رئيس التحرير
عصام كامل

الحلم الضائع لإنقاذ المحاصيل الزراعية.. اتحاد مربي الدواجن يتراجع عن تطبيق الزراعة التعاقدية.. شركات الدولة أول من «باع» الفلاح.. وخطوة غير مسبوقة تنقذ الموقف

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

في محاولة متأخرة من وزارة الزراعة، لإنقاذ ما يمكن انقاذه، وتشجيع الفلاحين على زراعة محاصيل زراعية بعينها، أعلن وزير الزراعة عز الدين أبوستيت في منتصف أغسطس الماضي، رعايته لتعاقد بين الجمعيات الزراعية واتحاد مربي الدواجن، لتسويق الذرة الصفراء من الطرف الأول للأخير، في سابقة تحدث لأول مرة مع هذا المحصول المهم الذي تستورد مصر منه 8 ملايين طن سنويا ترهق مخزون العملة الصعبة وتهدر المنتج المحلي.


ولأن الرياح دائما تأتي بما لا تشتهي الأنفس، لم يكتمل الاتفاق، وتراجع منتجو الدواجن عن التعاقد، بسبب أزمات في إدارة التسويق لدى الجمعيات الزراعية من جانب، واعتراض المربيين على السعر الذي كان مرتفعا عن سعر السوق بقرابة 300 جنيه أمن جانب آخر، فأصبح التعاقد الذي أشرف عليه أبو ستيت، كالحبر على الورق ليسجل فشلا جديدا في تفعيل منظومة الزراعة التعاقدية التي دائما ما ادعت الوزارة أنها الحل الوحيد لتسويق محاصيل المزارعين.

التجار
مجدي الشراكي رئيس جمعية الإصلاح الزراعي، أكد أن عدم تفعيل الزراعة التعاقدية سببه التجار الذين يشجعون الاستيراد على حساب الإنتاج المحلي، وبالتالي تسببوا في أزمة لن تنتهي للمزارعين الذين سيعزفون عن زراعة الذرة، رغم أهميتها كمحصول إستراتيجي بسبب عراقيل التسويق التي لم تنجح الوزارة في حلها رغم رعايتها لتوقيع العقود مع الاتحاد التعاوني.

أما الدكتور نبيل درويش رئيس اتحاد مربي الدواجن، فأكد من جانبه أن الاتحاد لم يكن راضيا عن الأسعار من البداية، وكان يريد التفاوض عليها لتخفيضها، خاصة أنها أعلى من الأسعار العالمية التي نستورد بها الذرة، وبالتالي لا يوجد منتج سيجد مستلزمات إنتاج بسعر منخفض ويذهب إلى الأعلى سعرا.

ومن جانبه، قال خالد حماد مدير الاتحاد التعاوني الزراعي، إن إنجاح الزراعة التعاقدية بين المزارعين والشركات يجب أن يسبقها استعدادات، منها أن تكون للجمعيات الزراعية الإمكانيات للتخزين والتسويق، وهو ما لا يتوافر الآن لدى أغلب الجمعيات، وعند توافره يمكننا الحديث عن الزراعة التعاقدية، لكن في الوقت نفسه لا يوجد أي مبرر لتراجع الاتحاد العام لمربي الدواجن عن استلام المحصول من المزارعين، بعد أن تم توقيع البتروكول مع الاتحاد برعاية وزير الزراعة، وتشكيل لجنة عليا لمتابعة استلام وتوريد الذرة من الجمعيات للشركات، وتراجع المربيين يعتبر تخليا عن دورهم في تكامل المنظومة الزراعية.

التنسيق
مصادر بوزارة الزراعة أكدت أن الأمر يحتاج إلى تنسيق أكبر، ودراسة عميقة لحالة الجمعيات الزراعية وطبيعة المنتج الذي تحتاجه الشركات المتعاقدة على شراء المحصول، عبر نظام الزراعة التعاقدية، حيث ظهرت أزمة دخول التجار كوسيط على الخط بين مربي الدواجن والمزارعين، فاشتروا من المزارع بسعر أقل وباعوا للمربي بسعر 3500 للطن، وهو أقل من المحدد في عقد التسويق بـ300 جنيه، مستغلين قدرات الجمعيات الزراعية الضعيفة في النقل والتخزين والتسويق، هو ما يجب دراسته بعناية قبل الإقدام على خطوة أخرى للزراعة التعاقدية.

مرة أخرى يظهر شبح الاستيراد، ليفشل التعاقد بين المزارع والشركات المستهلكة برعاية الوزارة، بعد أن تملص عدد من شركات القطاع الخاص عن استلام محصول القطن من مزارعي وجه بحري، وهو ما سارت عليه أيضا الشركة القابضة للغزل والنسيج، بعد أن تخلوا عن اتفاقهم مع وزارة الزراعة لشراء القطن من المزارعين بأسعار الضمان المحددة سلفا، ولجأوا إلى الاستيراد من الخارج بأسعار وجودة أقل من القطن المصري، وفق ما أكد الدكتور عادل عبد العظيم رئيس صندوق تحسين الأقطان بوزارة الزراعة ورئيس معهد بحوث القطن، الذي أوضح أن تدخل وزير الزراعة وحل أزمة القطن بضمان وزارة الزراعة، لجمعية منتجي الأقطان لدى البنوك لتغطية تكلفة شراء القطن هو أمر يحدث لأول مرة، وأنقذ الموقف ودعم موقف الفلاحين بشكل كبير.

وأكدت المصادر أن تراجع الشركات، خاصة الشركة القابضة المملوكة للدولة، عن شراء القطن مثلا ضربة موجعة للفلاحين، مشيرا إلى أن التراجع الذي حدث من الشركة القابضة، فتح الباب أمام القطاع الخاص للمضاربة بالسعر، وتخفيضه إلى أدنى مستوياته، وتسببوا في هزة كبيرة في الثقة بين الفلاح والدولة، وهو ما قد يترتب عليه تراجع الفلاحين عن زراعة القطن خلال الموسم المقبل، بعد جهود مضنية بذلتها الوزارة من أجل إعادة جسور الثقة بين المزارع والدولة.

وأوضح المصدر أن هناك تخبطا بسبب عدم التزام الشركات بالعقود، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن تتراجع مساحات القطن الموسم المقبل، بعد أن وصلت إلى 366 ألف فدان عقب الهزة الكبيرة التي حدثت قبل عامين، بتراجع المساحات إلى 110 آلاف فدان، وكانت هي الأقل في تاريخ مصر منذ بدء زراعة القطن في عهد محمد على باشا.


"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية