رئيس التحرير
عصام كامل

بن جاسم «راعي الدمار» يقطر حقدًا


كشفت الأيام الماضية عمق المأزق القطري، نتيجة مغامرات ومؤامرات غير محسوبة العواقب دأبت عليها سنوات، فاضطر مسؤولوها صاغرين إلى تغيير مواقفهم السابقة، وفي الوقت نفسه الإساءة إلى مصر والتطاول عليها، وهذا دائما قدر الكبار من قبل الصغار الطارئين على التاريخ!


اتهم وزير الخارجية سامح شكري، كل من قطر وتركيا بزعزعة استقرار ليبيا، خلال مؤتمر مع نظيره المغربي، مشيرا إلى "رصد مصر ودول أوروبية محاولات إعاقة التسوية السياسية وإيجاد وسائل لاستمرارية المليشيات الإرهابية، عن طريق شحنات أسلحة قادمة من تركيا تم ضبطها وإيقافها، ما يهدد أمن مصر والدول المجاورة".. حينها تطاول أحمد الرميحي، مدير المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية القطرية، على مصر وحكومتها متهما إياها بـ "القمع والفشل والعجز عن معالجة القضايا الإقليمية والمجاورة لها". وكان حري به أن يثبت بالدليل براءة قطر من دعم مليشيات الإرهاب في ليبيا!!

زادت زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو مصر والأردن ودول الخليج، جراح قطر، ففي المؤتمر المشترك مع نظيره القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني، تصبب الأخير عرقًا، عندما تحدث بومبيو عن التصعيد ضد إيران وضرورة تشكيل "الناتو العربي".

استكمل الإحراج القطري وتغيير الأقوال والمواقف، بإذعان حكومة الدوحة لأوامر أمريكية بالتفاوض مع "رباعي المقاطعة" دون شروط مسبقة، لأن "ترامب يعتقد أن الأزمة الخليجية طالت أكثر من اللازم وتعود بالنفع على الخصوم".

وبعد أن كان وزير الخارجية القطري محمد آل ثاني يهدد طوال عامين بانسحاب الدوحة من مجلس التعاون الخليجي وتفكيكه، وأن بلده لا تقبل التدخل في سياستها وترفض الإملاءات، إذا به يستجدي "رأب الصدع"، معلنا استعداد "الدوحة لإجراء حوار بناء دون شروط مسبقة مع دول المقاطعة لحل الأزمة الخليجية، وهذا هو موقفنا من اليوم الأول، وأن مجلس التعاون يجب عدم تعطيله بسبب تصرفات بعض الدول"!!

أذعنت قطر وخضعت للحوار مع "الرباعي المقاطع" بلا شروط.. لكن ماذا سيكون موقفها عند تأسيس "الناتو العربي" لمواجهة إيران، وهي التي ترتبط بعلاقة وثيقة مع "نظام الملالي" وتعيش منذ المقاطعة في حماية قوات الحرس الثوري الإيراني والقوات التركية، فضلا عن أن إيران هي المنفذ الوحيد لها على العالم في ظل "الحصار الرباعي".. ارتبك وزير الخارجية القطري من حديث بومبيو عن التصعيد ضد إيران، لأن الدوحة ملزمة بعضوية "الناتو العربي" مع دول الخليج ومصر والأردن، وفي حال حدوث مواجهة عسكرية مع إيران ستكون انطلاقتها وإدارتها من قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر.

يكتمل "مثلث المأزق القطري" مع حمد بن جاسم "كبيرهم الذي علمهم التآمر والخيانة".. لا أحد ينسى إطلالة بن جاسم "المقيتة" يوميا عبر الفضائيات في ظل "فوضى ودمار اجتاح دولنا"، إذ كان يؤيد ويدعم تغيير أنظمة الحكم لتحظى "الإمارة الانقلابية الصغيرة" بالنفوذ والسيطرة.

حمد بن جاسم "الراعي الرسمي للدمار وممول فوضى الشارع العربي"، انتشى بتولي الإخوان الحكم في أكثر دولة عربية، وحين ظن أن مؤامراته أتت ثمرها جاءته الضربة المصرية من حيث لا يتوقع هو وشريكه حمد بن خليفة آل ثاني، وبسقوط الإخوان في مصر وبعدها بقية التنظيم في أكثر من دولة، أجبر "تنظيم الحمدين" على ترك الحكم في قطر وتسليمه إلى تميم، لكن ظل حمد بن جاسم يدير الأمور من بعيد، وسيقود الدوحة إلى التهلكة.

لم يغب بن جاسم عن الأضواء، ويطل كل فترة في مقابلة يبث خلالها سموم أفكاره، محاولا تقديم النصح للدول العربية، لكن أحاديثه "تقطر حقدا" خصوصا تجاه مصر، ورأيه مجرد تنظير يتناقض كليا مع ممارساته ومواقفه حين كان في السلطة أكثر من 20 عاما.

في إطلالته البغيضة قبل أيام، أساء بن جاسم إلى مصر وتطاول عليها، ثم انتقد السعودية، خصوصا ولي العهد.. والإمارات ضمنيا. لكنه حاول تجميل كلامه بأنه سعى لتوضيح الأمور لا التجريح!! 

يرى "الكذوب بن جاسم" أن "قطر خرجت أقوى من الأزمة الخليجية"، وتجاهل أنها "محتلة" من القوات التركية وهناك اتفاقية "مذلة" تمنع مساءلة أي جندي تركي مهما فعل، بل بمقدوره اقتحام أي مبنى في قطر حكومي كان أو خاص دون إذن.

يرى حمد أن "الأزمة أفرزت لغة منحطة في الميديا طالت الرموز والحي والميت"، ونسى أنه مؤسس وممول مدرسة الانحطاط الكبرى "الجزيرة". كما استغرب "موسم الحج إلى تل أبيب" وأن أغلب الدول العربية تتقرب لإسرائيل.. في وقت ترتبط فيه قطر مع إسرائيل بعلاقات دبلوماسية وتجارية كاملة منذ أكثر من 20 سنة!!

عن إيران قال "علاقتنا توطدت معها لأنها البوابة الوحيدة لقطر بعد الحصار ولا نقبل من إيران أن تهمشنا ولا نستطيع تهميشها".. إذن علينا أن نرى خضوعكم لأوامر ترامب عند تأسيس "الناتو العربي"!

أغرب ما في لقاء بن جاسم أنه ينصح أطراف الأزمة الخليجية العربية بـ "إنفاق الأموال على الشعوب وتنمية المواطن بدلا من دفعها في نزوة. والسعي إلى لملمة الجراح العربية"!!

يبدو أن بن جاسم أصيب بانفصام في الشخصية، فهو من أنفق المليارات لنشر الفوضى والدمار عربيا، وأسس "الجزيرة" لبث الفتن، وفتح الدوحة أمام المجرمين والمعارضين.. لكن صدق من قال "ما أبلغ (...) حين تتحدث عن الشرف"!!
الجريدة الرسمية