رئيس التحرير
عصام كامل

الفقر وتنمية دول حوض النيل


ضجة كثيرة في جميع أنحاء العالم من قضية "جمال خاشقجي" إلى "سيزار سايوك" مرسل العبوات الناسفة في الولايات المتحدة الأمريكية، وإلى التصعيد في الأراضي المحتلة إلى مأساة الروهينجا في ميانمار.. تغيب الأنظار عن أحداث في غاية الأهمية في بلاد نهر النيل.


فشل كامل لجنوب السودان في المحافظة على المصالحة الهشة التي توسط فيها حكومة السودان وإعلان الخرطوم. إلى تعيين السيدة "سهلي ورق زودي" رئيسة للجمهورية، وإلى خبر في غاية الأهمية عن رسو عطاء بناء سد استراتيجي في تنزانيا سد "ستيجلرز جورج" على حوض نهر "روفيجي"، وهو أكبر مشروع طاقة كهرومائية في أفريقيا على شركة المقاولون العرب.

وهو يبدد أسطورة لطالما روجت لها إسرائيل والقوى المعادية لمصر، بأن القاهرة ترفض المشاركة في تنمية دول حوض النيل الأبيض ونهر الكونغو، وهذا الخبر بالذات الذي مر عليه كثيرون مرور الكرام، أثار انزعاجا واضحا في الأوساط الإسرائيلية التي لطالما ملأت الفراغ الذي تركه غياب الاستثمارات العربية.

أتت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السودان لتنشيط علاقات يحتاج إليها الشعبان.. وبعيدا عن صخب وتعقيد علاقات دول الخليج النفطية، فإن دول نهر النيل هي أكبر وأقوى كتلة مائية وزراعة ومعدنية وبشرية في الشرق الأوسط، فبعد أن كانت دول الهلال الخصيب هي الأمل المنشود في الأمن الغذائي والمائي العربي، فإن تعقيدات السياسة والحروب والتطرف قد مزقها، ويصعب أن تستعيد مكانتها، خاصة بعد أن قل المتدفق من نهر الفرات إلى سوريا والعراق.

خاصة أن دجلة والفرات ينبعان من تركيا، وأن سد أتاتورك المقام منذ عام 1998 يستهلك كميات ضخمة في الرقعة الزراعية التركية، لكن من مرتفعات رواندا وبوروندي منبع النيل الأبيض حتى الخرطوم، حيث يلتقي النيل الأبيض مع النيل الأزرق من إثيوبيا حتى السد العالي، ثم إلى مصر مرورا بالدلتا رشيد ودمياط حتى المصب في البحر الأبيض المتوسط، نحن نتكلم عن رقعة هائلة من الأراضي والمياه لو أحسن استخدام المتاح من البنية التحتية، ثم أضيف عليه مشاريع قنوات وسدود جديدة غير خطرة، مثل سد النهضة المتعثر- لشهدنا طفرة زراعية يمكنها إطعام العالم بأجمعه.

من الحقائق المؤسفة أن مئات ملايين البشر يتضورون جوعا، بينما تهلك أوروبا وأمريكا سنويا ملايين الرؤوس من الماشية وعشرات ملايين الأطنان من الغذاء للمحافظة على الأسعار.

هذا الكوكب يمكنه إطعام جميع سكانه خمس مرات، لو تعلم المزارعون عندنا أن يزرعوا بالطرق الحديثة، وتعلم المزارعون في الغرب أن يزرعوا بطريقة اقتصادية، فكل دولار دعم للمزارعين في أوروبا أو أمريكا ندفع نحن منه 64 سنت تقريبا من خسائر وإقصاء عن سوق التجارة الدولية.
الجريدة الرسمية