رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«القاهرة السينمائي».. والقوة المدمرة


أوجزت فأنجزت الفنانة كارول سماحة بتغريدة قصفت بها جباه كثيرة تقول: "للأسف نحن في زمن جوع الشهرة وبأي ثمن... والآتي أعظم".. تغريدة سماحة أيدها الجميع على "تويتر" وأشادوا برقي كلمات محملة بالمعاني والإسقاطات على الضجة المثارة في الساحة الفنية.


لم تنجر كارول إلى مهاترات و"ردح" مهاجمي ومؤيدي رانيا يوسف بسبب "الفستان الفاضح"، الذي تناولته وكالات الأنباء العالمية، باعتباره الحدث الأبرز في مهرجان "القاهرة السينمائي الدولي"، بعد أن مر مرور الكرام ولم يشعر به أحد!!

أثبت "القاهرة السينمائي" للمرة المليون أن "المبالغة والاندفاع" سمة مصرية أصيلة، فعلى صعيد إدارة المهرجان تجلت الحماسة، في الإعلان عن تكريم المخرج الفرنسي كلود ليلوش وسرد بصماته العالمية، ثم سحب التكريم أمام ضغط التواصل الاجتماعي، لأن ليلوش من مؤيدي الصهيونية، وتسبب ذلك في حرج شديد لمصر دوليا، وهو ما أشرت إليه في مقال سابق نهاية أكتوبر الماضي، كما استفاضت الإدارة في الحديث عن التجديد في المسابقات والأفكار الجديدة، وهذا أيضا لم يشعر به أحد ولم يهتم به الإعلام، لأن إدارة المهرجان لم تتمكن من استقطاب أسماء عالمية لامعة.

لا ننكر أن الافتتاح تضمن لمسات مختلفة ومتنوعة فرضتها آلية الاحتفال بالدورة الأربعين، مع الاستعانة بنخبة فنانين في التقديم، لكن مع هذا طغى على الافتتاح الإطلالات الغريبة والعارية للفنانات على البساط الأحمر، واللافت أن رانيا يوسف ارتدت بدلة شتوية محتشمة لم تظهر أي جزء من جسدها بما فيها قبعة على رأسها، لتأتي في الختام وتتعرى إلا من "مايوه" كشف أماكن حساسة من جسدها.. ولم تكن وحدها "العارية" بل هناك ممثلات كثيرات تبارين في التعري ومن تكشف أكثر من الأخرى!! 

لم تتوقع رانيا رد الفعل الغاضب على تعريها ولم تحسب حساب المبالغة والاندفاع المصري، لأنها نفسها سلكت السلوك نفسه في البداية ثم اضطرت إلى التراجع والكذب عندما وصل الأمر إلى القضاء والنائب العام وباتت مهددة بالسجن.

انتشت رانيا بالضجة المثارة حول إطلالتها، وظلت تنشر على حساباتها في التواصل الاجتماعي أغلب ما يأتي على ذكر فستانها في الصحف والمواقع الإلكترونية والتلفزة، بما فيها الصور الفاضحة للفستان "من الخلف والأمام" ولقطات الفيديو لاستعراضها على البساط الأحمر، وكذلك تصدرها "ترند تويتر"..

هذه النشوة والفخر بالضجة المثارة والشهرة حتى إن كانت سلبية، تحولت في اليوم التالي مع سيل التهديد وبلاغات النائب العام وإحالتها للقضاء، إلى إصدار "بيان وتوضيح" لا يتضمن كلمة "اعتذار واحدة"، بل تبريرات غير مقنعة تؤكد إصرارها على "الفعل الفاضح" وإحالة الأمر إلى رأي خبراء الموضة والأزياء، وأنها تتمسك بالقيم والعادات والتقاليد التي تربينا عليها!!

لم يفد بيان رانيا، بل زاد الطين بلة، واستمر الهجوم عليها، فأي قيم وتقاليد تربى عليها الشعب المصري تجعله يرتدي ملابس تكشف أكثر مما تستر، وفي حفل مهرجان دولي تعرضه التلفزة ويشاهده الملايين!!

رانيا وسواها أحرار فيما يرتدين في حياتهن الخاصة وبعيدا عن الكاميرات حتى إن اخترن التعري تماما، لكنها ليست حرة في إفساد أجيال تقلد الفنانين وتؤثر عليهم سلبا بمثل هذه الإطلالة المشينة.

اضطرت رانيا إلى مداخلات تليفزيونية استعطفت فيها الناس وتحدثت عن تهديدات وصلتها وأسرتها، وأنها لم تتعمد إثارة ضجة، وكذبت بأن "بطانة الفستان رفعت دون أن تنتبه".. ولو كان هذا صحيحا لكانت سارعت إلى طلب عدم تداول الفيديو وأوضحت أن "البطانة مرفوعة"، لكنها "أخذتها العزة بالإثم" وظلت تنشر بنشوة وفخر فيديو الفستان وكل ما ينشر عنها، وعندما وجدت نفسها قريبة من السجن اختلقت كذبة البطانة!!

فضيحة رانيا يوسف والتهديد باستجواب وزيرة الثقافة بسببها، أجبرت نقابة الممثلين على إصدار بيان تؤكد فيه أن "مظهر بعض ضيفات المهرجان لا يتوافق مع تقاليد المجتمع وقيمه وأساء لدور المهرجان والنقابة، وأنها ستحقق مع من تراه تجاوز في حق المجتمع، وسيلقى الجزاء المناسب، رغم إيمانها بحرية الفنان الشخصية إيمانا مطلقا"..

المشكلة أنه بعد البيان بقليل نفت النقابة أن تكون قصدت به رانيا يوسف، بمعنى أنها تتعاطف معها!!.. والأمر نفسه تكرر مع رئيس اتحاد النقابات الفنية عمر عبد العزيز، الذي رفض وصول مشكلة رانيا يوسف إلى المحاكم، مكتفيا بأن النقابة ستحقق معها، والأغرب أنه اعتبر "البلاغات ضد الفنانين حملة على الفن، وأن الفنانين بقوا الحيطة المايلة"!!

نفهم دفاع رئيس النقابات الفنية عن ممثلة، لكن ليس من حقه أن يهدر قيم المجتمع كله من أجلها، خصوصا أنها أطلت في حفل مهرجان رسمي بمظهر فاحش ثم روجته عمدا عبر حساباتها.. وكان أجدر به أن يتوقف مليا لدراسة الفن الذي يقدم منذ سنوات وصدعونا بأنه "قوة ناعمة" والحقيقة أنه بات "قوة مدمرة" يبرز ويروج أسوأ ما في المجتمع ولا يعزز القدوة والقيم، يقلد الغرب في التوافه والمفاسد ولا يأخذ عنهم ما من شأنه إصلاح المجتمع وتنوير المتلقي، ومع هذا يتقاضى أهل الفن ملايين مقابل توافه الأعمال!!
Advertisements
الجريدة الرسمية