رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

د. مراد وهبة: السادات فصلني بسبب تقرير مخابراتي وسوزان مبارك منعتني من الكتابة

فيتو



  • عبد الناصر اختارنى مستشارا
  • الرئاسة اعتبرنى أخطر أستاذ بالجامعات على النظام السياسي للسادات
  • تجديد الخطاب مسئولية النخبة وليس رئيس الجمهورية 
  • على النخبة التواضع والاستفاقة من النوم
  • فاروق حسنى لا يزال يحرك وزارة الثقافة من خلال رجاله
  • مدرس الفلسفة تنبأ لى في الثانوي بأن أصبح فيلسوفا عظيما
  • عبد الرحمن بدوى قرأ بحثى ثم كتب "صاحب هذا البحث له مستقبل عظيم في عالم التأليف"
  • الإخوان يحكمون كليات التربية والجامعات منذ السادات وحتى الآن
  • لا بد من تيار يواجه تيار ابن تيمية حتى يخرج العالم العربي الإسلامي من ورطته
  • فصل الدين عن الدولة مستحيل والعلمانية لا تعني ذلك
  • فصلوني من المدرسة بسبب بيت شعر امرؤ قيس 
  • كنت طالبا فاشلا في الثانوية.. والتحقت بالجامعة بالواسطة 
  • هذه قصة قريبى أنور إبراهيم مع عبدالناصر 
  • فصلت المدرسة جمال عبدالناصر فامتنع التلاميذ عن دخول الفصول حتى يعود للمدرسة.
  • الأصولية الآن هي أصولية القرن 13 ونحن نعيش خارج الحضارة
  • تتلمذت على يد العبقري عبد الرحمن بدوى وتنبأ لى بما حققته 
  • ابن رشد ضحية ابن تيمية..أوروبا استفادت من فكره.. وكفره المسلمون 




أجرى الحوار: محمد نوار
عدسة: حسام عيد


هو مفكر وفيلسوف مصري، اسمه مذكور في موسوعة الشخصيات العالمية كأحد أكثر 500 شخصية شهرة في العالم، عينه الرئيس عبد الناصر مستشارا له لشئون التعليم في السر، وتم فصله من الجامعة أيام السادات، بسبب تقرير لمخابرات الرئاسة عنه وصفه أنه أخطر أستاذ في الجامعات على النظام السياسي، وفي زمن مبارك منعته تعليمات "سوزان مبارك" من الكتابة في الصحف والمجلات، عبد الرحمن بدوي قرأ بحثه وهو طالب ثم كتب: "صاحب هذا البحث له مستقبل عظيم في عالم التأليف".

يرى أن من يقف ضد العلمانية إنما يقف ضد نظرية دوران الأرض حول الشمس، واجه الكثير من المعارك، بداية من تأخر رسالته للدكتوراه، مرورًا بعرقلة نشر كتبه، وليس نهاية باتهام محاضراته أنها تساعد على نشر الإلحاد. 

من مؤلفاته: المذهب في فلسفة برجسون، محاورات فلسفية في موسكو، وفلسفة الإبداع، ومستقبل الأخلاق، وجرثومة التخلف، وملاك الحقيقة المطلقة، والأصولية والعلمانية، وقصة الفلسفة.

إنه المفكر الدكتور مراد وهبة الذي يفتح خزائن ذكرياته ومعاركه لـ "فيتو" في السطور التالية:

* كيف كانت نشأتك وإلى أي مدى كانت سببًا في توجهك إلى دراسة الفلسفة؟
نشأت في أسرة وفدية، تعتز بصور زعماء الوفد التي تزين البيت، وتتميز أنها لا تتعصب لرأي، كنت متفوقا في الابتدائية، فاشلا في المرحلة الثانوية معرضا للفصل في أي وقت، بسبب تمردي على نظام الدراسة، الحفظ كان أساسيا وكنت أسخر منه، في المرحلة الثانوية سخرت من تدريس الفرنسية، طلب مدرس المادة من المشرف إبعادي من حصته قائلا: "أنا أو مراد!!".

جاء المشرف وهو على باب الفصل: تعال ولا تتكلم، قلت: لا بد أن أتكلم.. وفعلا تكلمت نحو ثمانية دقائق، الشيء المدهش أني لاحظت المشرف صامتا، وفاجأني: أنت تعلمت المنطق فين؟ قلت: أبدا أنا بدافع عن نفسي، قال: بسبب هذا المنطق أنت معفى من أي عقاب، حدث هذا أمام المدرس الذي طلب عقابي، وهذا هزني، كانت مشكلتي الدائمة أن "معظم المدرسين يستسهلون ويقرأون من الكتاب"!

*احكِ لنا عن سر اتجاهك إلى الفلسفة وقصتك مع العلمي والأدبي في المرحلة الثانوية؟
حصلتُ على 54% في الثانوية وكنت أحلم بالطب أو كلية العلوم لكن بسبب ثلاث درجات فقط تبدد هذا الحلم، ولأني من أسرة وفدية وكان أخي رئيس اتحاد طلاب الوفد وعميد الكلية وفدي تم تجاوز كل الشروط التي تلزم للالتحاق بكلية الآداب سواء درجات اللغات أو قسم الفلسفة لا بد أن يكون أدبيا وأنا علمي، افعل ما شئت طالما كنت وفديا.

وفي الثانوي قرر مدير المدرسة إلحاقي بالقسم الأدبي وكانت رغبتي القسم العلمي فرفضت، إلا أنه طلب التحاقي بالأدبي أسبوعا وإذا لم يعجبني أعود للعلمي، وافقت، واخترت التركيز في حصة الفلسفة، وإذا بمدرس الفلسفة يقول: اللي يشوفك كده يقول هاتطلع فيلسوف عظيم، رديت بانزعاج: لأ، أنا موجود أسبوع مؤقتا وسأرجع إلى العلمي، قال: خسارة، هذا المدرس أصبح أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة القاهرة هو الدكتور أحمد فؤاد الأهواني.

جاءتني الفرصة لكي أنقد أسلوب الدراسة عندما درسنا بيت الشعر المعروف "مكر مفر مقبل مدبر معا.. كجلمود صخر حطه السيل من عل" وضحك الزملاء بصوت عال، وبالمصادفة كان مدير المدرسة يمر أمام الفصل، فدخل وسأل عن الضوضاء التي تحدث، فأشار مدرس العربي إليَّ وقال "هذا التلميذ السبب"، دافعت عن نفسي بأنني أنقد بيت الشعر لا أكثر سخر الناظر قائلا : وأنت بشار بن برد؟ قلت: لا بشار ولا غيره أنا بدافع عن نفسي فقط، قال المدير: أنت مفصول ولا تحضر ولي أمرك وتأتي كل يوم في مواعيد المدرسة وتنصرف في موعد الانصراف، فعلا حدث فذهبت إلى المكتبة، واتجهت إلى الكتب الفلسفية لكي أتعرف على هذا العالم.

*ما الموقف الذي كان بمثابة نقطة فارقة في حياتك؟
طلب منا الأستاذ الكبير صغير السن عبد الرحمن بدوي بحثا في ثلاثين ورقة، وإذا به في إحدى المحاضرات يقول: "فين مراد وهبة؟" ثم قال: سأقرأ التعليق الذي كتبته على بحثك وهو عشرة أسطر، ثم قرأ: "صاحب هذا البحث له مستقبل عظيم في عالم التأليف.."، كنت في السنة الثانية وهذه الكلمات كانت خير محفز، كما أنني تعلمت من الجزائري أبو مدين الشافعي الذي كان هاربا من الجزائر ومحكوما عليه بالإعدام، وكان حاصلا على الدكتوراه في علم النفس وقدمني للعالم الكبير يوسف مراد الذي تبناني، أذكر هنا أستاذ رائع درس لنا الفلسفة الإسلامية في السنة الثانية الدكتور محمود الخضيري، كان يقرأ نصوص ابن سينا ويشرحها، خاصة أن الفلسفة الإسلامية معقدة للغاية، وكنت أعلق عليها، فقال ذات مرة: مداخلاتك تلفت نظري وأحب أن نناقشها مع الزملاء، هذا الأستاذ حببني في الفلسفة الإسلامية.

* كيف بدأت علاقتك بالإخوان؟
عينت مدرسا في عام 1947 في قرية الصف، حيث لا ماء ولا كهرباء وكنت أستحم على مياه السقا وأقرأ على لمبة الجاز، وتم نقلي إلى أبو كبير شرقية 1950، وأيضا لا ماء ولا كهرباء وكانت مركزا مهما للإخوان المسلمين، منعت من تدريس الفلسفة وتوطدت علاقتي بهم، أكثر من الشيوعيين الذين كانوا يصدرون جريدة وكانوا يأخذون رأيي في بعض القضايا، إلا أن الإخوان أحبوا طريقتي في تدريس اللغة الإنجليزية وكانوا يتجمعون لهذا الغرض وكنت أنا أحرضهم على الثورة ضد النظام الملكي، لأنني كنت أرى أن النظام الملكي فاسد.. وعلاقتي بالإخوان بدأت في الكلية مع محمود فودة وهو قيادة مهمة، وكان بعيدا عن الأضواء، وكان هناك ثلاث قيادات مهمة هم: محمود أمين العالم "ممثل الشيوعيين"، محمود فودة "ممثل الإخوان المسلمين"، والسوري سامي الدوروبي "ممثل البعثيين"، عينه عبد الناصر بعد ذلك سفيرا لسوريا أثناء الوحدة، وكان أيضا بديع الكسم الذي كان يمتاز بقوة الحجة في السياسة والفلسفة، كان من تلاميذه بعد ذلك حافظ الأسد، ورفض أن يتولى وزارة التعليم عندما تولى الأسد الحكم، وقال له: أنت ضابط عسكري.. وأنا أستاذ فلسفة لا يمكن أن يحدث التفاهم بيننا، وإن جاء بعد ذلك شقيقه عبد الرءوف الكسم رئيسا للوزراء.

* ما قصة فصلك من الجامعة أيام السادات واتهامك أنك رجل تحمل أفكارا خطيرة؟
في عام 1977 كنت مدعو من جمعية فلسفية في أمريكا برئاسة العراقي محسن مهدي الأستاذ في جامعة هارفارد، للاشتراك في مؤتمر علمي في سان فرانسيسكو، وكان موضوع بحثي "ابن رشد والتنوير" أشاد الجميع به إلا أن محسن مهدي قال: لفت نظري البحث أنه في القرن الثالث عشر بدأت الرشدية اللاتينية تشتعل، لكن لا يوجد ماجستير أو دكتوراه في أوروبا عن فترة القرن الثالث عشر التي بدأت بترجمة ابن رشد، هذه المعلومة كانت بمثابة صدمة لي فاقترحت على المؤتمر عقد مؤتمر "الفلسفة الإسلامية" في القاهرة وحضراتكم مدعوين، الجميع وافق على الدعوة في الوقت الذي لم يكن في جيبي دولار واحد.

رفض عميد الكلية ثم رئيس الجامعة د.محمد كامل ليلة، ووافق الدكتور عبد الرحمن بيصار شيخ الأزهر فوافق بطرس غالي وزير الدولة للشئون الخارجية بعد رفضه تماما، اعتذر الدكتور محسن المهدي ومن معه عن عدم الاشتراك، أبلغته أن المؤتمر سيقام مهما كانت الظروف وكان عنوان المؤتمر "مرافقة ابن رشد.. ميت في الشرق.. حي في الغرب" ونجح المؤتمر بشكل كبير لكني لم أنس موقف محسن المهدي فدعوته عن طريق وحدة الدراسات الإنسانية التابع لجامعة عين شمس، وعندما جاء سألته عن سبب الاعتذار قال لأنه قيل لنا: "إنك تحمل أفكارا خطيرة".

وبعد نجاح مؤتمر ابن رشد قررت إقامة مؤتمر ثان بعنوان "مستقبل الحضارة الإسلامية"، لكن السادات ألغى المؤتمر وتم فصلي من الجامعة بلا مبرر، وبعد عودتي للجامعة قرأت تقرير مخابرات الرئاسة عني وكان عدة كلمات: "أخطر أستاذ في الجامعات على النظام السياسي ".. المغزى هنا أنا أستاذ الجامعة الوحيد الذي فُصلت من كليات التربية وبالتالي وراء هذا القرار الإخوان، لأنهم يحكمون كليات التربية منذ السادات حتى الآن.. بل يحكمون جميع الجامعات.. بل لا أبالغ أنهم في كل مفاصل المؤسسات الدولية، ألمانيا تعاني وجود الإخوان، بلجيكا تغير في القوانين لمحاصرة الإخوان، أوباما كان لديه ستة مستشارين من الإخوان.

