رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

انكسار العامل الوراثي..هل تسبب «خسوف الجين» في كارثة طماطم 023؟

فيتو

ارتفعت أسعار الطماطم خلال الفترة الماضية بصورة ملحوظة، حيث وصل متوسط سعر الكيلو 10 جنيهات، وتساءل العديد من المواطنين عن السر وراء الارتفاع الجنوني لأهم الخضروات، التى يعتمد عليها الشعب المصري في تجهيز معظم أكلاته، وهو ما دفع الدولة إلى الاستيراد من الخارج لإنقاذ الموقف.


ارتفاع الأسعار جاء بسبب أزمة إصابة زراعات الطماطم من صنف 023 بفيروس تجعد واصفرار الأوراق، وهو ما أحدث قلقا في الأوساط الزراعية بشكل عام نظرًا لغموض العامل الأساسي المتسبب في انتشار الفيروس في 6 آلاف فدان، والتسبب في نقص محصول الطماطم خلال ذلك الوقت من العام.


«فيتو» تحاول في التقرير التالي البحث بشكل مختلف عن الأسباب العلمية لتفشي هذا الفيروس في زراعات الطماطم، وهل يمكن أن يتكرر ذلك مستقبلا أم لا؟ خاصة أن الأزمة الحالية رفعت سعر الطماطم إلى 10 جنيهات للكيلو في أقل تقدير، فنحن هنا لا نتحدث عن طماطم مشكوك في صلاحيتها للاستخدام بل نتحدث عن فيروس يمنع نمو الثمار من الأصل.


اقرأ أيضا..الذبابة البيضاء.. المتهم الرئيسي في أزمة تلف زراعات الطماطم

في تقرير سابق كشفنا أن انتشار فيروس تجعد الأوراق في الطماطم سببه الأول هو حشرة الذبابة البيضاء الناقل “الحصري” إذا صح التعبير لهذا الفيروس، لكن وفقًا لمصادر مسئولة بوزارة الزراعة فإن أبحاثًا جديدة نُشرت في مجلات علمية عالمية خلال العامين الماضيين، أشارت إلى إمكانية انتشار فيروس التجعد في الطماطم من خلال البذور، وهو ما يعمل على التأكد منه معهد بحوث أمراض النبات إلى جانب الحجر الزراعي برئاسة الدكتور أحمد العطار أستاذ الفيروسات في الأصل، الذي وجه بإجراء تحليلات الكشف عن فيروس التجعد على بذور الطماطم الواردة من الخارج.

الأزمة في الأصل تتبع إحدى شركات القطاع الخاص الرائدة في مجال البذور، هي التي باعت صنف طماطم «023» للمزارعين من خلالها أو عن طريق وكلائها المنتشرين، وتعتبر المتهم الأصلي حتى الآن، وهو ما يدعيه المزارعون المتضررون من شراء تقاوي وشتلات الشركة.

وكشف الكتيب الدعائي لصنف «023» الذي تسوقه الشركة المتهمة ببيع بذور مصابة، اختلافا جوهريا في مواصفات الصنف، الذي كان يباع في الأصل خلال السنوات الماضية كصنف مقاوم لفيروس تجعد واصفرار الأوراق في الطماطم المعروف بـ«TYLCV»، حيث خلا الكتيب الترويجي الجديد لصنف «023» الخاص بالشركة من تلك المواصفة المهمة، بالمقارنة بكتيب سابق عن الصنف نفسه للشركة نفسها تضمن مقاومة الصنف للفيروس.


إلى جانب إمكانية زراعة صنف «023» حتى شهر يونيو، أي قدرته على الاستمرار والإنتاجية خلال الأجواء الحارة، وهو ما ورد أيضا ذكره في الكتيب القديم ولم يشار إليه في الكتيب الجديد الذي قصر فترة الزراعة على شهور مارس وأبريل ومايو فقط، وهو ما يدلل أن الصنف فقد ميزته في مقاومة فيروس التجعد ومقاومة الحرارة، ويأخذنا ذلك إلى تساؤل مهم وهو هل فقد الصنف الصفة الوراثية المميزة له وهو مقاومة فيروس «TYLCV»؟


الدكتور سعيد خليل الأستاذ بمعهد الهندسة الوراثية بمركز البحوث الزراعية يجيب عن ذلك أن ما حدث في زراعات صنف الطماطم «023» من الإصابة بفيروس تجعد واصفرار الأوراق، هو احتمالية انكسار الصفة الوراثية داخل الصنف المطروح كصنف مقاوم لفيروس تجعد واصفرار الأوراق، لأنه إذا كان الجين الخاص بمقاومة الفيروس ضعيف في الأصل فإنه لا ينتج البروتين الخاص به، المسئول عن مقاومة الفيروس، وبالتالي يكرر الفيروس نفسه زيادة على 10 ملايين مرة في الخلية الواحدة، ويسيطر بشكل كامل على النبات الذي لا تكتمل حياته، وإن اكتملت فإنها لا يطرح ثمارا.

وأكد خليل، أن الزراعة في مصر تواجه مأزقا فيما يخص إنتاج الخضر والفاكهة نظرا لأن التقاوي مستوردة من الخارج بنسبة 100% وبالتالي فهي تكون غير ملائمة للأجواء المصرية، خاصة مع التغيرات المناخية التي يواجهها العالم، وهو ما يعرض أي محصول بستاني لنَقص أو انعدام الإنتاجية في أي وقت بسبب تغير الظروف المناخية بشكل مفاجئ، مشيرًا إلى أن العوامل الوراثية لها التأثير الأكبر في فشل زراعات الطماطم من صنف «023» أكثر من العوامل الجوية التي لا يتجاوز تأثيرها الـ20%.

