رئيس التحرير
عصام كامل

بعد حادث «منارة الشرق».. ألاعيب مافيا المدارس الخاصة في تزوير المستندات

صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه

المفاجآت التي تفجرت في ملف التعليم الخاص في أعقاب الحادث الذي شهدته مدرسة منارة الشرق بإدارة المرج التعليمية، الذي أسفر عن مصرع طالب وإصابة 7 آخرين بينهم اثنان في حالة حرجة، فتحت النار على مافيا تزوير المستندات لصالح بعض ضعاف النفوس من أصحاب المدارس الخاصة.


12 مدرسة
اللواء يسري عبد الله، مدير الهيئة العامة للأبنية التعليمية كشف النقاب عن وجود أكثر من 12 مدرسة داخل إدارة المرج التعليمية وحدها تعمل بتراخيص ومستندات مزورة منذ عام 2014 أي قبل 4 سنوات من الآن، وتلك المدارس محالة ملفاتها إلى جهات التحقيق، التصريحات التي أطلقها مدير الأبنية التعليمية جاءت في أعقاب التعليمات التي أصدرها وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور طارق شوقي بحصر المدارس المخالفة والتحقيق في وقائع مخالفاتها.

عشرات المدارس المخالفة

المفاجأة التي كشفتها مصادر بوزارة التربية والتعليم أن المدارس التي تعمل دون صدور تراخيص رسمية، أو لديها إنشاءات مخالفة لاشتراطات هيئة الأبنية التعليمية لا تقتصر فقط على منطقة المرج، وأن محافظتي القاهرة والجيزة تمتلكان النصيب الأكبر من تلك النوعية من المدارس، وأعدادها تصل إلى العشرات على مستوى الجمهورية.

ألاعيب

وبحسب المصادر؛ فإن بعض تلك المدارس تتحمل كثافات طلابية ضخمة رغم أن مبانيها ربما لا تتسع لكل هذه الكثافات، وبعض المدارس الخاصة تقوم بضم مبان أخرى لا تنطبق عليها اشتراطات الأبنية التعليمية، وتقوم بتسكين الطلاب بها بعد تحويلها لفصول مدرسية، والأمر لا ينتهي عند هذا الحد، فهناك ألاعيب أخرى يلجأ إليها البعض من خلال إنشاء مبان في أماكن بعيدة عن المدارس من أجل جمع أكبر مبلغ من المال، وعدم الخضوع للقانون، والهروب من القرارات المنظمة لعمل تلك المدارس.

سماسرة الإدارات

وحسب المصادر؛ فإن واحدة من الكوارث الكبرى التي يبتلى بها التعليم المصري في ملف التعليم الخاص، تتمثل في سماسرة الإدارات التعليمية والمديريات، وهؤلاء في الغالب عبارة عن موظفين داخل الإدارات التعليمية، أو قيادات سابقة بالمديريات أو الإدارات التعليمية، ويتولى هؤلاء عملية تمرير المستندات، أو إخفاء الحقائق مستغلين في ذلك علاقاتهم بزملائهم السابقين في العمل، ومستغلين أحيانًا أخرى ضعاف النفوس ممن يقبلون الرشاوى في شكل هدايا وربما في شكل رواتب شهرية من أصحاب تلك المدارس نظير غض الطرف عما يحدث.

وفي الغالب تكون تعاملات السماسرة عبارة عن حلقة وصل بين موظفي الإدارة التعليمية والمديرية، وبعضهم يتصل ببعض موظفي ديوان عام الوزارة من أجل تحقيق مصالح أصحاب المدارس المخالفة.

مافيا

وحلقة التواصل بينهم تكون في الغالب عن طريق اللقاءات المباشرة بعيدًا عن أعين الجهات الرقابية، ويختاروا لذلك مجموعة من المقاهي البلدي في عدد من الأحياء الشعبية لصعوبة رصدها، وفي الغالب يستخدمون في مكالماتهم الهاتفية إشارات بعيدة حتى إذا تم تسجيل المكالمات لا يفهم الغرض منها.

ويوجد داخل الإدارات التعليمية عدد من الإدارات المهمة التي تمثل أهمية قصوى، وهي إدارة شئون الطلبة والامتحانات لأنها هي التي تمتلك سجلات الطلاب ودرجاتهم في صفوف النقل، وإدارة التعليم الخاص المسئولة عن ملف المدارس الخاصة من الناحية الفنية والإدارية، والتوجيه المالي والإداري المسئول عن الأمور المتعلقة بالشق المالي، بجانب إدارة المتابعة والشئون القانونية التي تؤول لهما تقارير المخالفات في نهاية المطاف، وإما يتم التعمية على تلك التقارير أو يتم إحالتها إلى النيابة أو رفعها للجهة الإدارية الأعلى لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.