* ما سر اهتمامك بابن رشد والغزالي وابن تيمية؟
تأملت وقرأت ابن رشد وما حدث معه، اتضح أن ابن رشد قدم لنا ثلاثة كتب بالترتيب: "فصل المقال"، "مناهج الأدلة"، و"تهافت التهافت"، ويعني هذا أن الغزالي كان يشكل خطورة، وأنه يتحكم في المشرق العربي وبدأ تأثيره في المغرب العربي، حاول ابن رشد إيقاف تأثيره في المغرب العربي، اكتشفت أن الكتب لم تأت بنتيجة بسبب هجومه على الغزالي وحرق كتبه، وجاء "ابن تيمية" في القرن الثالث عشر ليكفر ابن رشد ويعلن أن" إعمال العقل في النص الديني رجس من عمل الشيطان وبدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار"، ثبت أن ابن رشد ليس له تأثير، وكل التأثير فقط للغزالي وابن تيمية ثم انفرد ابن تيمية بمفرده، وظهرت الوهابية في السعودية والإخوان في مصر، وهما أحفاد ابن تيمية، وأذكر هنا تصريح محمد بن سلمان ولي العهد السعودي أنه طُلِبَ من السعودية بعد الحرب الباردة أن تشيع الوهابية العالم، وهنا إشارة إلى أمريكا والغرب كانا وراء هذا.

* وكيف ترى سبل الخروج من هذا المأزق كما تسميه؟
حتى يخرج العالم العربي الإسلامي من هذه الورطة لا بد من تيار يواجه تيار ابن تيمية، وليس هناك سوى ابن رشد، أنني لا أعتبر ابن رشد تراثا، أعتبره حيا حتى الآن، نحن نعيش القرن الثالث عشر، نحن لا نعيش التراث بل ما زلنا نصنعه، وما زال ابن تيمية يتحكم فينا وما نطالب به الاستجابة له ضعيفة جدا للأسف، والحل لا بد أن تفيق النخبة من سباتها العميق وعليهم التواضع والتحرر من القيود التي يصنعوها، الرئيس السيسي طالب بتجديد الخطاب الديني، ليست وظيفة الرئيس تجديد الخطاب الديني لكن هذا دور النخبة، وطالما هم لا يفعلون شيئا فإن النتيجة كارثة، وإلا استخدمت القوة، وللقوة حدود، لهذا لا بد للعقل والفكر أن يعملا وإلا سنظل في القرن الثالث عشر.

*ماذا كنت تقصد بمقولتك الشهيرة: "عالمنا العربي محكوم بثلاث أصوليات"؟
نعم.. قلت وكتبت أن عالمنا العربي محكوم بثلاث أصوليات: اليهودية والمسيحية والإسلامية، في كوبنهاجن وفي نهاية المؤتمر طلبت الكلمة وقلت: الشرق الأوسط محكوم بثلاث أصوليات، اليهودية والمسيحية والإسلامية، والمطلوب تأسيس تيار علماني، طبعا هاجمني شخصان حماس والليكود، ورغم عداوتهما المتبادلة، فإنهما اتفقا على رفض فكرتي، وهما يمثلان الأصولية الإسلامية واليهودية.

*كيف يمكن فصل الدين عن الدولة وهو جزء من حياة الناس ومعتقداتهم؟
العلمانية ليست فصل الدين عن الدولة، ومستحيل فصل الدين عن الدولة، رئيس الدولة من حقه أن يكون له دين، هل ممكن أن نقول له: لا تمارس شعائر دينك، والسؤال: هل يمكن فصل الدين في المجتمع؟ مستحيل.. لا تستطيع منع الناس من الصلاة أو الذهاب إلى الكنيسة أو المسجد أو العلاقات بينهم التي يتحكم فيها الدين. 

والأصولية اليوم هي أصولية العصور القديمة، أصولية القرن الثالث عشر، وبالتالي نحن نعيش خارج الحضارة، ما حدث من بابا الفاتيكان في القرن السادس عشر، حدث في القرن العشرين من الشيخ ابن باز، إذن نحن في حالة انزعاج من القرن السادس قبل الميلاد رفضوا فكرة دوران الأرض والقرن السادس عشر أيضا، ويؤكد ذلك ابن باز عندما يخرج ويعلن أن من يقول إن الأرض تدور حول الشمس كافر، السؤال لماذا؟

وقد نجحت الرشدية في أوروبا وفشلت لدينا نظرا للبيئة التي ظهرت فيها، في أوروبا بدأت في أثينا، جزيرة فيها تجارة وليس فيها ثبات ونحن بيئة زراعية ثابتة وهو ما يؤثر على العقلية الإنسانية، زعيم السفسطائيين أن الإنسان مقياس كل شيء وبالتالي لا يوجد حقيقة ثابتة.