فيما أكدت تحاليل معهد أمراض النبات إصابة عينات من زراعات طماطم صنف «023» بفيروس تجعد واصفرار الأوراق، بينما خلت من الإصابة بمرض موزاييك الدخان وتبرقش الطماطم.


وورد في تقرير لجنة مكونة من باحثين في قسم بحوث الخضر بمعهد بحوث البساتين يوم 12 / 8/ 2018، أن المشاهدات في الحقول للنباتات المزروعة شهر يوليو ظهرت عليها أعراض الإصابة الفيروسية من التفاف وتجعد واصفرار الأوراق، مما أدى إلى تقزم النباتات والبراعم الحديثة وبالتالي وقف النمو الخضري والزهري وبالتالي لا يوجد عقد أو إثمار وانعدام المحصول الذي يؤدي في النهاية إلى تقليع النبات وتكبد المزارعين خسائر كبيرة.


التقرير أفاد أيضا أن النباتات التي زرعت في مواعيد شهر مايو وأوائل يونيو تلاحظ بها زيادة في النمو الخضري وعقد الثمار، ومنها ما هو في مراحل الثمار الخضراء وبعضها في مراحل التلوين الأحمر، إلا أن البراعم الحديثة المزروعة في وقت لاحق ظهرت عليها أعراض الإصابة الفيروسية، وهو افتراض لحين التأكد بالتحاليل المعملية إلى جانب أن المحصول بتلك الزراعات غير اقتصادي، وكما يلاحظ ظهور ندبة في بعض الثمار المشاهدة على النباتات، ولم تلاحظ في نباتات أخرى، وهذا يدل على اختلاف في شكل الثمرة في الغيط الواحد، كما يمكن القول إن محصول الثمار الموجود في النباتات لا يرتقي لأن يكون هجينًا للطماطم وهذا معلوم لدى أساتذة علوم التربية أن الهجن تتميز بقوة الهجين المتمثلة في التجانس وقوة النمو الخضري والمحصول العالي والتماثل في شكل الثمار.


وكشف تقرير اللجنة أيضا أن أحد المزارعين الذي خضع حقله للمعاينة وهو "كامل فريد عبد الفتاح السعدني" من قرية الشجاعية الطريق الدولي – العلمين، الذي سجلت اللجنة عن زراعات الطماطم 023 لديه أن بها إصابات فيروسية شديدة للزراعات المتأخرة بنسبة إصابة 85%، علاوة على أن المزراع زرع هجينًا آخر وهو 186 ولم تظهر عليه أي أعراض للإصابة الفيروسية.



النقطة الأخيرة تُدلل على أن ربما تكون هناك مشكلات بصنف 023 جعلته غير مقاوم للحرارة ولفيروس تجعد واصفرار الأوراق نتيجة انكسار العامل الوراثي، وبالتالي انتشار الإصابة خاصة أن حشرة الذبابة البيضاء كانت منتشرة بشكل كبير وفقا لمشاهدات اللجنة في تقريرها، وهي الحشرة المسئولة عن نقل المرض ونشره، في حين أن هجينا آخر وهو 186 قاوم الفيروس وأنتج ثمارا.


بينما قالت مصادر بمركز البحوث الزراعية تعليقا على احتمالية إنكسار العامل الوراثي المقاوم لفيروس تجعد واصفرار الأوراق بصنف طماطم 023، أن هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى انكسار  الجين المقاوم للفيرس منها التسميد الزائد عن الحد أو أستخدام أسمدة ومخصبات مغشوشة تتسبب بتفاعلها مع الجين في منعه من إفراز البروتينات اللازمة لمقاومة الفيروس، إلى جانب تأثير الظروف البيئية والمناخية على العوامل الوراثية، ويمكن أيضا لبرامج الري الخاطئة أن تؤثر على الصفات الوراثية للأصناف لذلك يجب مراجعة كل تلك العوامل قبل الحكم على إنكسار الجين المقاوم لفيروس التجعد.


 وأشار إلى أن مصر تستورد 100% من تقاوي وبذور الخضر والفواكه والدول المنتجة لها تعمل على مراجعة الصفات الوراثية للأصناف كل عام ولو كانت اكتشفت انكسار العامل الوراثي لكانت أبلغت قبل مواعيد الزراعة بشهور.

 

المصدر أضاف إن هناك احتمال آخر وهو "خسوف الجين" أي أن العامل الوراثي لم يؤدي الغرض منه في تلك الفترة بسبب شدة الإصابة نظرا للانتشار الكثيف لحشرة الذبابة البيضاء المسئولة عن نقل الفيرس، ولكن الجين متواجد في الصنف ويمكن أن ينشط في العام المقبل ويقاوم الإصابة وينتج الثمار دون مشكلات.


شتلات طماطم مصابة بفيروس التجعد والاصفرار 



وأكد المصدر إنه يجب مطابقة العينات التي يتم تحليلها وراثيا و بستانيا مع الصنف، قبل تحليلها ولا يجب أن يتم استلام عينات من المزارعين وتحليلها  فعلى الجهات المعنية بذلك أن تسحب العينات اللازمة عن طريق متخصصين ويجب أن تتطابق العينات مع الشروط الواجبة للتحليل من حيث عمر النبات في مرحلة المجموع الخضري ومطابقتها للشروط السابق ذكرها

 

ولفت إلى أن الجزم بانكسار العامل الوراثي يمكن في حالة مطابقة الصنف مع الخريطة الجينية الأصلية للصنف من بلد المنشأ، إذا وجد أن الجين المسئول عن مقاومة فيروس تجعد واصفرار الأوراق اختفي إذا وقتها نستطيع الجزم أن السبب هو انكسار العامل الوراثي.


Advertisements
الجريدة الرسمية