، وهو ما أدى إلى تحرك روسي مكثف على الأرض بمقترح إدارة ذاتية مع الأكراد، وكذلك إعادة السيطرة الرمزية للحكومة السورية.

وبدأت إيران التحرك نحو الحكومة السورية واعادة قنوات الاتصال بين طهران والأكراد، لضمان الالتفاف على الفخ الأمريكي في سوريا، وإنقاذ مشروعها وطريق "طهران-بغداد-دمشق-بيروت".

يبدو أن التطورات الجديدة التي طرأت على الملفات العالقة في شرق الفرات وإدلب، وموضوع المنطقة الآمنة وموضوع انسحاب ترامب، وسيناريوهات ملء الفراغ، ستبقى رهن التجاذبات الروسية التركية الإيرانية في المنطقة، بما يهدد بوقوع حرب جديدة بمخطط أمريكي.
Advertisements
الجريدة الرسمية