* ما قصة تعيينك مستشارا للرئيس الراحل جمال عبد الناصر؟
كان بيني وبين جمال عبد الناصر تعاطف خفي، قبل رحيله بستة أشهر تم تعييني مستشارا له للتعليم سريا وكان مكتبي في القصر الجمهوري، وقد تمثلت سلبية عبد الناصر في تركه وزارة التعليم لكمال الدين حسين بما يحمله من أفكار إخوانية، وهذا يظهر حالة التدين الخفي لعبد الناصر كان يتصور أنه يمكن أن يحدث فصل بين التدين والإرهاب من جانب الإخوان، على الرغم مما حدث معه منهم، كمال الدين حسين ألغى الفلسفة في المرحلة الثانوية وأعادها عبد الناصر، فتم إبعادي وتعنت الجميع إلا أن رسالة في البريد لعبد الناصر أعادت الحق لي وبأثر رجعي، لولا عبد الناصر ما كنت عدت للجامعة.

* كيف كانت طبيعة علاقتك بالرئيس السادات؟
حالتي مع السادات ظاهرة لا أجد لها تفسيرا، كانت فترته أكثر فترة عُقدت فيها مؤتمرات فلسفية وعلى الرغم من هذا فصلني من الجامعة، وكانوا يرسلون ضابط أمن دولة يأخذ رأيي في بعض الموضوعات.

* كيف ترى حال وزارة الثقافة في مصر؟
وزارة الثقافة لا تزال تدار برجال فاروق حسني ولا تقدم شيئا للمجتمع، لو نشطت قصور الثقافة ستكفي لتغيير مصر.

* ما سر الموقف الذي اتخذته منك سوزان مبارك، وما حكاية منعك من الكتابة؟
فترة حسني مبارك كان فيها ازدواجية، رحب بي ذات مرة في حفل رئاسي في قصر التين وقال عني: إني أشهر من النار على العلم، وفي الحفلة نفسها كان السفير الريدي مع سوزان مبارك فقال لها: هذا أعظم مفكر في الشرق الأوسط، تركته متجاهلة ما قاله ومشيت، وحدث أن طارق حجي كان يتولى إدارة مكتبة مصر الجديدة واتفق معي على ندوة، إلا أن سوزان منعتني واستقال طارق حجي من المكتبة، وحدث أن أسامة سرايا طلب مني تليفوني مرتين حتى أكتب في الأهرام، ولم يتصل بي بعد ذلك، حدث هذا قبل 25 يناير، كتبت في روز اليوسف فترة لكن عبد الله كمال رحمة الله عليه اعتذر بحجة الظروف الإدارية، وسألت محمد هاني زميله قال: لن يجرؤ أحد أن يقول لك السبب.

بعد 25 يناير كتبت عندما اتصل عبد العظيم حماد قائلا: الآن تستطيع الكتابة في الأهرام، وعلق الأديب إبراهيم أصلان قائلا ساخرا: هو لازم تقوم ثورة حتى يكتب مراد وهبة في الأهرام.. سيظل الدور السادس في الأهرام هو مرآة تعكس توجه المجتمع.

* حدثنا عن قصة قريبك الذي كان مدرسا لعبد الناصر ثم عينه بعد ذلك مديرا لمكتبه.
هو فكري إبراهيم ابن شقيق جدي مدرس لغة إنجليزية، هذا الرجل له قصة مهمة، كان يدرس لجمال عبد الناصر في مدرسة النهضة بالفجالة، حدث بعد قيام ثورة 23 يوليو أن التقيت به، فسألني مين قائد الثورة، اندهشت وقلت محمد نجيب طبعا، رد فكري قائلا ليس محمد نجيب إنما هو جمال عبد الناصر، مين عبد الناصر؟ قال: تلميذي في الثانوي وله موقف لا ينسى، كان دائما يتحدث في السياسة ويقود المظاهرات، وفي إحدى المرات تم فصله، فوجئنا في اليوم التالي أن جميع طلاب المدرسة يرفضون الدخول إلى الفصول إلا بعد عودة جمال عبد الناصر، وهذا يوضح من البداية أن عبد الناصر كان يتمتع بالزعامة، وأضاف فكري أنه التقى قبل قيام الثورة جمال في سوق روض الفرج فسألته: إيه الأخبار يا جمال؟ فرد: هتسمع أخبارا كويسة، من هنا استنتج أنه القائد الفعلي للثورة، أرسل فكري إبراهيم إلى عبد الناصر خطابا يخبره أنه تعب من التدريس، وأنت تقول ارفع رأسك، وأنا كل ما أرفع رأسي تقع، فوجئ فكري بمندوب يحضر إليه، وعينه عبد الناصر مدير مكتبه لشئون الترجمة.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...
Advertisements
الجريدة الرسمية