رئيس التحرير
عصام كامل

د. نادية زخاري وزيرة البحث العلمي السابقة: تعلمنا بالمدرسة إنه من العيب أن يسأل أحد «ما دينك»

فيتو

  • أكره التعامل بعنصرية بين الناس
  • كنت أذاكر لأبناء جيراني.. وتعلمنا بالمدارس أن الدين لله
  • "تربيت في أسرة ملتزمة بالعمل والمحبة.. وماكانش لينا في الهيافات

حياة علمية هادئة تتسم بالمودة والحب والرحمة والذوق العام مع جميع البشر، هي تلك التي عاشتها الدكتورة نادية زخاري وزيرة البحث العلمي السابقة طوال مسيرتها العلمية.
 
"فيتو" التقت زخاري لتفتح لنا قلبها وتروي جوانب خفية من حياتها الشخصية التي لا نعلم عنها شيئا، نشأتها والقيم التي تربت عليها وكيف ساهمت وأثرت تاريخ مصر العلمي.. وإلى نص الحوار:

بداية حدثينا عن طفولتك؟
كنت طفلة سعيدة لم أتعرض لأى مشكلات في فترة طفولتي، تربيت على العلم والحرية وممارسة الرياضات من سباحة وجري وبنج بونج، وهوايتي المفضلة كانت ومازالت الرسم، وساعدنا على ذلك والدي الذي كان يعمل مهندس ري في ذلك الوقت، وحينها كانت تلك الوظيفة من الوظائف المرموقة، ووالدتي لم تكن تعمل، وكلا هما خريجو مدارس فرنسية، وأنا دخلت مدارس إنجليزية، وطوال المرحلة الابتدائية والإعدادية لم أكن متكاسلة في المدرسة أو شاطرة، بل كنت في المستوي المتوسط إلى أن التحقت بكلية العلوم وحينها تفوقت.

هل كنت ترغبين في الالتحاق بكلية العلوم؟
لم أكن أرغب في الدخول لكلية بعينها كما يحدث مع بعض الطلبة الذين يرغبون في الالتحاق بالطب أو الهندسة وهكذا، لذا لم أشعر بإحباط وتخرجت في البكالوريوس بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وعينت معيدة سنة 1975 في المعهد القومي للأورام، وحصلت على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة القاهرة، وعملت عام 1999 أستاذا زائرا في كلية الطب بنيويورك، وترقيت لرئيس قسم بالمعهد القومي للأورام، وأصبحت وزيرة، وحاليا عضو في عدة لجان علمية منها عضو المجلس القومي للمرأة، وعضو مجلس أمناء الجامعة البريطانية، والمجمع العلمي، وعضو أكاديمية البحث العلمي، وعضو لجنة الثقافة العلمية بوزارة الثقافة.

هل كانت لديك الرغبة في أن تصبحي وزيرة؟
لم يكن في بالي أو لدى الرغبة في ذلك، كان كل ما أسعى إليه هو البحوث العلمية، والإشراف على رسائل علمية متميزة في تخصص الأورام، وخلال عام 2005 سمعت أن هناك سؤالا عني لكي يتم اختياري وزيرة ولم يتم حينها إلى أن جاء عام 2011، وتم تكليفي بمهمة وزيرة البحث العلمي.

وما إحساسك حينها؟
كان لدى شعور متضارب حينها فرحة بالمنصب، وخوف من ألا أستطيع تحمل المسئولية، وكنت أسال نفسي حينها هل سأكون على قدر المنصب والمهمة، وهل سوف أنجز في مجال البحث العلمي، وكنت كما يقال "بقدم رجل وأخر رجل"، وخلال فترة تولي الوزارة في عام ونصف العام تعلمت أشياء كثيرة لم أتعلمها طوال حياتي، واكتسبت خبرات كثيرة منها الإدارة والمواجهة والحزم والشدة، خاصة أاني قبل تولي الوزارة حياتي كلها كانت في العلم ومنحصرة على معهد الأورام، وتعرفت على شخصيات أكثر.