تقرير صادم

تقرير معاينة مدرسة منارة الشرق الصادر عن الهيئة العامة للأبنية التعليمية، مؤخرا، كان صادمًا عندما كشف عن مفاجأة أخرى تمثلت في حالة البيروقراطية في اتخاذ القرارات المناسبة تجاه بعض المخالفات الجسيمة، التي قد تؤدي إلى أن تصبح المدرسة مكانًا للموت كما حدث في حالة المرج الأخيرة.

مستندات مزورة

فالتقرير أشار إلى أن المدرسة ورقمها التعريفي ١٢٣٠٠٩ وهي كائنة بشارع عمرو المتفرع من شارع العدل بالمرج الغربية وتم ضم مبنى سكنا عبارة عن أرضي مظلة وأربع طوابق إلى المدرسة واستخدامه كفناء رياض أطفال بالأرضي وفصول بباقي الطوابق وهو المبنى الذي تم سقوط أجزاء جبسية وطوب من سور سطحه على الأطفال فحدثت الكارثة والمدرسة حاصلة على موافقة تشغيل من الهيئة عام ١٩٩٦ كمدرسة للتعليم الأساسي بمجموع فصول ١٠ فصول أساسي دون الصف السادس وبكثافة ٣١ طالبًا في الفصل، ووفقًا لترخيص المدرسة المسجل باللائحة الداخلية بتاريخ ١٠يونيه ٢٠٠١ تم إضافة ٢٠% إليها رغم أن المدرسة مسجلة لدى الهيئة باعتبارها تعمل جزئيا بواقع ٨ فصول فقط، وتم تسجيل مخالفة أثناء مرور لجنة من الهيئة عام ٢٠٠٤ لتشغيل باقي الفصول بالمخالفة وتعلية المبنى طابقين هما الثالث والرابع بالمخالفة، وتم زيادة فصول المدرسة إلى ٢٢ فصلا أساسيا بإجراءات مزورة. وقامت المدرسة بتعديلات بالمبنى المضاف بوضع كرانيش على الواجهة.

حصر كامل

من جهته، قال اللواء يسري عبد الله مدير عام الهيئة العامة للأبنية التعليمية، في تصريحات خاصة، إن الهيئة تعمل حاليا على إعداد ملف كامل بالمدارس المخالفة التي تعمل بإجراءات مزورة، وأوضح أن العدد كبير دون أن يفصح عن رقم محدد.

برلماني يخالف القانون

ولفت إلى أن الدكتور طارق شوقي وزير التعليم يجري متابعة دقيقة لما يحدث، وأنه توجد حالة مخالفة بناء أخرى في مدرسة فيكتوريا كوليدج بالإسكندرية وهي إحدى مدارس المعاهد القومية، التي يرأس مجلس إدارتها أحد نواب البرلمان، الذي اتخذ خطوات جادة بإنشاء مبنى جديد للمدرسة دون الحصول على الموافقات الرسمية، ويسعى حاليًا النائب البرلماني إلى توفيق أوضاعه.

أرواح الطلاب

وشدد "يسري" على أن الهيئة لن تتهاون في تطبيق القانون، مشيرًا إلى أن الأمر عندما يتعلق بأرواح الطلاب فلا يمكن غير تطبيق القانون، لافتًا إلى أن الهيئة دورها هو ضمان تطبيق معايير السلامة والأمان، واعتماد الرسومات الهندسية من الناحية المعمارية، مع ضرورة حصول المدرسة على ترخيص بناء من الحي التابعة له.

فحص ملفات

وتابع أنه بالنسبة للمدارس المخالفة في البناء تقوم الهيئة بفحص ملفاتها، والاطلاع على شهادات الأحياء، وإثبات صلاحية المبنى من خلال اشتراطات الدفاع المدني، وفي تلك الحالة سيتم تشكيل لجنة ثلاثية لاتخاذ القرار اللازم في توفيق الأوضاع، أما المدرسة التي لن ينطبق عليها ذلك فلا بد من إزالة مبانيها لخطورتها على الطلاب.

وتناقش وزارة التربية والتعليم مقترح أن يمنح أعضاء الأبنية التعليمية حق الضبطية القضائية من أجل تفعيل وتطبيق القانون والابتعاد عن البيروقراطية. وأوضح مدير الأبنية أن بعض المديريات التعليمية والإدارات تتلقى العديد من المخاطبات بشأن اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المدارس المخالفة وبرغم ذلك تحدث مماطلة كبرى من البعض.
الجريدة الرسمية