ما أهم القيم التي تربيت عليها في الأسرة؟
"حب الآخرين والالتزام في العمل والذوق العام مع كل الناس، والاهتمام بكل صغيرة وكبيرة في حياتنا، بصراحة في أسرتنا ماكانش لينا في الهيافات وكنا بعيدين عنها".

هل كان لك أصدقاء وجيران مسلمون وكيف كنت تتعاملين معهم ؟
في المدرسة كنت بدرس في اللغة العربية الدين الإسلامي وعرفته منها، وأدرك جيدا المحبة والتسامح التي يحتويها الدين الإسلامي بعيدا عن الأحداث التي يفعلها الإرهابيون وكل جيراني كانوا مسلمين، وبناتي لديهم أصدقاء مسلمون، وكان الجيران يتركون أبناءهم معي، ويرتاحون، خاصة أننى كنت أعرف اللغة الإنجليزية والفرنسية، وكنت أذاكر لهم مع بناتي، وعلاقتي بهم مرتبطة أكثر من إخوتي، لأنهم الأقرب لي في السكن، وإخوتي يسكنون بعيدا عني، وكذلك أصدقائي في المعهد والكلية ومن هاجر منهم خارج البلاد مازالت علاقتي بهم ممتدة، ولم يكن لي أصدقاء أقباط فقط فذلك مرفوض لدينا، فضلا عن أننا في المدرسة نشأنا على أنه من العيب أن يسال أحد ما دينك "ميصحش" كما أننا ليس لنا علاقة بالتعامل مع الإنسان على أساس دينه، بل كيفية التعامل والكيمياء بينا ومدي التجاوب وحبنا لبعض.

وماذا تعني مصر بالنسبة لك؟
"مصر هي كل حاجة لينا"مهما سافرت ولفيت كل دول العالم مصر فيها كل شيء، ولكن نحتاج إلى زيادة حسن المعاملة والذوق وحب الآخر، وأي مكان بسافر له منها روسيا وإنجلترا وفرنسا وأمريكا ولبنان العالم كله دول جميلة ولكن بحب أرجع مصر، رجوعك لبيتك له طعم ثاني "الأمان والراحة" وحاليا أعمل في المجلس القومي للمرأة دون أن نتقاضى أي مقابل مادي، ونخرج في قوافل مساعدات من أجل حب مصر وأهلها.

هل تعرضت لأزمات ومواقف طوال حياتك؟
حياتي العلمية في معهد الأورام كانت سلمية تماما بدون أي مشكلات، وحياة فيها سلام، بينما في الوزارة رأيت الفاسدين والخبثاء ومن له في "اللف والدوران" ومن يوصلون المعلومات خطأ، ولا يوضحون الحقيقة والصورة الكاملة، وشخصيتي تغيرت تماما من شخصية علمية وطيبة تصدق كل ما يقال لها إلى شخصية تعي كل شيء حولها، وتواجه الفاسدين ونجحت في منع بعض الفساد وقتها، وأستطيع إدارة أي أزمة أواجهها ولكن مادام تم حلها أنساها من ذاكرتي ولا أود أن أتذكرها.

برأيك كيف يتم وأد الفتنة الطائفية؟
عدم التعامل بعنصرية بين الناس،واتباع مبدأ عامل تتعامل، وطبيعي إذا تعاملت بحب وخير تجد نفس المعاملة من الآخر والعكس صحيح.

وما أكثر شيء تكرهه الدكتورة نادية زخاري؟
سؤال صعب لكن لا أحب التعامل بعنصرية ليس في الدين فقط ولكن في المستوى الاجتماعي والفكري والثقافي والاقتصادي، أحب الجميع يتعاملون باحترام مع غيرهم أيا كان شكله ولونه ووظيفته ومركزه.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...
الجريدة الرسمية